فهد سعدون الخالدي

التغير سنة من سنن الحياة في سائر المجالات، وهو في العملية التعليمية هدف من أهدافها حيث إن هذه العملية في جوهرها هي التغير الإيجابي في سلوك الأفراد والجماعات، ولذلك فإن مرونة النظام التعليمي هي من أهم ما ينبغي أن يوصف به هذا النظام، وقد ظهرت أهمية ذلك جلية في استجابة مؤسسات التعليم في بلادنا للظروف التي اقتضتها الجائحة، وبسرعة تحول هذه المؤسسات إلى التعاملات الإلكترونية ليس في عمليات الاتصال الإداري، بل وفي عملية التعلم ذاتها في جميع مراحل التعليم، وقد ساعد في ذلك ما يمتلكه أغلبية الطلاب من مهارات استخدام الأجهزة الذكية، وكذلك تجربة غالبية المعلمين واجتهادهم في توظيف التقنية في التعلم الصفي وفي عمليات التقويم والمتابعة، ولذلك فإن الاستجابة التي حصلت -وإن لم تكن بالحد الأعلى المطلوب- إلا أنها ساهمت في ردم الفجوة بين ما هو مطلوب وما يمكن تحقيقه وفي تقليل الفاقد التعليمي الناجم عن الجائحة، إضافة إلى أن ذلك مكننا من تجنب التعليم الوجاهي وما يمكن أن ينجم عنه في هذه الظروف من انتقال العدوى -لا سمح الله- بين الطلاب والكادر التعليمي والإداري في مؤسسات التعليم كافة. وكما أن الإشراف التربوي هو من أهم العمليات في نظام التعليم في الظروف العادية فإن دوره في التعليم عن بعد وفي التعليم الإلكتروني يصبح أكثر أهمية لحداثة استخدام هذا النظام نسبيا في مدارسنا، ولذلك فإن قدرة المشرف التربوي على أداء هذا الدور المتغير نسبيا بنجاح هو أمر ضروري جدا، لأن ذلك يضمن تداول المحتوى التعليمي بين أطراف العملية التعليمية جميعها بما في ذلك المعلم والمعلمة والطالب وأولياء الأمور، لأنه يصبح حلقة الوصل بين هذه الأطراف جميعا، ودورهم هام جدا في تحقيق الأهداف التعليمية وتحديدا في هذه الحالة، وهو ما ينبغي أن يؤدى من خلال الآليات الإلكترونية الملائمة، وتوظيف ما تتيحه المنصات الإلكترونية من إمكانيات لتبادل الخبرات بين المشرفين التربويين والمعلمين والطلاب من خلال المشرف؛ الأمر الذي يجعلنا مطمئنين إلى توفر الجوانب التربوية في المحتوى ودمجها إلكترونيا في عملية التعلم، ومن أول أدوار المشرف التربوي في هذا النوع من التعليم هو بناء توجهات إيجابية نحو التعلم الإلكتروني عن بعد، مما يساهم في زيادة فعاليته وتأثيره وتقبله من قبل بقية الأطراف، وكلما نجح المشرف التربوي في تطوير أدوات هذا النوع من التعليم وتحسين مخرجاته، ساعد ذلك في تقبل التعليم عن بعد وإقبالهم عليه، وهنا يجب أن يكون واضحا أن دور المشرف التربوي في مراجعة جودة تقديم المحتوى وأداء المعلمين وإن كان مهما فإنه ليس وحده المطلوب، بل إن المطلوب منه أيضا القيام بالعديد من المهام والأدوار التي لا تقل أهمية في مقدمتها تقييم الأدوات الإلكترونية وفي مقدمتها المنصات وملاحظة فرص التحسين واقتراح الأفكار البناءة لتطوير وتعظيم الاستفادة منها حتى تتم عملية الاتصال بين المعلم والمادة بنجاح، وتستطيع المنصة تلبية احتياجات كافة أطراف عملية التعلم معلمين ومعلمات وطلبة وطالبات دون استثناء، كما أن المشرف التربوي مطالب بالتخطيط السليم لتنفيذ إستراتيجيات التدريس الملائمة للتعلم عن بعد، والقدرة على تطوير المحتوى المعرفي والمهاري للمقرر الدراسي ليكون متجاوبا مع أساليب التعلم الإلكتروني وطبيعته سواء في عمليات التعلم أو التفاعل الإيجابي للمتعلمين أو تقييم نواتج التعلم، وهو يحتاج إلى تطوير الوسائل والإستراتيجيات المستخدمة في التعليم التقليدي بحيث تناسب التعلم الإلكتروني، وتستفيد من الإمكانيات التي يوفرها هذا التعلم، بل إنه مطالب بتطوير أساليبه الإشرافية أيضا بما في ذلك عمليات التنمية المهنية للمعلمين وتطوير أدائهم وإكسابهم المهارات التي تزيد من أثر دورهم في عمليات التعلم الإلكتروني، وتوظيف خبراتهم والكشف عنها وتعميمها، وكذلك أن يعمل المشرف التربوي جاهدا على التخطيط لتنفيذ إستراتيجيات تعليمية فعالة ومناسبة، وأن يهتم أيضا بأداء دوره في متابعة وتقييم ليس أداء المعلمين والطلاب فقط، بل دور المنصة الإلكترونية ومدى كفاءة هذا الدور وتقديم الاقتراحات والأفكار لتطويره وتحسينه.. ما سبق ليس كل الدور المطلوب وإن كان مهما، ويبقى الزملاء في الميدان قادرين على المزيد من الأفكار والممارسات الإبداعية لتحقيق تطلعاتنا جميعا.. والله الموفق.

@Fahad_otaish