د ب أ - واشنطن

معظم المتطرفين اعتنقوا الإسلام حديثا وانخرطوا في التنظيمات بالولايات المتحدة

من أجل الحرص على استمرار الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر، وبعد أن أدى العمل العسكري خارج الولايات المتحدة إلى تشتت تنظيم القاعدة، وبعد أن نجحت جهود أجهزة المخابرات في عرقلة نشاطه، دعا التنظيم الإرهابيين في الداخل إلى حمل السلاح. وحذا تنظيم «داعش» حذوه في وقت لاحق. وأسفرت هذه الدعوات عن بعض المخططات وقليل من الهجمات، لكن عمومًا كان الجهاد الأمريكي فاشلًا.

سجلات 422

ويقول بريان مايكل جينكنز، وهو أحد كبار مستشاري رئيس مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية «راند» إنه تم في بحث أخير فحص سجلات 422 من الجهاديين في الولايات المتحدة - والمعروف عنهم جميعًا قيامهم بتخطيط أو تنفيذ هجمات بعد 11 سبتمبر، وكذلك سجلات مَن سافروا ـ أو حاولوا السفرـ للانضمام إلى جبهات الجهاديين في الخارج.

وأضاف جينكنز في تقرير نشرته مؤسسة «راند» التي بدأ بتكليف منها في عام 1972 القيام ببحث مسألة الإرهاب إن أغلبية الجهاديين الأمريكيين كانوا من الرجال، وأقل من 6% كن نساء، معظمهن عُدن برفقة أزواجهن أو أسرهن من سورية والعراق. وكان متوسط الأعمار 27 عامًا، ومعظمهم توجّهوا إلى مناطق قتال في دول لم يروها من قبل - ليس لزيارتها، ولكن للمشاركة في القتال، ربما ليموتوا أو لاكتساب المهارات التي سوف تمكّنهم من العودة إلى الولايات المتحدة وتنفيذ هجمات فيها.

تجنيد الآخرين

وكانت قراراتهم شخصية وفردية. وليس هناك دليل قوي على أن أيديولوجيات الجهاديين أو دعواتهم لتجنيد الآخرين، حظيت بقدر كبير من الاهتمام بين المجتمعات المسلمة في أمريكا. وكانت النتيجة ضئيلة للغاية. فبالمقارنة بعدد الــ422 المسجلين كمخططين للهجمات والمسافرين لمناطق قتال، تطوع أكثر من 4000 مسلم أمريكي في القوات المسلحة الأمريكية في نفس الفترة بعد 11 سبتمبر.

كما كان مسلمون هم مصدر المعلومات التي أدت إلى الاعتقالات، وأحبطت المخططات. وأضاف جينكنز إن كثيرًا ممن يختارون أن يكونوا جهاديين بدافعهم الشخصي، منفصلون عن عائلاتهم وعن مجتمع اعتبروه مليئًا بالكفار؛ وكانوا يشعرون بالغربة والإحباط أو الملل أو عدم الرضا - أو بكل ذلك، وكانوا في حالة تشكّك بالنسبة لديانتهم. وفي ظل كل ذلك كانوا يرون أن المخاطر أمر مقبول بالنسبة لهم.

التحول للتطرف

وحوالي نصف الــ244 شخصًا المذكورين وُلدوا في الولايات المتحدة. والذين وُلدوا في الخارج قدِموا مما لا يقل عن 48 دولة ذات أغلبية إسلامية ومن أمريكا اللاتينية، وأوروبا، وشرق آسيا. وكل المولودين في الخارج تقريبًا تم تجنيسهم كمواطنين أمريكيين، أو يتمتعون بالإقامة الدائمة القانونية، و12 فقط منهم كانوا في الولايات المتحدة بتأشيرات مؤقتة.

وأربعة فقط منهم دخلوا البلاد بصورة غير شرعية. وثلاثة منهم كانوا إخوة ألبانًا قدِموا وهم صغار مع أسرهم عام 1984 وتم إلقاء القبض عليهم، بعد ذلك بـ23 عامًا لمشاركتهم في مخطط إرهابي.

وفي حقيقة الأمر ـ فإن معظم المولودين في الخارج من الأشخاص المذكورين وصلوا إلى الولايات المتحدة، وهم أطفال وعاشوا فيها حوالي 12 عامًا قبل إلقاء القبض عليهم، مما يشير إلى أن معظمهم أو كلهم جميعًا تم تحويلهم للتطرف بعد وصولهم.

خلفيات اجتماعية

وباختصار، فإن الجهاديين في أمريكا لم يكونوا مطلقًا مشكلة تتعلق بالهجرة. ولا يبدو أنه تم السماح لأشخاص متطرفين بدخول الولايات المتحدة، أو أن نظام التحقق من الزائرين أو المهاجرين فاشل. فالمجاهدون الأمريكيون صنعوا في الولايات المتحدة.

وقال جينكنز إن تعليمهم لم يختلف كثيرًا عن تعليم باقي الأمريكيين، كما أنهم ينتمون إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة. ولا يبدو أن التطرف في أمريكا هو نتاج الفقر أو الحرمان.

وأكثر من ثلث الأشخاص المذكورين لم يكونوا مسلمين، ومعظمهم اعتنقوا الإسلام حديثًا. وبالمثل فإن بعض المولودين مسلمون مرّوا بعملية إعادة استكشاف لديانتهم وتبنّوا شكلًا من أشكال الإسلام أكثر صرامة. وفي الوقت نفسه لا يعني تحوّل الشخص للإسلام دائمًا أنه يعرفه حق المعرفة.

وفي بعض الحالات، يبدو أن جاذبية العنف، وفرصة الشخص في أن يصبح محاربًا كانتا من دوافع الرغبة في المشاركة في الجهاد المسلح. ولم يكن القدر رحيمًا به؛ إذ إن حوالي 90% منهم قتلوا أو سُجنوا. ومن بين 36 شخصًا نفذوا هجمات، قُتل 15 منهم أثناء العملية أو بعدها مباشرة. وتم التعرف على معظم الآخرين وإلقاء القبض عليهم في غضون ساعات.

حملة داعش

واجتذبت حملة داعش العالمية للتجنيد 5000 من الأوروبيين للمشاركة في القتال في سورية بعد عام 2012، ولكن لم تجتذب سوى مئات قليلة من الولايات المتحدة. ووفقًا لقواعد مراقبة الجهاديين المتجهين للشرق الأوسط اعترضت السلطات الأمريكية الكثيرين منهم.

وحوالي ثلثي أولئك الذين سافروا في عام 2012 أو بعد ذلك، تم إلقاء القبض عليهم وهم في طريقهم إلى جبهات الجهاديين أو بعد وقت قصير من عودتهم. ورغم أن التشكيلات الجهادية ما زالت نشطة في الخارج، تضاءل هذا النشاط باطراد بعد 2015، ويمكن اعتبار فشل الجهاديين انتصارًا للولايات المتحدة - رغم تكلفته الباهظة.