د. محمد حامد الغامدي

n حتى أكون منصفا، فإني أعتبر هذا المقال أقرب إلى (الهوشة)، دفاعا عن نفسي، وعن (عرب الخليج)، والشعب الفلسطيني المقهور، من زعاماته البائسة. يروجون بأن صلاحية عروبتنا انتهت. فاتهم أن المرتزقة والخونة، دوما، ما يطفون على السطح، لتلتهمهم عصافير الحقائق، ولا أقول صقورها.

n من خان القضية الفلسطينية وباعها؟ سؤال أضعه أمام كل فلسطيني غاضب من عرب الخليج، كما يحلو لهم تسميتنا؟ إنني عربي أكثر شهامة ومرجلة. ومنذ طفولتي، أفاخر بدفع ريال فلسطين، قبل شراء كسرة الخبز. فخور بمواقفي الإيجابية، المستدامة، لأنني من عرب الخليج.

n موقفكم السلبي يدعوني لطرح هذا السؤال: هل ارتكب العرب حماقة، عندما منحوا منظمة (فتح) شيكا على بياض، لتصبح الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني؟ أصبحت هذه المنظمة (تسوط العرب سوط)، ومعهم الشعب الفلسطيني. جعلوا الجميع، بهذا التفويض، فريسة على مائدة ذلك العجّان اللئيم. من ترك البندقية وتاجر بالقضية؟ من أعلن خيانته بشعارات التمويه والمغالطات، خاصة شعار: (سلام الشجعان)؟

n خاض العرب حرب (48)، وكان (عرب الخليج) في المقدمة، واستشهد منهم الكثير، كان قريبي أحدهم. ثم كانت حرب (56) من أجل فلسطين. ثم حرب (67)، فحرب (73). هذه حروب عربية، حيث سالت دماء العرب، من أجل فلسطين وأهلها. تركت أرواح الشهداء العرب رسائل وحقائق، تجاهلتها القيادات الفلسطينية. كان هناك أيضا حروب المواقف، والدعم، والمواجهة، والمقاطعة.

n بالمقابل، ما هي حروب القيادات الفلسطينية؟ افتعلوا حرب أيلول الأسود في الأردن، وحروب لبنان، وتسببوا في مجزرة (صبرا وشاتيلا)، حيث قُتل في ليلة واحدة، أكثر من خمسة آلاف فلسطيني، ذنبهم أن المنظمات الفلسطينية تمثلهم. وهناك أيضا حروب اغتيالاتهم للزعماء العرب، والشخصيات العربية، اغتيالات مدفوعة الأجر، وأيضا حروب خطف الطائرات والرهائن خارج الأرض الفلسطينية.

n ثم جاء صوت المنظمات الفلسطينية، لتنادي العرب للاحتشاد ضد الرئيس السادات. واستجابت النخوة العربية، وفرشت بغداد بساط استضافة هذه النخوة، إرضاء لـ(فتح) وبقية منظمات الضياع الفلسطينية، فأعلنوا مقاطعة مصر ورئيسها. وتظاهر الفلسطينيون في كل مكان، يستنكرون خطوة السادات. السؤال من حرك هذا الاستنكار؟ من جعل أهل فلسطين يلعنون السادات والعرب؟ إنها (فتح) وبقية فصائل التطبيل والشعارات.

n وبعد سنوات، وفجأة، ظهر وجه القُبح والخيانة، لينادي بـ(سلام الشجعان). صدمة جعلتني في حيرة مستدامة. هل الذي ينادي بالسلام مع العدو شجاع، وهو في موقف الضعيف، والمهزوم، واللاجئ؟ هل الذي وقع وثائق الاستسلام شجاع؟ الأمر المحيّر، هو استقبال هذه الخيانة بالورود، ومظاهرات التأييد من قبل أهل فلسطين، فاعتبروه بطلا، بينما كان السادات خائنا لقضية فلسطين. أي تناقض تعيشون؟.

n أتعجب عندما يتهم الفلسطينيون (عرب الخليج) بالخيانة، وكسر المواثيق والاتفاقات العربية وتجاوزها. ألستم أنتم من ذهب في طريق مشروعكم (سلام الشجعان)، ضاربين عرض الحائط، بكل الاتفاقيات العربية، وقرارات الجامعة العربية؟ ألستم أنتم من كسر قرارات مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة وقراراتها الكثيرة الأرقام، وسعيتم لتسليم رقابكم ومستقبلكم، لعدوكم المغتصب لأرضكم؟ حتى دون شروط بعدم الاستيطان. تقول العرب: (ما يفجر الحوض إلّا أخس البقر).

n تناقض فلسطيني ليس له مثيل عبر التاريخ. وهذا سلام الشجعان، في ظله تفشى الاستيطان وتعمق التشرذم، وأصبحت القدس عاصمة لإسرائيل، وضاعت قضية اللاجئين، ومات صاحب الشعار مسموما، وهذا جزاء الخائنين. وعندكم مازال بطلا، تقدسه جماعات المصالح والمتاجرة بالقضية الفلسطينية.

n أقترح على العرب سحب تفويضهم لمنظمة (فتح)، بأنها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني، وإعطاء هذا التفويض للجامعة العربية، والبدء في محاكمة القادة الفلسطينيين، الأحياء والأموات، لتعرف الأجيال العربية القادمة من هو الخائن الحقيقي للقضية الفلسطينية، وأيضا لحماية الشعب الفلسطيني من قيادات لا تجيد غير حشد الجماهير الفلسطينية ضد نفسها وضد العرب، وضد القضية.

@DrAlghamdiMH