د. شلاش الضبعان

ذكر أبو عثمان الجاحظ في كتابه البيان والتبيين: قيل لأعرابي ما لك لا تضع العمامة عن رأسك؟ قال: إن شيئا فيه السمع والبصر لحقيقٌ بالصون.

ليس هذا المقال عن الشماغ أو الغترة وضرورة لبسهما، مع أهمية لباسنا الوطني الذي نفخر ونفاخر به، ولكنه عن الرأس الذي يحوي السمع والبصر، خصوصاً وأننا في بداية عام دراسي جديد يحتاج إلى حضور الرأس ولا يحصل التقدم المطلوب إلا به.

حسب ما يكون في رأسك تحصل على تقديرك واحترامك، وحسب ما يكون في رأسك يزداد دخلك، وحسب ما يكون في رأسك تحصل الوظيفة المناسبة، فالمعدل المكتوب في الشهادة وحده لا يكفي ولا بد للمعدل من فكر يسنده، وحسب ما يكون في رأسك تستطيع أن تتكلم وتعبّر، فالكلمات آنية تغرف مما في الرأس، ولذلك إذا كان الرأس ممتلئاً، فإن هذه الكلمات تغرف من بحر، وإذا كان فارغاً فلن تجد فيه شيئاً ولذلك لا بد من الصمت أو الفراغ، وإذا كان سيئاً فلن يخرج الفكر السيئ إلا السوء.

ومهما استعرض الإنسان وتعالم، فإن رأسه سيخذله إن لم يكن فيه ما يستحق.

ولذلك لابد من العناية بهذا الرأس، ليس بتقديره فقط، بل بملئه بما يستحق التقدير ويؤدي إلى النجاح والاحترام وكل ما نتمنى، فإنما البشر بما تحويه رؤوسهم.

القراءة وسيلة لملئه ولذلك لابد من خطة للقراءة التخصصية والحرة، واهتمام الطالب بدراسته وتنويع أساليب تعلمه وسيلة لملئه أيضاً، والحرص على الالتحاق بالدورات التدريبية وسيلة لرأس نفتخر به، وكل أعرف بما يناسبه.

أيضاً هناك أمور تتلف ما في هذا الرأس، وتشغله على حساب ما هو أهم وأنفع، ولذلك لابد من تجنبها والحذر منها: الصديق خطر على الرأس، فإن لم يكن معطياً فعلى الأقل يجب ألا يكون مدمراً، والأجهزة والآلات الحديثة ليست سوءاً بل فيها مجالات متعددة للرقي بالفكر، ولكن حسب اختيار مستعملها، فقد تكون خيراً، وقد تكون تدميراً، مع ضرورة التقليل منها قدر الإمكان.

يقول أحدهم: أصبحت لا أنجز حتى أغلق جوالي.

shlash2020@