خالد الشنيبر

شهدت المملكة منذ سنوات تغييرات عديدة فيما يخص المساواة بين الجنسين، وما لمسناه مؤخرا في العديد من المبادرات والقرارات هو توجه واضح وصريح لتكامل العلاقة بين الجنسين بطريقة مثلى لتعزيز وحماية حقوق المرأة والقضاء على التمييز ضدها، واستطاعت المرأة السعودية خلال سنوات قليلة أن تثبت نفسها وإنتاجيتها في العديد من المناصب القيادية وذلك من خلال خطوات مشرفة متناسبة مع ثقافة المجتمع ومراحل التغيير التي تشهدها المملكة.

في الفترة القريبة الماضية كانت هناك تعديلات جوهرية ومهمة في نظام العمل السعودي، وأنا شخصيا أتفق مع الحراك السريع التي تعمل عليه وزارة الموارد البشرية لاستهداف المساواة بين الجنسين في العمل، فالأصل هو أن نظام العمل يجب ألا يفرق بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وحتى أيضا الأجر عند تساوي قيمة ونوعية العمل، ودليل ذلك هو مصادقة المملكة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم «100» الخاصة بمساواة أجور العمال والعاملات عند تساوي العمل، والاتفاقية رقم «111» الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة.

في الحياة العملية هناك قاعدة أساسية لا يمكن تجاوزها بأي طريقة كانت وهي «الكفاءة أولا»، فالكفاءة هي المعيار الحقيقي وليس التصنيف بناء على الجنس أو العمر أو أي معيار آخر، وأنا شخصيا أتفق مع أي توجه لتمكين الكفاءات وبنفس الوقت لا أتفق مع أي توجه لتمكين فئة معينة وفقا لتصنيف يخص الجنس أو العمر، فأتمنى أن يعاد النظر في هذا التركيز والذي يصل في بعض الأحيان إلى التمكين السلبي مما يجعلنا نخسر الكفاءات بوضعها في المكان غير المناسب بدلا من الاستفادة منها ومن إنتاجيتها الفعلية للاقتصاد.

هناك العديد من الأنظمة المطبقة في المملكة تم استنساخها من أدلة إرشادية عربية من خلال اتفاقيات قديمة كنظام العمل الحالي قبل التعديلات عليه، وهناك العديد من الأنظمة لم يتم تحديثها منذ سنوات طويلة، وتلك الأنظمة تحتاج للمراجعة الدورية لتتواكب مع المرحلة الحالية وخارطة الطريق المستقبلية التي تعمل عليها المملكة من خلال رؤيتها التي تم اعتمادها قبل عدة سنوات.

قبل عدة أيام كنت أتصفح أنظمة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في المملكة، ولفت انتباهي ما يعرف بتعويض الدفعة الواحدة والحالات المستحقة لصرف التعويض قبل بلوغ سن الستين أو حدوث العجز غير المهني، ومن ضمن الحالات المستحقة إذا كان المشترك امرأة، وكوجهة نظر شخصية أرى أن هذه المادة تحتاج لإعادة النظر تماشيا مع التوجهات الحالية التي تعمل عليها المملكة في المساواة بين الجنسين، وذلك إما بإلغاء هذه الحالة أو إعادة صياغتها لتشمل جميع المشتركين دون النظر إلى الجنس، وتحديد القرار بين الخيارين يعتمد على عدة مؤشرات واضحة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ولا أعتقد أن أي جهة أخرى بإمكانها دراسة أثره.

نملك في المملكة ولله الحمد العديد من الكفاءات البشرية من الجنسين، وتلك الكفاءات قادرة على قيادة العديد من الملفات الهامة، وأنا شخصيا يهمني التمكين الكمي بقدر أكبر من أي معيار آخر، وذلك لهدفين أساسيين: «تحقيق المستهدفات في رؤية المملكة بسواعد وطنية» و«عدم إتاحة المجال للتمكين السلبي والذي لن نجد من ورائه إلا قتل الكفاءات»، ولذلك من المهم أن تكون هناك مراجعة لجميع الأنظمة التي قد نجد فيها بنودا ومواد ضد المساواة.

ختاما: المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من أكثر الجهات التي أفتخر بقادتها وأسلوب التطوير الذي يعملون عليه، وما أتمناه هو الاستعجال في مراجعة أنظمتها خاصة ما يخص تعويض الدفعة الواحدة، والمادة المتعلقة بدفع الاشتراكات القديمة.

@Khaled_Bn_Moh