محمد عبدالعزيز الصفيان

هناك فرق كبير بين النقد الهادف والتنمر، وشتان بينهما؛ لأن الفرق عظيم جدا، والنتائج مختلفة من نقد إلى نقد آخر، ولذلك يقع الكثير من الأشخاص في فخ التنمر، معتقدين أنهم يقدمون نصائح إيجابية للمجتمع أو الجهات الحكومية أو الخاصة، ولكن في حقيقة الأمر هذه الفئة تجهل تماما أن أسلوبهم غير صحيح ولم يعد مجرد انتقاد بل وصل إلى مرحلة السخرية والتهكم وهو ما نطلق عليه «التنمر».

تعلمنا في ديننا الإسلامي أن النقد البناء يكون بالموعظة الحسنة؛ لمعالجة بعض عيوبنا وأخطائنا.

التنمر لدى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي ممن يبحثون عن الشهرة ويلهثون وراء جمع أكبر عدد من المتابعين، وأشدد هنا على أنني أتحدث عن بعض رواد التواصل الاجتماعي وليس الكل.

هذه الفئة عملت في الآونة الأخيرة على التنمر ضد أداء بعض الجهات الخدمية أو الحكومية، من غير خبرة أو دون سابق معرفة بطبيعة عمل هذه الجهات والجهود الكبيرة التي تبذلها لأداء أعمالها بالشكل الصحيح.

ليس من العيب أن تنتقد، أو تحاول كشف بعض جوانب الخلل أو الملاحظات؛ لأننا مؤمنون بأنه لا يوجد عمل كامل بنسبة 100 %، فالكمال لله وحده، ونحن في نهاية المطاف بشر نخطئ ونصيب معرضون للنجاح والفشل، لكن يجب علينا أن نحدد ما هي الطريقة الصحيحة للانتقاد وكشف مكامن الخلل وايصالها بالشكل الصحيح وبطريقة متحضرة وراقية، تجبر الجميع على الاستماع إلى هذه الملاحظات والإشادة بها ومعالجتها، ولكن ما يحدث من هذه الفئة تحول إلى تهكم صريح وتنمر واضح، من خلال العمل على استهداف بعض الجهات وانتقاد عملها عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لكسب المزيد من المتابعين دون مراعاة لحجم الأعمال الضخمة والعمل الكبير التي تقوم به العديد من الجهات في وطننا الغالي لتحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة حفظها الله.

المضحك المبكي في الأمر هو أن هؤلاء يدعون المثالية عن طريق ممارسة أبشع أنواع التنمر، ليتسلقوا همم الكادحين ويبرزوا نجاحاتهم في التنمر في محاولة لتحقيق نصر فارغ وإيهام من يتابعهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنهم مصلحون. هي سلسلة لا تقف عند بعض المتنمرين أو المتسلقين الذين يصلون لمرحلة الاعتقاد بأن جميع من حولهم مخطئون وهم فقط الصادقون الصالحون.

حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وبمتابعة من سمو سيدي ولي العهد عندما أطلقت رؤية 2030 وبكل ما تحمله من مشاريع تنموية وخطط مستقبلية، عملت على حوكمتها وشكلت لجان متابعة وتدقيق للتأكد من تنفيذ هذه المشاريع والخطط بالشكل الصحيح، ولذلك عملت جميع الجهات الحكومية والخدمية على مبدأ الشفافية، من خلال فتح قنوات تواصل اجتماعي للتواصل مع جميع المستفيدين بدون حواجز، وأنا على يقين أن الجميع يحرص على معالجة جميع الملاحظات وتقديم أفضل الخدمات للمواطن والمقيم.

لا أمارس هنا دور الواعظ أو المستشار لمعالجة ظاهرة التنمر، ولكن أتمنى من يمارس التنمر أن يضع نفسه مكان من أساء له بهدف التكسب من أذى الآخرين، وحاول أن تستشعر مدى الضرر الذي تحدثه على الآخرين، واعمل جاهدا على إصلاح نفسك ونقد الآخرين بطريقة صحيحة، حاول أن تكون عضوا فعالا في المجتمع، وابدأ بالتغيير بنفسك قبل أن تطلبه من الآخرين.