تقارير دولية كشفت إرسال أنقرة مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب أذربيجان
شنت القوات المسلحة الأذربيجانية بدعم كبير من تركيا لعشرة أيام، هجومًا واسع النطاق على جمهورية «آرتساخ» الأرمنية، والمعروفة بإقليم «ناغورني قره باغ»، وذلك بالرغم من دعوة جهات دولية وإقليمية مثل روسيا والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن ومجموعة مينسك وغيرها لوقف فوري لإطلاق النار، حتى تدخّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجمع وزيري خارجية البلدين في موسكو، وأعلن عن وقف لإطلاق النار، أول أمس السبت.
مناوشات حدودية
ويلقي تقرير، نشره موقع أحوال التركي، الضوء على الصراع في هذا الإقليم فيقول: جرت العادة أن تشهد جمهورية «آرتساخ» المستقلة والتي أعلن عن تأسيسها من جانب واحد مطلع العام 1992، مناوشات حدودية مع جارتها أذربيجان التي ترفض استقلالها وتعتبرها جزءًا محتلًا من أراضيها، خاصة أن الاتحاد السوفياتي كان قد ضم الإقليم إداريًا لباكو، لكن معظم سكانه الأرمن يرفضون الانضمام إليها، وبسبب ذلك دخلوا في نزاع مسلح مع القوات الأذربيجانية المسلحة لنحو 5 سنوات بين الأعوام 1989 و1994، حيث تمّ التوصل لهدنة تقضي بوقف دائم لإطلاق النار.
ومنذ العام 1994، تقع اشتباكات محدودة ومؤقتة بين قوات دفاع آرتساخ التي تتخذ من مدينة ستيباناكيرت عاصمة لها، وبين القوات الأذربيجانية رغم الهدنة التي لا تزال قائمة بين الطرفين. وقد دخل الجانبان في اشتباكات عنيفة لآخر مرة قبل الصراع الحالي، مطلع أبريل من العام 2016، واستمرت تلك المواجهات ثلاثة أيام فقط.
ولم تتمكّن القوات الأذربيجانية المسلحة من مواصلة القتال في آرتساخ ضد المقاتلين الأرمن في أبريل 2016، نتيجة عدة عوامل أبرزها طبيعة المنطقة الجبلية والقاسية، التي أجبرت باكو على التراجع حينها، وإيقاف هجومها، لكنها عاودت بعد مضي أكثر من 4 سنوات قصف مقاطعة أرمينية تقع ضمن الحدود الدولية المعترف بها شمال شرق العاصمة يريفان.
مرتزقة تركيا
وكانت تلك الهجمات التي حاولت باكو من خلالها دخول عمق الأراضي الأرمينية مطلع يوليو الماضي، بمثابة التحضير لحرب جديدة ضد آرتساخ، فقد نشرت وسائل إعلام دولية بعد ذلك بأسابيع تقارير تكشف عن تجهيز أنقرة مرتزقة سوريين لإرسالهم للقتال مع القوات المسلحة الأذربيجانية، وذلك بالتزامن مع إرسالها الآلاف منهم في وقت سابق هذا العام للقتال في ليبيا.
وقد تضاربت الأنباء حول أعداد المرتزقة السوريين الذين وصلوا إلى نقاط المواجهات بين باكو وستيباناكيرت منذ هجوم الأولى على الأخيرة يوم 27 سبتمبر الماضي، فالاستخبارات الأرمينية تقول إن عددهم بلغ نحو 4000 مقاتل، بينما تتحدث وسائل الإعلام عن مئات وأحيانًا الآلاف. والمؤكد الوحيد هو وصولهم بالفعل بأعداد كبيرة إلى الحدود الأذربيجانية مع «آرتساخ».
واللافت أن هؤلاء المرتزقة سرّبوا بأنفسهم فيديوهات وصورًا توثق وجودهم على الجبهات الأذربيجانية، كما سبق أن فعلوا الأمر ذاته في ليبيا، ونتيجة ذلك عبّرت موسكو ومعها باريس عن قلقهما من استخدام الإرهابيين المأجورين في الحرب الحالية.
