ماجد السحيمي

سلوك الأفراد بالمجتمع يتغير بحسب تفاصيله ومدى كثرتها، في السابق كانت الحياة سهلة وبسيطة فاستمدت ذلك من تفاصيلها البسيطة الهادئة، كل شيء سهل ولا يحتاج إلى العمق كثيرا، قليله يكفي والأهم وجوده. مع زخم الحياة وتطورها وتشعبها وكثرة تفاصيلها أصبح السلوك موازيا لها ويزداد معها طرديا، سابقا تحتاج إلى جهد معين لتقيم حفل زواج والآن نفس هذا الجهد قد تبذله ربة المنزل لحفلة شاي مع ثلاث من صديقاتها، فالزواج أصبح أشبه بتنظيم مناسبة كالمؤتمر وليس مجرد حفل للإعلان عنه، أؤكد أنني هنا لست ناقدا بل واصفا فتفاصيل الحياة جعلتني وأظنها ستجعلني أغرق في بعضها إلا إن استطعت السباحة عكس تيارها بعون الله وقوته، في خضم هذه التيارات والأمواج المتلاطمة تتعدد الرؤى والآراء من هناك وهنا، وغالبا ما تكون أرضا خصبة لنقاشات تتطور وتصبح جدالا فتأكيدا لحجة وقد تصبح معركة ولو باردة، بعض النقاشات يخيل لك أنها ستنتهي بجائزة كبرى أو استحقاق عظيم، فقد تعدى مرحلة طرح وجهة نظر مؤيدة وأخرى مخالفة إلى براهين وأدلة تؤكد هذا الرأي وتقتلع ذاك تماما. بعض الناس يتجادلون في مجموعات الدردشة ثم المكالمات ثم المجالس لأيام بل وكل حين يستذكرون ذلك النقاش حتى يصبح سمة اجتماعاتهم إن تقابلوا. هذه المعارك ليست محصورة في المجالس بل حتى في الشوارع حين قيادة السيارة فخطأ من هذا السائق على آخر كفيل بإشعال فتيل معركة إيماءات أو تلاسن أو قليل من «تحجير» على الطريق، أو حتى رد الكلام وإعادته وتكراره وتفسيره فمثلا.. لو سمحت أخوي المدير متى بيجي؟ ما ندري ما حدد، طيب شلون ما حدد يعني ننتظره للصبح؟ براحتك أخوي، تستهزئ فيني؟ وتستمر بالمعركة حتى وإن خلت من ذخيرة اللسان وأسلحة قلة الأخلاق، أو حتى ما يحصل دارجا.. أنت ليه دايم تعاندني؟ ليه دايم تخطئ كلامي؟. إلى كل هذه المواقف وأطرافها وعشاق معاركها، نقول كل هذه معارك صغيرة لا تقدم ولا تؤخر، هي معارك خاسرة سلفا بكل حالاتها، فالفوز المزعوم بها هو انتصار مزيف لا يضيف لك شيئا بل كالسراب وخسارتها هي مجرد اسم لا تفقدك شيئا أبدا، وأكبر دليل هو أن مجرد الصمت أو التغافل كفيل بإخمادها تماما، ويجب أن نعلم أن كل شيء تحبه وتؤمن به قابل للاختلاف ولا يحق لك إجبار الآخرين بحبه كما تحبه فمن حقهم عدم الاكتراث به وانتقاصه، ولست مكلفا ولا مجبرا أيضا على إقناعهم وتغيير مفاهيمهم لأجل قناعتك كما يفعل العبد الفقير صاحب هذا المقال. شد مئزرك وارتق بساحات حوارك ونقاشك واجعل معركتك معارك سباق تفوق وليست معارك مواجهات.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا)..

Majid_Alsuhaimi@