د. جاسم المطوع

قالت: ابني انطوائي وغير اجتماعي، وإذا تعرض للعنف فإنه لا يدافع عن نفسه، فكيف أقوي شخصيته ليدافع عن نفسه؟ وكيف أجعل شخصيته شخصية اجتماعية؟ قلت: هناك عدة أساليب يمكنكِ أن تمارسيها مع ابنكِ لتنمية الجانب الاجتماعي عنده، وهي أولا أن تعبري عن حبكِ لابنكِ، لأنكِ عندما تعبرين عن حبكِ له، فإنه يتعلم التعبير عن المشاعر، سواء كانت هذه المشاعر حبا أو فرحا أو قلقا أو حزنا أو غضبا أو سعادة، ثانيا علميه كيف يكتسب خلق الصبر والعفو، لأن مَنْ يخالط الآخرين ويريد أن ينجح في العلاقة الاجتماعية معهم لا بد أن يتحلى بالصبر على أذى الآخرين، وأما العفو والمسامحة فيجعل عمر العلاقة طويلا؛ لأن في أغلب العلاقات الاجتماعية يحصل فيها أخطاء، ويمكن تجاوز هذه الأخطاء بخلق العفو والمسامحة.

ثالثا أن يشاهد الشخصيات الاجتماعية كيف تتكلم وترحب وتختم اللقاء وتتبادل الحديث، ولو كان أحد الأبوين اجتماعيا ولديه مهارات اجتماعية فيكون التأثير أكبر على الطفل؛ لأنه يتأثر بوالديه أكثر من تأثره بالآخرين، فيشاهد والديه كيف يتعاملان مع الضيوف والغرباء والأصدقاء والباعة في الأسواق، فالشخصية الاجتماعية تتصف بالانفتاح على الآخرين والمرح، رابعا الجمع بين الألعاب الفردية والجماعية للطفل، لأن الإدمان على الألعاب الفردية تجعله انطوائيا، فلا بد أن يشترك في نادٍ حتى يلعب مع زملائه أو يلعب لعبة إلكترونية فيها مجموعة أفراد، ولا يقتصر على الألعاب الفردية، خامسا نتحدث معه عن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلاقاته الاجتماعية الناجحة سواء كانت مع الطفل أو المرأة العجوز، ونذكر له بعض القصص مع أصدقائه وأصحابه، ومنها قصة رسول الله الطريفة مع صهيب -رضي الله عنه-، فصهيب بن سنان -رضي الله عنه- والمعروف بصهيب الرومي، وهو أول مَنْ أسلم من الروم كان في عينه رمد ويأكل تمرا، فقال له رسول الله مازحا: أتأكل تمرا وأنت رمد؟ فرد عليه إنما أمضغ بالشق الآخر، فضحك النبي عليه السلام، فهذا موقف طريف في اختبار الذكاء والملاطفة وتقوية العلاقة الاجتماعية، سادسا ناقشيه في القرارات، التي يتخذها تجاه مشاكله الاجتماعية مع أصدقائه وأقرانه وأعطيه حلولا تجمع بين أخذ حقه مع الحفاظ على علاقته مع أصدقائه، قالت: هذه أفكار جميلة وعملية وواقعية سأعمل عليها، ولكن ماذا عن تدريب ابني الدفاع عن نفسه؟

قلت: هناك عدة أفكار عملية لما سألتِ، وهي أولا علمي ابنكِ أن يمشي بطريقة واثقة ويحدق بعين مَنْ يرغب بالتنمر عليه، ويكون صوته قويا وواضحا عندما يتكلم معه حتى يشعره بأنه قوي، وثانيا شجعيه على تجربة الأشياء الجديدة حتى يكتسب الشجاعة وعدم الخوف من الجديد، وثالثا علميه أن يرتبط بمجموعة أصدقاء ينتمى لهم لأن مَنْ يريد أن يتنمر عليه عندما يعلم أن معه أصدقاء فإنه يحسب لهم حسابا، رابعا علميه التحايل والجري وعدم المواجهة مع المتنمر إذا شعر بأنه أضعف منه، وخامسا بيني له أنه ليس من الخطأ اللجوء إلى الكبير والشكوى له ليأدب مَنْ يرغب بالاعتداء عليه، وسادسا علميه فنون ومهارات الدفاع عن النفس، وأخيرا العبي معه لعبة تبادل الأدوار في تمثيلية أن تتنمري عليه مرة وهو يتنمر عليكِ مرة أخرى ليتعلم كيف يتعامل مع مَنْ يتنمر عليه ويدافع عن نفسه، قالت: وهذه سبعة أفكار جميلة سأضع لها خطة وأطبقها على ولدي مع الأفكار الستة الأولى في تقوية شخصيته وجعلها اجتماعية.

@drjasem