فهد سعدون الخالدي

الأمر السامي الكريم الذي صدر باعتماد النظام الجديد للجامعات، الذي تم بموجبه منح صفة الاستقلال التام لثلاث من الجامعات الرئيسة في المملكة، هي: جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، تمهيداً لمنح نفس الصفة للجامعات الأخرى، التي تحقق المعايير المطلوبة لهذا الاستحقاق، والمميزات التي يعطيها النظام الجديد لهذه الجامعات، بما يؤكد دورها في عملية التنمية الشاملة لجوانب الحياة في المملكة، وصولاً إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 باعتبار الجامعات هي الرافعة الحقيقية للتحولات الحضارية المستهدفة في كافة المجالات، وفي مقدمتها التنمية البشرية التي تلعب فيها الجامعات والتعليم بشكل عام الدور الرئيس والمؤثر، إضافة إلى الخطط الدراسية الجديدة التي يتوالى إعلانها من قبل الجامعات بدءاً من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، ثم جامعة الأميرة نورة في الرياض، والتي تضمنت فتح تخصصات جديدة تستجيب بالتأكيد للتطلعات التي طالما تحدثنا عنها جميعًا من حيث تعديل الخطط الدراسية بما يتناسب مع حاجات سوق العمل من أجل تلبية حاجة هذه السوق من الأيدي الوطنية الكفؤة من جهة، وإيجاد الفرص الوظيفية لآلاف الخريجين الذين أدى الخلل في المواءمة بين مخرجات مؤسسات التعليم، وحاجة سوق العمل من العاملين إلى ركود كثير من التخصصات، وشيوع البطالة بين خريجي العديد من التخصصات الجامعية، التي زاد فيها عدد الخريجين زيادة كبيرة، أدت إلى وجود فائض من هذه التخصصات، لا سيما بين الإناث اللاتي تبلغ نسبة العاطلات من الجامعيات من بينهن نسبًا عالية، تتزايد مع نهاية كل عام دراسي بشكل تراكمي، رغم توجه الكثيرات منهن للعمل في القطاع الخاص، وأحيانًا للعمل في غير تخصصاتهن الدراسية، وبالتأكيد فإن نظرة على التخصصات المستحدثة التي أعلن عنها -حتى الآن-، تبعث على التفاؤل بأن هذا التوجه سيقوم -بإذن الله- في حل مشكلتي حاجة سوق العمل، وحاجة الخريجين للوظائف، فعلى سبيل المثال، نجد أن جامعة الملك فهد استحدثت (15) برنامجًا جديداً لدرجة الماجستير، تواكب تحول الاقتصاد الوطني إلى الاقتصاد الرقمي المتنوع القائم على المعرفة، حيث تم إتاحة هذه البرامج للطلاب والطالبات، وهي: الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والروبوتات، والأنظمة المستقلة، وعلوم البيانات، والحوسبة الكمية، والتحليلات الحسابية، والبلوك- شين، وعلوم وهندسة المواد، وهندسة البتروكيماويات، وهندسة البوليمرات، والحفر الصناعي، والمواد والنمذجة الحاسوبية، وشبكات الاتصالات اللاسلكية، والطاقة المستدامة والمتجددة، والهندسة الحيوية، وإدارة سلاسل الإمداد، وذلك بعد أن أتاحت الجامعة أيضًا (21) تخصصًا جديداً لمرحلة البكالوريوس تركز على التقنيات الجديدة، ومتطلبات الاقتصاد الجديد، ذات الأهمية الإستراتيجية للمملكة، منها: أنظمة الدفاع الالكترونية، و(الدرونز) وغيرها.. وكذلك الأمر بالنسبة لجامعة الأميرة نورة التي استحدثت (21) تخصصًا لمرحلتي البكالوريوس والدبلوم في عشر كليات، استجابة للخطة الوطنية لتوطين الوظائف، ومنها: الصحافة الرقمية، والإرشاد السياحي، والمتاحف والآثار، إلى جانب الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وبما يعزز مشاركة المرأة في سوق العمل.

إن هذا الحراك والتحول الإيجابي الذي تتجه إليه -حتى الآن- جامعتان من جامعات المملكة، وما ينتظر أن يتبعه من إجراءات في بقية مؤسسات التعليم، والتعليم العالي، والتدريب، يؤكد قدرة هذا القطاع على المواءمة مع التطورات والمستجدات المحلية والعالمية، وأن يتم ذلك بناءً على معايير محددة تجعل هذا التحول استجابة حقيقية لمتطلبات التحول الرقمي الذي تشهده المملكة والعالم، ومما يزيد من الثقة والاطمئنان قدرة أبنائنا وبناتنا على الاستجابة لهذا التحول، ومتطلبات إتقان هذه التخصصات، والإقبال عليها بكل حماس، وهو بعد عون الله تعالى، الضمانة الحقيقية للمستقبل الذي نتطلع إليه جميعًا لهذا الوطن العزيز.

@Fahad_otaish