علي سعيد القحطاني

شهد التعليم في جميع دول العالم تطوراً وتغيّراً في شكله ومضمونه مع مرور الزمن، تحول فيه نهج التعليم من المنهج التقليدي إلى المنهج الحديث والذي يعتمد على تفاعل المتعلمين، لإيمان المطورين بأن المنهج التقليدي لن يساهم في تطوير الأنظمة التعليمية، ومن بعدها تطورت منظومات التعليم في جميع الدول بشكل متفاوت مما جعل هناك دولا متقدمة تعليمياً وهنا دول متخلفة تعليمياً.

في المملكة العربية السعودية كان للتعليم نصيب من التطوير، فقد مر التعليم لدينا بالعديد من المراحل التطويرية حيث انتقل التعليم لدينا من مرحلة الكتاتيب إلى مرحلة المدارس، ومن مرحلة نشر التعليم إلى مرحلة تجويد التعليم، كما انتقلنا من مرحلة الاهتمام بالكم إلى الاهتمام بالنوع والكيف، و من مرحلة المعرفة المجردة إلى مرحلة ربط المناهج التعليمية بالبيئة الاجتماعية، كما انتقلنا من مرحلة التخطيط المحدود إلى مرحلة التخطيط الشامل للتعليم والذي أصبح مرتبطا بخطط التنمية الخمسية للدولة، كما انتقلنا في عمليات بناء المناهج من الاعتماد على خبرات إقليمية إلى الاعتماد على سواعد وخبرات وطنية مؤهلة تأهيلاً علمياً جيداً، كما انتقلنا من مرحلة تعميم التجارب على جميع المدارس إلى عمليات التجريب قبل عمليات التعميم.

وما زال التطوير مستمرا حتى يومنا هذا، فوزارة التعليم مشكورة تقدم العديد من المشاريع والمبادرات التي تسعى إلى تطوير حقيقي يواكب هذه المرحلة.

نحن اليوم نعيش مرحلة مهمة جداً وهي مرحلة رؤية المملكة 2030 الطموحة، هذه الرؤية التي كانت حلما وأصبحت واقعا نعيشه، ويجب أن يكون تطوير التعليم مواكباً لسرعة وطموح هذه الرؤية.

إن الشكل التقليدي للتطوير والمتمثل في تطعيم النظام التعليمي الحالي بخبرات ومبادرات جديدة أو مستوردة لن يكون مواكبا لطموح رؤية المملكة 2030، وأستطيع تمثيل ذلك بشراء محرك عالي الطراز وذي إمكانيات عالية جدًا وتركيبه على سيارة عتيقة، فإن كان هناك توافق فإن النتائج لن تكون على قدر الطموح.

إذا ما الحل؟

وزارة التعليم في السنوات العشر الماضية أرسلت آلافا من القيادات والأكاديميين والمشرفين والمعلمين لدول متقدمة تعليمياً عايشوا فيها واكتسبوا من خلاها العديد من الخبرات والتجارب، فبهم نستطيع تقديم الحل والذي يكمن في خلق نظام تعليمي جديد متناسب مع ثقافتنا وبيئتنا ومواكب لطموح رؤيتنا، نظام جديد به كل التجارب والخبرات الدولية والتي تم تطويعها لتكون مناسبة لنا ومتناسبة مع النظام التعليمي ككل.

كنا في الماضي ننادي بخلق نظام تعليمي جديد مع قناعتنا بأن مشاكل كبيرة ستواكب تطبيقه، وكان من أهم المشاكل المتوقع حدوثها هو مقاومة التطوير أو التغيير والتي ستظهر من بعض أطراف العملية التعليمية مثل: الطالب أو الأسرة أو المعلم، وذلك بسبب أن مقاومة التغيير هي سلوك إنساني يتشكل بفعل عوامل منها: عوامل نفسية أو اجتماعية أو ثقافية أو تنظيمية أو اقتصادية.

اليوم ومع ما نعيشه بسبب جائحة كورونا، نجد أن التغيير أصبح جزءا من حياتنا اليومية، فكل ما كنا نعده مستحيلاً أصبح واقعًا نعيشه، إذا فالفرصة الآن أصبحت مواتية لتطبيق نظام تعليمي جديد، يخدم وطننا، ويعزز من عمليتي التعليم والتعلم، ويواكب رؤية المملكة 2030، فنحن الآن لا نحلم فقط بتطوير نظام تعليمنا الحالي، بل أصبح الحلم بأن نخلق نظاما تعليميا جديدا ينقلنا إلى أفق جديد ونصبح فيه من الدول المتقدمة في جميع المجالات.

@ali21216