عبدالحميد الحمادي

من غير الممكن أن نرى تطورا اجتماعيا واقتصاديا وتقنيا وثقافيا من غير أن يكون للتعليم دور أساسي فيه، فنهضة الدول والأمم إنما تقوم على أيدي أبنائها المتعلمين، وهؤلاء المتعلمون نراهم في جميع التخصصات العلمية، بمعنى أن جميعهم تخرجوا على أيدي معلمين أكفاء، نهلوا منهم بأنواع من العلوم والخبرات، وحظوا بمزيد من التشجيع والاهتمام.

احتفل العالم في الخامس من أكتوبر 2020م بـ(اليوم العالمي للمعلم)، ويأتي هذا الاحتفال بعد أن قررت (191) دولة إغلاق مدارسها خلال انتشار فيروس كورونا مما أثر على أكثر من (مليار) طالب وطالبة حول العالم، وفق تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» اعترافا وامتنانا لأصحاب هذه المهنة على ما قدموه ويقدمونه لمجتمعاتهم وأوطانهم.

ودور المعلم ريادي في بناء المجتمع من خلال تعليم النشء وغرس القيم النبيلة والقيّمة في نفوسهم، فقد استأمنه المجتمع بأكمله على فلذات الأكباد، وهذه الأمانة وحدها كافية لنرى أهمية دور المعلم وأثره في نهضة المجتمع ومؤسساته. فهو يكتب المستقبل.

استشعار العالم بأهمية وعظم دور مهنة التعليم يعكس مدى الوعي، الذي يحظى به قادة ومفكرو ومثقفو دول العالم، إلا أن هذا الاهتمام لم يتجاوز 26 عاما منذ بداية انطلاق الاحتفال 1994م، حيث كان الاعتراف بدور المعلم وأهمية التعليم قد بدأ منذ حوالي 1400 عام مع بداية انطلاق الرسالة المحمدية الخالدة.

وقد توالت النصوص المؤكدة على عظمة وجلالة هذه المهنة ؛ فتارة أتت (تحفيزا للطالب وأهمية تلقيه للعلم): فعَنْ أَبي الدَّرْداءِ ؛ قَال: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ، يقولُ: «منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ»، وتارة جاءت (معترفة بفضل المعلم) «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)».

والتفاؤل والثقة كبيرة بمعلمي الوطن الغالي، لا سيما وهم يحظون بقيادة وزارية تتفهم احتياجاتهم وتلبي مطالبهم وتفتح لهم قنواتها لتتلقى ملاحظاتهم واقتراحاتهم، وتسمع همومهم وتحدياتهم بقيادة الوزير الإيجابي معالي الدكتور حمد آل الشيخ، الذي يؤمن بدور المعلم وفاعليته في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030م التعليمية ومساعيها لتحويل المعلم من ناقل للمعرفة إلى منتج للمعرفة.

فشكرا من القلب لكل معلم وإداري يعمل بإخلاص ومثابرة ووطنية.

وقد أشار ابن كثير في (البداية والنهاية): «إلى أن هناك معلمين ومؤدبين ترقى بهم الحال في بعض وظائف الدولة حتى صاروا وزراء، مثل إسماعيل عبدالحميد، حيث تقلبت به الأحوال إلى أن صار وزيرا في عهد مروان بن محمد». بالإضافة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي كان بمثابة وزير ووالٍ في عهد عبدالملك بن مروان، حيث كان يعتمد عليه كثيرا في اتساع دولة الخلافة الأموية لما كان عليه من (ظلم وبطش وتجرؤه على إراقة الدماء).

كلمة أخيرة: شكراً لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، الذي وفر كل سبل النجاح والتقدم لقطاع التعليم لتستمر عملية التعليم رغم الظروف الاستثنائية، وشكراً لولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان لما حظي به قطاع التعليم والمعلمين في رؤية المملكة العربية السعودية 2030م من اهتمام بالغ يعكس مدى ثقتهم في مهنة التعليم حول بناء الأجيال وصناعة المستقبل.

A.j.m.alhmmade@gmail.com