د. محمد حامد الغامدي

n كلما كثرت الأسئلة وتعددت مستوياتها وتنوعت.. حول سد النهضة.. وعلاقته بنهر النيل.. تعاظمت فلسفة ومفهوم الصراع والرعب والقلق.. وتشكلت ملامح التوقعات.. بشتى صنوفها وألوانها. أيضا تزيد المسارب.. والتشعبات.. والمخارج. هذا يفضي لتعقيد وضع القراءة.. وطبيعتها.. وأسئلتها. لكن.. هل كلما تعاظم الرعب تنفرج الأزمة؟

n كيف تنفرج الأزمة.. وبين أطراف الخلاف.. حشوة مصالح لآخرين.. ودسائس.. ومؤامرات؟ هل زيادة جرعة الرعب.. تعني تعزيز التحفيز.. لصالح السلامة؟ في هذا الخلاف.. هل كل يغني على ليلاه؟ إن سادت الرغبة وطغت.. فليل الجميع واحد.. ومصيره.. ومصالحه.. والطريق واحدة.

n في أمر الماء.. عندما تكون السلامة بالحرب.. فلا بد منها. هذا أقصى غايات الألم.. يزيده شدة.. نذالة المتفرجين.. راسمي الأجندات وأصحابها.. وصائدي استغلال حاجات الآخرين. يحشرون أنفسهم.. لتفتيت علاقة تاريخية.. رسمها الماء.. حبا وسلاما ورحمة. إنهم شياطين الإنس.. لهم في كل محفل رقصة اسمها.. فرق تسد.

n في الخلاف بين مصر وإثيوبيا.. لن أخوض في الجوانب السياسية.. والقانونية.. والاستعمارية.. والأرقام.. رغم أن الحديث يعوم بنفس الحوض والمجال.. ويغرف منه. لن أتطرق للاتفاقات السابقة.. فهي لا تعني لي شيئا.. وكأنها لم تكن. لن أخوض فيما يجري من حراك. المعلومات متاحة للجميع.

n مهمتي استعراض فلسفة فكر.. لرأي شخصي يحمل وجها بيئيا.. فأسرد قراءة لتشخص مشكلة عميقة وجوهرية.. لاستنتاج معظم التوقعات والأجوبة.. إن لم يكن كلها. فكل قارئ شريك في هذا الاستعراض. قد تأخذكم أسئلة قراءتي لمسافات مجهولة.. في عمق الخلاف وأبعاده. هل ستفتح أبوابا لتزيد الطين بلة؟

n أن نعرف مصدر مياه نهر النيل. لا أتحدث عن الأرض. أتحدث عن شيء أهم وأعمق. هل المياه الجوفية مصدر ماء النيل.. أم أن.. مصدرها السماء؟ سؤال عميق في معانيه.. وأبعاده.. وتحليلاته.. واستنتاجاته. هل سأل أحد قبلي هذا السؤال؟ لماذا غاب؟ هل تم تغييبه عنوة.. ليصبح فتيل حرب قادمة؟ سؤال كان يجب طرحه قبل بناء سد النهضة بمراحل.

n الجواب يحدد استنتاجات تبنى عليها معايير. الجواب مهم.. ومفيد.. وملهم.. ويرسم أمام شركاء النهر لوحة عظيمة للمستقبل. السؤال والجواب جزء من الحل.. وتسهيل فهمه وتقبله. وأيضا جزء من متطلبات التعاون لمواجهة تحديات.. منها البيئية.. ولجميع الدول المستفيدة من النهر الخالد.

n إن مصدر مياه نهر النيل هو المطر. فهل هذه المعلومة دفقة صادمة؟ ما أهميتها؟ مياه نهر النيل نتاج كميات مهولة من الأمطار.. تنهمر على بقعة مساحتها محدودة ومعروفة.. فيتجمع الماء.. ويشكل بداية منبع النهر.. ولغزارة هذه الأمطار في شهور معروفة.. تزيد معها مياه النهر بشكل غزير.. فتشكل فيضانات.. لم تتوقف عبر التاريخ.

n مياه الفيضانات السنوية.. تزيد من سرعة جريان نهر النيل في مواسم معلومة.. كنتيجة يكنس الماء كل ما يواجهه في طريقه. يرتفع منسوب ماء النهر.. فتغرق المناطق حوله.. فتتشكل الكوارث التي عانت منها مصر عبر تاريخها. كنتيجة كان بناء السد العالي. فهل تم توظيف هذه الحقيقة في هذا الخلاف؟

n إن حقيقة الخلاف.. كما أرى.. يشكلها ماء المطر.. وليس ماء ينابيع تفيض غزارة بنزول المطر أيضا. هذه المعلومة من الأهمية.. ألا تغيب عن محاور الخلاف الناشبة.. وطقوس الخوف السائدة وتوقعاتها. فهل ارتكبت مصر خطأ إستراتيجيا.. بحق أجيالها القادمة؟ ما هو؟ ولماذا؟

n حتى الحكاية الشعبية المصرية.. وقد تجاهلتها إثيوبيا.. تقول بحسناء مصرية.. كانت تقدم حية قربانا لنهر النيل سنويا.. بهدف تخفيف غضب فيضاناته الموسمية.

n في هذا الزمن والظروف.. هل تسعى إثيوبيا.. لتقديم كامل مصر حية.. بتاريخها وناسها.. قربانا لجفاف قادم؟ سؤال مرعب.. ومخيف.. لكن يجب طرحه. ويستمر الحديث بعنوان آخر.

@DrAlghamdiMH