د. ريم الدوسري

تنهض الأمم بالتعليم؛ فهو الركيزةً الأساسيةً للتقدم، مواجهة تحديات المستقبل والطريق للتنمية الشاملة. المعلم هو اللبنة الأولى في المنظومة التعليمية، دوره محوري في رفعة المجتمعات عبر إعداد العقول لصناعة مجتمع واعٍ، اقتصاد مزدهر ومستقبل وطن.

احتفت المملكة الأسبوع الماضي بيوم المعلم العالمي تحت شعار «المعلمون: القيادة في أوقات الأزمات وإعادة تصوُّر المستقبل»، ونوه مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بما يجده المعلمون والمعلمات من دعم واهتمام القيادة الرشيدة لتمكينهم من أداء رسالتهم لمواكبة رؤية 2030، مبيناً التقدير لكل ما يبذلونه من جهود، وما يرسمونه من الإنجازات وقصص التفاني خصوصاً وفي هذا العام باستمرار التعليم الافتراضي. الاهتمام بهذا اليوم ليس من أجل المعلم فقط بل إيماناً بمكانته ورسالته السامية وتأكيداً لدوره الفاعل.

مؤشرات تعليم المعرفة تؤكد على أن التعليم عن بعد أصبح خياراً استراتيجياً للمستقبل، فتهيئة المعلم في هذا المجال أمر في غاية الأهمية. فالمعلمون المتمكنون يرتقون بالأفراد، فهم قادرون على توفير احتياجات الطلاب من خلال تطوير مخرجات التعليم بشكل عام وعلى وجه الخصوص في ظل الظروف الاستثنائية التي نعيشها مع الجائحة حيث ازدادت الحاجة إلى هذا النوع من التعليم.

إن الظروف الفريدة والطارئة التي خضناها في الفترة الماضية دليل قاطع على كفاءة وقدرات كوادر المعلمين والمعلمات السعوديين وجاهزيتهم للتكيف مع أي مستجدات واتخاذ التدابير لتعزيز التعليم لبناء جيل واعد. المسؤولية الموكلة لهم ضخمة والتحديات التي يواجهونها عظيمة لإيجاد مسارات بديلة وتمكينهم من إدارة العملية التعليمية بفاعلية عبر فصول افتراضية تسمح للمعلم أن يتفاعل مع طلابه بشكل متزامن أو غير متزامن مشتملةً على عددٍ من عناصر الفصل الحقيقي.

بذلت السعودية كل ما بوسعها للنهوض بالعملية التعليمية في ظل الأزمة التي يمر بها العالم أجمع فسخرت الإمكانيات والموارد المادية، البشرية والإلكترونية. فبقي علينا أن نتكاتف معاً للارتقاء والنهضة بالوطن، ولعل الدور يرتكز أيضا على توجيه الطلبة من قبل أولياء الأمور ليتمّ التوازن، لأن دور المعلمين عن بعد يتطلّب التعاون على عدّة مستويات، المرحلة تتطلّب التركيز، التنظيم والإيمان بالتغير على المستوى الرقمي والتعليمي. وكما قال جون كارمان: «المعلم هو الشخص الوحيد الذي يُقاسمك تربية أبنائك، وأنت على قيد الحياة. ‏فلا ترضَ بالإساءة إليه، أو التقليل من شأنه» فيقع على عاتق الأسرة حمل كبير في تعزيز مكانة المعلم والتأكيد على أهمية دوره.

إن 60 % من نجاح العملية التعليمية يقع على عاتق المعلم كما ورد في كتاب «رؤى في تأهيل معلم القرن الجديد». ولو نظرنا للأمم المتقدمة سنجد أنهم رفعوا مكانة المعلم، ولدينا في دولة سنغافورة أفضل مثال، فتطورها كان بسبب تغيّر مكانة المعلمين.

من المؤكد أن الفترة القادمة ستحمل في طياتها العديد من التحديات الجديدة والمختلفة، والتعليم عن بعد سيكون أحد عناصر التعليم الأساسي وليس حلا بديلا لأزمة نعيشها.

تحية إجلال للمعلمين والمعلمات الذين أدوا واجبهم بكل أمانة وإخلاص في الظروف الصعيبة التي نمر بها.

DrAL_Dossary18 @