محمد العصيمي

حين انطلقت تلك الرصاصات الكثيفة الباغية، لتغتال الكاتب والباحث العراقي، الدكتور هشام الهاشمي، أمام منزله في بغداد، أصدر العالم تصريحات وبيانات سمجة ثم سكت سكوتاً مريباً لا يُمكن أن يُفهم أو يُحمل إلا على محمل النفاق السياسي والإعلامي. الغرب بالذات، الذي يتسيد تحريك العالم سياسياً وإعلامياً، يُتقن لعبة هذا النفاق ويوظفها بحسب الحالة وبحسب أهدافه ومصالحه.

على سبيل المثال قد يكون العالم بإزاء حالة قتل خاطئة فإذا المصلحة الغربية تُجيش جنودها، على المستويين المحلي والعالمي، لتنفخ في هذه الحالة إلى درجة أن تضيق بها الأرض بما وسعت من كثرة هذا النفخ. في المقابل تكون هناك حالة قتل متعمدة تشهد عليها الكاميرات في وضح النهار، كما هي حالة مقتل الهاشمي، لنصبح على بيانات واستنكارات ونمسي على (مفيش)!!

يسار الغرب، على وجه التحديد، لديه هذه الازدواجية في المعايير وفي التعامل مع قضايا الدول والشعوب إلى درجة أنك أحياناً تشك أن ما يُحرك قادة ومكونات هذا اليسار قدر الدهان، الذي يوضع على السير ليسير. يعني إذا كنت منتسباً لنادي التنفيع ولديك ما يكفي من دهان السير فإن القضية، أياً كانت ضآلتها، ستحظى بالنفخ المستمر والهائل وستصل إلى ما لا يمكن أن يبلغه خيالك. أما إذا كنت خارج هذا النادي فلن تحظى سوى بنفخة أو نفختين تذران الرماد في العيون وسرعان ما تذروهما رياح التدليس والتبئيس!!

هذا هو الواقع الآن الذي تشهد عليه قضية الهاشمي، التي لا تزال حارة، كما تشهد عليه قضايا ومسائل أخرى لا تخفى عليهم ولا تخفى علينا. كل ما هنالك أن المنافقين، من يسار الغرب ومن كل مذهب وملة، يراهنون على احترافيتهم في الكذب والتدليس، ويراهنون على هشاشة أذهان الدهماء وضعف وعيهم.

@ma_alosaimi