الدعم التركي
وبحسب مسؤولين حكوميين في يريفان، فإن الدعم التركي لا يتوقف على إمداد باكو بمرتزقة سوريين فحسب، وإنما يشمل أيضًا ضباطًا أتراكًا مع عتاد وسلاح متطور أبرزه الطائرات المسيّرة من دون طيار. وقد أكد رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان قبل أيام وجود نحو 150 شخصًا من كبار المسؤولين في الجيش التركي والذين يشرفون على الهجوم الأذربيجاني عن قرب.
وعلى الرغم من الوقائع والمعطيات التي تبيّن الدعم التركي الكبير لأذربيجان في هذه المعركة عن طريق مدّها بالمقاتلين والأسلحة المتطورة وخبراء من الجيش، تحاول أنقرة التغطية على دعمها لباكو من خلال ترويج وسائل إعلامها لاستخدام يريفان وآرتساخ مقاتلين من حزب العمال الكردستاني، لكن الحقائق على الميدان تنفي هذه الدعاية التي تحاول تركيا نشرها.
ففي وقت سابق، شارك أكراد إيزيديون في حرب استقلال آرتساخ عن أذربيجان، والتي خلفت ما يزيد على 30 ألف قتيل وآلاف الجرحى ونحو مليون مشرد بين 1989 و1994، وأولئك الأكراد كانوا أصحاب الأرض وسكانها الأصليين، ولم تجلبهم يريفان أو ستيباناكيرت من تركيا على سبيل المثال، ولم يكونوا كذلك أعضاء في حزب العمال الكردستاني.
خريطة الإقليم
كشفت وزارة الدفاع الأرمينية أن عدد أولئك الأكراد وصل حينها إلى نحو 500 مقاتل كرّمتهم يريفان قبل سنوات في ذكرى استقلال آرتساخ عن باكو، وهناك فيديوهات توثق هذا التكريم، ما ينفي وجود أكراد قدموا مؤخرًا إلى آرتساخ.
والمثير للسخرية حول المشاركة المزعومة لـ «العمال الكردستاني» في الحرب الدائرة هو أن وكالات أنباء تركية تقول في تقاريرها إن مقاتلي الحزب عبروا من الأراضي السورية إلى تركيا عبر حافلات نقل برية، ومن ثم وصلوا إلى آرتساخ دون أن تعترضهم الاستخبارات التركية. وهذا بحد ذاته دليل إضافي ينفي إمكانية وصول مقاتلين أكراد إلى المنطقة المتنازع عليها بين باكو ويريفان، فمرورهم عبر تركيا أمر مستحيل لا سيما أن أنقرة تلاحق الحزب وتصنفه كمنظمة إرهابية.
كما أن الرئيس الأرميني أرمين سركيسيان تطرّق للتقارير التي تتحدث عن مشاركة مقاتلي «العمال الكردستاني» في الحرب الحالية، واعتبر في مقابلة تليفزيونية مع «العربية» أن وجود مقاتلين من هذا الحزب على جبهات القتال هو محض كذب وافتراء.
كردستان الحمراء
وفي هذا الصدد، لابد أيضًا من التذكير بجمهورية كردستان الحمراء أو كردستان السوفياتية التي أقيمت للمرة الأولى في القوقاز وضمت أجزاء من آرتساخ في فترة ما بين الحربين العالميتين، لكن نهايتها كانت مأساوية، حيث دمرت مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي ونُفي منها معظم سكانها الأكراد (المسلمين على وجه الخصوص) وأرسلوا بناءً على أوامر الاتحاد السوفياتي إلى دول أخرى مثل كازاخستان وطاجيكستان وغيرها، وذلك إرضاء لتركيا الحديثة ومؤسسها مصطفى كمال أتاتورك.
وفي عام 1992 وعقب انهيار الاتحاد السوفياتي تم تهجير ما تبقى من الأكراد (المسلمين أيضًا) مرة أخرى من جمهورية آرتساخ نتيجة الحرب التي دارت بين الجمهورية وأذربيجان وسقوط جمهورية كردستان الحمراء مرة ثانية والتي لم تدم طويلًا آنذاك بعد نفي رئيسها إلى إيطاليا، فيما بقي الأكراد الإيزيديون يحاربون مع الأرمن للحصول على استقلالهم عن أذربيجان التي لم تعترف إلى الآن بالوجود الكردي على أراضيها. ولهذا السبب من الطبيعي اليوم أن نصادف أكرادًا في الجيش الأرميني، وكذلك في جيش آرتساخ، ليس لأنهم أعضاء في حزب «العمال الكردستاني»، وإنما باعتبارهم سكان المنطقة الأصليين.
