د. محمد حامد الغامدي

* تُشكِّل الأمطار مصدر مياه نهر النيل. ماذا يعني هذا؟ هل يعني أن مصر شريكة في مياه أمطار إثيوبيا؟ سؤال يدك حصون الغفلة. يأتي بأبعاد مغيبة. هل غابت عنوة؟ إن إزاحة الستار عن هذه الشراكة يمهد لمشاهد مسرحية ذات أبعاد.. تنقل المشاهد لأعماق خلاف مُغيّب عن البال. إن هذا السؤال جوهري واستراتيجي.. عليه يتوقف مصير الخلاف ومصير مياه مصر في حال تعقدت رؤوس الحبال.. فهل تعقدت؟

* يظل السؤال محور الحديث لأهميته. جاء ليشكل أساس حل.. يوظف لصالح المتضرر. في تجاهله تطفو أمامي مؤشرات بمحاذير.. تشكل (عُقد) العقود القادمة. قد تنكمش وتتآكل أحداث وخلافات اليوم بفعل قوى عديدة.. لكن سيطفو ذلك السؤال في وجه الأجيال القادمة دون رحمة. هل يُشكّل نواة أحداث مؤلمة قادمة؟

* متى يكون الأفراد والنّاس والشعوب والدول والبيئة شركاء في ماء المطر؟ سؤال استراتيجي أسعى لتفعيله. هل هناك قوانين تحكم هذا؟ إذا كانت غائبة.. فلماذا لا تثار في ظل أزمات المياه القائمة؟ لا مجال للانتقاء من أعواد حزم مشاكل المياه المعروضة بكل أنواعها وأهميتها.

* أن يكون للمطر وللبيئة ولجغرافيا الدول كلمة في الأمر تؤسس لمساحة قانونية. أن يكون هناك قانون دولي للمياه بمعايير ليس فقط بين الدول لكن حتى داخل الدول.. حيث الماء كائن حي، له أملاك خاصة كالبشر، وفيه كـ(ماء).. حق الإنسانية في الحياة.

* تأتي أهمية دعوتي لوضع قانون دولي للمياه.. من كون الأمطار مصدر المياه العذبة في العالم.. حيث للبشر حقوق مشتركة فيها.. أيضا في مجاريها التاريخية.. كذلك للبيئة حقوق.. وبقية شركاء الحياة.. حتى للكائنات في أعماق البحار.. لهم نصيب من مياه السيول والأنهار. ليس من حق أحد منع سريان مياه الأمطار في مجاريها التاريخية.. وقد اختارها الله كنعمة لشعوب وكائنات حية.. تتوزع على ضفافها من المنبع حتى المصب.

* أدعو لتأسيس قوانين دولية رشيدة للمياه.. تمنع التجاوزات والأطماع. وهذا سد النهضة.. خلافه يثير فرصة أمام العالم ودوله.. ليعرفوا أكثر عن أهمية هذه الدعوة لضمان منع العطش والخوف منه والتهديد به.

* عندما تكون الأمطار مصدر مياه الأنهار المباشرة.. أو تؤثر في مياهها بشكل غير مباشر.. فهذا يعني أن الله اختار أن يكون النّاس شركاء في نعمته.. فلا يجوز الاستئثار بها دون الآخرين من الشركاء.

* أن تكون مياه الأمطار التي تجري في أي نهر أو مجاري بيئة مشتركة بين الدول جزءا من النقاش والحوار والمفاوضات لاستنتاج ووضع حلول سرمدية.. بقوانين تحفظ وتضمن حقوق البشر ومصالحها.

* أكرر.. أن يكون لمجاري مياه الأمطار قانون يحمي ويردع ويضمن الحقوق، أكرر أن يكون لمجاري السيول والفيضانات حقوق. أن يكون لها قانون دولي.. يفرض احترام حقوق الجميع في هذه المجاري الطبيعية التي رسمها الماء عبر التاريخ.

* إن الانتقاء من حزمة الحقائق.. قد يحل مشاكل قائمة كبيرة تفرض نفسها.. لكن الاهتمام بالصغيرة.. بجانب الكبيرة.. هو الضمان لحل دائم. الصغيرة تكبر وتتصلب زواياها.. لتصبح مشكلة عظيمة أمام أجيال المستقبل. فهل ارتكبت مصر خطأ استراتيجيا بحق أجيالها القادمة؟ ما هو؟ ولماذا؟

* إن الخلاف القائم بين مصر وإثيوبيا فرصة ذهبية لمعرفة المؤشرات، ولتحديد الاحتياجات، ولتشخيص المشاكل. أهمها حقيقة مصدر مياه نهر النيل. ماذا تعني؟ ما أبعادها؟ إنه في حال توظيف هذه الحقيقة في هذا النزاع القائم وبقية النزاعات العالمية المشابهة بين الدول سيرتقي البشر بإنسانيتهم لوقف نزاعات وحروب المياه.

* هل يضع العالم وحكماؤه أسس حق الأفراد والنّاس والشعوب والدول والبيئة في ماء المطر المنقول؟ هل حان الوقت؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.

@DrAlghamdiMH