ترجمة - إسلام فرج

الوباء يفاقم الكارثة والوضع يشبه أيام الحرب العالمية الأولى

حذرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية من الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان، والتي تعد الأسوأ في تاريخه الحديث، فالمجاعة باتت تهدد معظم سكانه على غرار المجاعة التي وقعت في الفترة بين 1915 -1918.

وبحسب تقرير لـ «أبي تشيزمان»، ففي الأسبوع الماضي وحده فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 40 % من قيمتها، بينما يراقب الملايين من الناس مدخراتهم ورواتبهم تختفي، مع وصول تضخم أسعار الغذاء إلى ما يقرب من 200 %.

ونقل التقرير عن أحد المتسوقين في سوق بمخيم شاتيلا للاجئين في بيروت، قوله: قبل أزمة الدولار، كان راتبي الشهري كمساعد محاسب مستقل يكفي لـ 15-20 يومًا. بينما يكفي الآن لمدة 5 أيام فقط. أعتقد أنهم سيجعلوننا جميعا على الأرجح نترك وظائفنا في نهاية يوليو. نحن نقترض من السوق لتناول الطعام لبقية الشهر.

انهيار الليرة

ولفت التقرير إلى أن الليرة اللبنانية خسرت أكثر من 80 % من قيمتها منذ أكتوبر، عندما بدأت الاحتجاجات المناهضة للفساد على الصعيد الوطني تهز البلاد، مضيفا: على الرغم من ربط عملتها منذ عقود بالدولار عند 1500 ليرة للدولار، إلا أن الناس يستخدمون الآن على نطاق واسع قيمة الليرة في السوق السوداء كمرجع للقيمة الحقيقية للعملة.

ومضى يقول: وفقا لتقرير حديث للأمم المتحدة صدر في أبريل، كان أكثر من نصف سكان البلاد يكافح من أجل توفير الحاجات الأساسية، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 56 % منذ أكتوبر. تشير النتائج الأولية إلى أنها ارتفعت بين منتصف مارس ومايو بنسبة 50 %.

1.5 مليون لاجئ

ونبه التقرير إلى أن الوضع يزداد صعوبة مع تسارع الوباء وارتفاع البطالة، والانخفاض في الأجور وتضخم الأسعار، خاصة مع استضافة لبنان حوالي 1.5 مليون لاجئ.

وأردف يقول: لم يعد اللاجئون وغيرهم من الأشخاص الضعفاء هم الذين يشعرون بالقلق بشأن القدرة على إطعام عائلاتهم، حيث يواصل الاضطراب الاقتصادي في لبنان الخروج عن نطاق السيطرة.

ونقل عن مارتن كورلتز، الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأمريكية في بيروت، قوله: من المساعدة التي قدمها برنامج الغذاء العالمي، كان بإمكان اللاجئين توفير بعض الطعام في الماضي. كانوا قادرين على استهلاك بعض العدس، وبعض اللبنة وما إلى ذلك. لكن نادرا ما كانت الخضار والفواكه صعبة. وكان اللحم غير وارد. إن ما يثير القلق الآن هو أن غالبية اللبنانيين يسيرون على مسار مشابه.

وتساءل كورلتز: هل يمكن للبنان أن يتجه إلى تكرار مجاعة 1915 -1918 التي خسرت فيها نصف عدد السكان، مجيبا «بالتأكيد».

سيناريو خطير

وأردف كورلتز بقوله: بحلول نهاية العام، سنشهد 75 % من السكان يحصلون على معونات غذائية، ولكن السؤال هو ما إذا كان سيتم توزيع طعام. من المؤكد أننا سنشهد في الأشهر القليلة الجديدة سيناريو خطيرا للغاية يتضور فيه الناس جوعا ويموتون من الجوع وآثاره.

ولفت التقرير إلى أن سعر الكيلوجرام الواحد من اللحم كان يباع بـ 11 دولارا، بينما يباع الآن بـ 33 دولارا.

ونقل عن كورلتز، قوله: إن احتمال انتشار الجوع على نطاق واسع في لبنان يثير مخاوف متزايدة بشأن الموجة الثانية من فيروس كورونا، حيث من المرجح أن يموت الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

وتابع تقرير الصحيفة البريطانية: وفقا لمسح نشره برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، فقد 3 من أصل 4 سوريين في لبنان وظائفهم أو ليس لديهم دخل.

ونقل عن عبدالله الوردات، المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي في لبنان، قوله: إن برنامج الأغذية العالمي يقدر الآن أن 83 % من 1.5 مليون سوري يعيشون هنا بأقل من 2.90 دولار في اليوم، وهو الحد الأدنى المطلوب للبقاء حيا.

الوباء والأزمة

ونوهت «ديلي تلغراف» بأن لبنان كان ينزلق نحو انعدام الأمن الغذائي منذ عقود، حيث تركت البنية التحتية المتداعية ونقص استثمارات الدولة وسوء الإدارة السياسية، القطاع الزراعي يسهم بنسبة 3 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

وتابعت: مثل كل قطاع في لبنان، الزراعة مليئة بالفساد والتجار الأقوياء يستغلون المزارعين والمستهلكين. الآن، تسبب الوباء والأزمة الاقتصادية في انهيار نهج لبنان غير المستدام تجاه كل جزء من اقتصاده تقريبا.

وأردفت: النتيجة أن لبنان يستورد ما يصل إلى 80 % من طعامه، مما يجعله عرضة لتقلبات الأسعار والآن انهيار عملته. وما يجعل الأمور أسوأ، أن معظم المستوردين يضطرون إلى استخدام الدولار عند شراء السلع بينما يدفع عملاؤهم داخل لبنان المقابل بالليرة.

ومضت تقول: بحسب مسؤول في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن هناك ركيزتين أوليتين للأمن الغذائي، أولاهما الحصول على ما يكفي من الغذاء في البلد، والثانية أن يكون لدى الأشخاص القدرة الشرائية.

ضربة مزدوجة

ونوهت الصحيفة بأن لبنان يواجه ضربة مزدوجة تضرب كلتا الركيزتين. ونقلت عن هاني بوشالي، رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية والمشروبات، قوله إن الواردات تراجعت بالفعل بنحو 50 % عن العام الماضي.

وتوقع تقرير الصحيفة البريطانية أن تزداد الأمور سوءا مع اضطرار مستوردي المواد الغذائية لشراء الواردات على سعر السوق السوداء المتزايد باستمرار.

ونقل عن الدكتور كورلتز، قوله: يحتاج لبنان إلى حوالي 500 مليون دولار سنويًا لاستيراد المواد الغذائية، خاصة وأن 13 % فقط من أراضيه صالحة للزراعة.

وتابع يقول: إذا قمت بإجراء العمليات الحسابية، فلن يتمكن لبنان من إطعام سوى حوالي 130 ألف شخص سنويًا. إن أزمة الغذاء تحتاج إلى تدخل أجنبي. إن إنقاذ هذا البلد أرخص بكثير من السماح بانهياره، خاصة لدولة قدمت خدمة لأوروبا من خلال استضافة اللاجئين.