صفاء قرة محمد ـ بيروت

تتفاقم الأزمات في لبنان مع إصرار السلطة التي تأتمر بأوامر حزب الله على اتخاذ كل الإجراءات التي توصل الدولة اللبنانية للانهيار، فالحكومة التي شكلتها أحزاب السلطة أمضت ستة أشهر تفاقمت خلالها الأزمة الاقتصادية والمعيشية وانهارت العملة، وبدلا من أن تجري إصلاحات وتوقفا، تمضي بخطى حثيثة للإجهاز على الدولة.

ويبدو أن هذه السلطة تريد كبش فداء لفسادها فوجدت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي من المتوقع بعد أن قرر القضاء الحجز على أمواله أن تسير الأمور باتجاه إقالته. ويرى مراقبون أن الخلاف المالي بين «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر» والحاكم سلامة الذي اتخذ مسارا جديدا بعد القرار القضائي بحق سلامة والذي أفضى إلى الحجز ‏الاحتياطي على ممتلكات سلامة، بحيث يعدّ هذا القرار سابقة قضائية بحق القضاء اللبناني ومصرف لبنان المركزي، وهذا ما يؤكد أن السلطة باتت توظف القضاء في خدمة أجندتها منهية عصر استقلال القضاء بل الإجهاز عليه. وأكدت مصادر قضائية لـ«اليوم» أن ما يحصل منذ فترة في إدخال السلطة القضائية في التجاذبات السياسية بدءا من القرار الذي اتخذه القاضي محمد مازح بحق السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا بعد تصريحها بشأن «حزب الله» وصولا إلى القرار الذي اتخذه القاضي فيصل مكي بحق الحاكم سلامة، بحيث تدرج هذه المصادر هذه القرارات ضمن «الأبعاد السياسية أكثر مما هي ضمن الأبعاد القضائية».

ويعدّ القرار القضائي بحق سلامة، بمثابة «هزّ عصا لسلامة وللأمريكيين»، بحيث يعتبر كل من «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» أن الأمريكيين يقفون إلى جانب سلامة ويدعمونه، خصوصا بعد سياسة مصرف لبنان الحاسمة والحازمة في تطبيق العقوبات الأمريكية على «حزب الله»، موضحة مصادر لـ«اليوم» أن «هنالك سعيا من «الوطني الحر» لإزاحة سلامة عن حاكمية مصرف لبنان وتعيين «عوني» بدلا عنه‏‏ بدعم من «حزب الله»، وبهذا ستكون المصارف تحت سيطرة الحزب أيضا».

وفي هذا الإطار، يقول النائب السابق فارس سعيد عبر «تويتر»، إنه «كلما يزيد التضييق على رياض سلامة في الداخل تزيد حمايته من قبل دوائر القرار الخارجية، فقرار الحجز على أملاكه ردّ سياسي على إقالة موظفي الجامعة الأمريكية»، مشددا على أن «لبنان وطن أسير».

وقانونيا، قرار القاضي مكي قابل للاعتراض من قبل الشخص المطلوب الحجز ضده خلال مهلة 5 أيام من تاريخ إبلاغه إيّاه. ومن المتوقع أن يصدر رفع الحجز بناء على كفالة مصرفية يتقدم بها الوكيل القانوني لحاكم المصرف، لكن تبقى الدلالة الرمزية لقرار الحجز، وآثاره المالية والنقدية في ظل أزمة مستحكمة في البلاد. ويأتي قرار القاضي مكي بعد قرارين صدرا في حق القطاع المصرفي، الأوّل منع السفر الصادر عن المحكمة المستعجلة في مدينة صور، ضد رئيس وأعضاء مجلس إدارة مصرفين كبيرين ثم جرى التراجع عن هذين القرارين، والثاني غير المسبوق بقرار المدعي العام المالي علي إبراهيم بوضع منع التصرف على أصول وممتلكات 20 مصرفا، وجرى تجميد القرار بتدخل من النائب العام لدى محكمة التمييز. وبالتالي إن قرار القاضي مكي لا يمكن فصله عن هذين القرارين لجهة المفاعيل القانونية ذاتها.