مناوشات حدودية
ويلقي تقرير، نشره موقع أحوال التركي، الضوء على الصراع في هذا الإقليم فيقول: جرت العادة أن تشهد جمهورية «آرتساخ» المستقلة والتي أعلن عن تأسيسها من جانب واحد مطلع العام 1992، مناوشات حدودية مع جارتها أذربيجان التي ترفض استقلالها وتعتبرها جزءًا محتلًا من أراضيها، خاصة أن الاتحاد السوفياتي كان قد ضم الإقليم إداريًا لباكو، لكن معظم سكانه الأرمن يرفضون الانضمام إليها، وبسبب ذلك دخلوا في نزاع مسلح مع القوات الأذربيجانية المسلحة لنحو 5 سنوات بين الأعوام 1989 و1994، حيث تمّ التوصل لهدنة تقضي بوقف دائم لإطلاق النار.
ومنذ العام 1994، تقع اشتباكات محدودة ومؤقتة بين قوات دفاع آرتساخ التي تتخذ من مدينة ستيباناكيرت عاصمة لها، وبين القوات الأذربيجانية رغم الهدنة التي لا تزال قائمة بين الطرفين. وقد دخل الجانبان في اشتباكات عنيفة لآخر مرة قبل الصراع الحالي، مطلع أبريل من العام 2016، واستمرت تلك المواجهات ثلاثة أيام فقط.
ولم تتمكّن القوات الأذربيجانية المسلحة من مواصلة القتال في آرتساخ ضد المقاتلين الأرمن في أبريل 2016، نتيجة عدة عوامل أبرزها طبيعة المنطقة الجبلية والقاسية، التي أجبرت باكو على التراجع حينها، وإيقاف هجومها، لكنها عاودت بعد مضي أكثر من 4 سنوات قصف مقاطعة أرمينية تقع ضمن الحدود الدولية المعترف بها شمال شرق العاصمة يريفان.
مرتزقة تركيا
وكانت تلك الهجمات التي حاولت باكو من خلالها دخول عمق الأراضي الأرمينية مطلع يوليو الماضي، بمثابة التحضير لحرب جديدة ضد آرتساخ، فقد نشرت وسائل إعلام دولية بعد ذلك بأسابيع تقارير تكشف عن تجهيز أنقرة مرتزقة سوريين لإرسالهم للقتال مع القوات المسلحة الأذربيجانية، وذلك بالتزامن مع إرسالها الآلاف منهم في وقت سابق هذا العام للقتال في ليبيا.
وقد تضاربت الأنباء حول أعداد المرتزقة السوريين الذين وصلوا إلى نقاط المواجهات بين باكو وستيباناكيرت منذ هجوم الأولى على الأخيرة يوم 27 سبتمبر الماضي، فالاستخبارات الأرمينية تقول إن عددهم بلغ نحو 4000 مقاتل، بينما تتحدث وسائل الإعلام عن مئات وأحيانًا الآلاف. والمؤكد الوحيد هو وصولهم بالفعل بأعداد كبيرة إلى الحدود الأذربيجانية مع «آرتساخ».
واللافت أن هؤلاء المرتزقة سرّبوا بأنفسهم فيديوهات وصورًا توثق وجودهم على الجبهات الأذربيجانية، كما سبق أن فعلوا الأمر ذاته في ليبيا، ونتيجة ذلك عبّرت موسكو ومعها باريس عن قلقهما من استخدام الإرهابيين المأجورين في الحرب الحالية.
الدعم التركي
وبحسب مسؤولين حكوميين في يريفان، فإن الدعم التركي لا يتوقف على إمداد باكو بمرتزقة سوريين فحسب، وإنما يشمل أيضًا ضباطًا أتراكًا مع عتاد وسلاح متطور أبرزه الطائرات المسيّرة من دون طيار. وقد أكد رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان قبل أيام وجود نحو 150 شخصًا من كبار المسؤولين في الجيش التركي والذين يشرفون على الهجوم الأذربيجاني عن قرب.
