عيسى آل عباس

طوال عقد الستينات وحتى بداية السبعينات كان سعر البترول لا يتعدى 2 دولار للبرميل وكانت الرواتب لا تزيد على بضع مئات وذلك لعلية القوم، أما العامة فكانت أرزاقهم لا تصل ١٠٠ ريال شهريا. أغلبية الناس كانت تقتات مما تنبت الأرض أو من صيد البر والبحر.

وفي عام 1973 «طفر» سعر البترول وواصل الارتفاع إلى 35 دولارا للبرميل حتى بداية الثمانينات.

وارتفعت إيرادات الدولة من 13 مليارا في عام 1972 إلى 330 مليار ريال عام 1981. أي ما يزيد على 25 تدبيلة بمصطلحات اليوم.

تخيل لو كان راتبك 1000 ريال ثم أصبح 25،000 ريال. ولو كان دخلك 10،000 ريال سيصبح 250،000 ريال. ثم تخيل أن هذا كان حال بلد كامل بحجم قارة. تلك يا سادة يا كرام كانت المكرمة الإلهية.

هجر الناس بيوت الطين والعشش والهجر وتسابقوا في شراء المخططات والأراضي وبناء بيوت حديثة مزينة بالأعمدة الخرسانية والطابوق المزخرف، ودخلت الكهرباء كل البيوت وأصبح كل بيت فيه مكيف هواء وتلفزيون ملون وتليفون وخادمة، ناهيك عن سيارة وأكثر. وتوسع الناس في المسكن والملبس (حيث وصل عدد أزرار ياقة الثوب إلى 4 في بعض الأحيان) وتملك العرب الشقق في بيروت ولندن ولوس أنجليس.

فطنة أولياء الأمر، رحم الله منهم الماضين وأيد الباقين، أدت الى وضع الخطط التنموية وتنفيذها. اتسع آنذاك برنامج بناء المدارس والجامعات وتعليم البنات الذي وضع نواته الملك فيصل -يرحمه الله-، وانطلق برنامج الابتعاث في عهد الملك خالد، وتوسعت تلك البرامج لتشمل المستشفيات والطرق والبرامج الاجتماعية. وفي عهد الملك فهد -يرحمه الله- بدأ العهد الذهبي وتوسعة الحرمين الشريفين ومضاعفة أعداد المبتعثين وبناء الطرق والمستشفيات التخصصية، وتم وضع نواة الدولة الحديثة التي تعنى ببناء ورفاهية الإنسان السعودي والحضور الدولي الفاعل. ثم أتى عهد الملك عبدالله -يرحمه الله- والذي ركز على التوسع في كل شيء يهم المواطنين من كل الفئات، وبرنامج الابتعاث الذي شمل الجميع خير شاهد. ولو أن إحدى الجدات قدمت طلبا للابتعاث لحصلت على الموافقة، فازداد الرفاه وعم الرخاء حتى شعر كل مواطن أن له حظوة خاصة عند الملك. يرحمهم الله جميعا ويحسن إليهم.

وها نحن اليوم نعيش العهد الزاهز، حيث قبلت المملكة التحدي ودخلت نادي الحداثة من أوسع أبوابه، ولا أدري من أين أبدأ والملحمة الأسطورية بالكاد ابتدأت ولا تنتهي. ولا تكفي الإشارة إلى حزمة البرامج الإقتصادية التي أطلقتها الدولة لمساندة الأعمال والمواطنين على تخطي أزمة الجائحة، أو تمكين المرأة من أخذ دورها في مسيرة الوطن كجزء من الكل، أو الأخذ بيد كل متسيب أو مقصر أو متهاون كائنا من كان، أو حضور المملكة في صدر مجلس الأمم ممثلة بشاب متعلقة به آمال أمة.

وعلى الصعيد الدولي فالمملكة اليوم ترأس بفاعلية مجموعة العشرين (أكبر ٢٠ اقتصادا في العالم) ولها حضور دولي ذو ثقل سياسي واقتصادي وعسكري يحاكي ويفوق الدول العظمى،

واليوم نبارك لأنفسنا ولملكنا ولولي عهده وقائد نهضتنا بلوغ ٩٠ عاما منذ أن صدح المؤذن بمقولته التي عبرت الزمان والمكان «الملك لله ثم لعبدالعزيز».

نحن أبناء هذه البلاد ويحق لنا أن نفتخر.