وعلى الرغم من الوقائع والمعطيات التي تبيّن الدعم التركي الكبير لأذربيجان في هذه المعركة عن طريق مدّها بالمقاتلين والأسلحة المتطورة وخبراء من الجيش، تحاول أنقرة التغطية على دعمها لباكو من خلال ترويج وسائل إعلامها لاستخدام يريفان وآرتساخ مقاتلين من حزب العمال الكردستاني، لكن الحقائق على الميدان تنفي هذه الدعاية التي تحاول تركيا نشرها.
ففي وقت سابق، شارك أكراد إيزيديون في حرب استقلال آرتساخ عن أذربيجان، والتي خلفت ما يزيد على 30 ألف قتيل وآلاف الجرحى ونحو مليون مشرد بين 1989 و1994، وأولئك الأكراد كانوا أصحاب الأرض وسكانها الأصليين، ولم تجلبهم يريفان أو ستيباناكيرت من تركيا على سبيل المثال، ولم يكونوا كذلك أعضاء في حزب العمال الكردستاني.
خريطة الإقليم
كشفت وزارة الدفاع الأرمينية أن عدد أولئك الأكراد وصل حينها إلى نحو 500 مقاتل كرّمتهم يريفان قبل سنوات في ذكرى استقلال آرتساخ عن باكو، وهناك فيديوهات توثق هذا التكريم، ما ينفي وجود أكراد قدموا مؤخرًا إلى آرتساخ.
والمثير للسخرية حول المشاركة المزعومة لـ «العمال الكردستاني» في الحرب الدائرة هو أن وكالات أنباء تركية تقول في تقاريرها إن مقاتلي الحزب عبروا من الأراضي السورية إلى تركيا عبر حافلات نقل برية، ومن ثم وصلوا إلى آرتساخ دون أن تعترضهم الاستخبارات التركية. وهذا بحد ذاته دليل إضافي ينفي إمكانية وصول مقاتلين أكراد إلى المنطقة المتنازع عليها بين باكو ويريفان، فمرورهم عبر تركيا أمر مستحيل لا سيما أن أنقرة تلاحق الحزب وتصنفه كمنظمة إرهابية.
كما أن الرئيس الأرميني أرمين سركيسيان تطرّق للتقارير التي تتحدث عن مشاركة مقاتلي «العمال الكردستاني» في الحرب الحالية، واعتبر في مقابلة تليفزيونية مع «العربية» أن وجود مقاتلين من هذا الحزب على جبهات القتال هو محض كذب وافتراء.
كردستان الحمراء
وفي هذا الصدد، لابد أيضًا من التذكير بجمهورية كردستان الحمراء أو كردستان السوفياتية التي أقيمت للمرة الأولى في القوقاز وضمت أجزاء من آرتساخ في فترة ما بين الحربين العالميتين، لكن نهايتها كانت مأساوية، حيث دمرت مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي ونُفي منها معظم سكانها الأكراد (المسلمين على وجه الخصوص) وأرسلوا بناءً على أوامر الاتحاد السوفياتي إلى دول أخرى مثل كازاخستان وطاجيكستان وغيرها، وذلك إرضاء لتركيا الحديثة ومؤسسها مصطفى كمال أتاتورك.
وفي عام 1992 وعقب انهيار الاتحاد السوفياتي تم تهجير ما تبقى من الأكراد (المسلمين أيضًا) مرة أخرى من جمهورية آرتساخ نتيجة الحرب التي دارت بين الجمهورية وأذربيجان وسقوط جمهورية كردستان الحمراء مرة ثانية والتي لم تدم طويلًا آنذاك بعد نفي رئيسها إلى إيطاليا، فيما بقي الأكراد الإيزيديون يحاربون مع الأرمن للحصول على استقلالهم عن أذربيجان التي لم تعترف إلى الآن بالوجود الكردي على أراضيها. ولهذا السبب من الطبيعي اليوم أن نصادف أكرادًا في الجيش الأرميني، وكذلك في جيش آرتساخ، ليس لأنهم أعضاء في حزب «العمال الكردستاني»، وإنما باعتبارهم سكان المنطقة الأصليين.