محمد العوام

قد يكون مصطلح التفكك النفسي جديدا على مسامعك أو يتبادر إلى ذهنك وربما تجد فيه التقارب بينه وبين التفكك الأسري، إلا أنه أخطر من التفكك الأسري بكثير فالتفكك الأسري هو غياب أحد الوالدين أو طلاقهما والتفكك الأسري يكون ظاهر المعالم وواضحا ويمكن علاجه بتوفير نماذج والدية أو متابعة الأولاد لأننا ندرك المشاكل التي ممكن أن يقعوا فيها في حياتهم جراء هذا التفكك.

أما التفكك النفسي فهو غير ظاهر المعالم ويكون في الأسر التي يعتقد أفرادها بأنهم لا يعانون من مشاكل نتيجة اعتمادهم على المظاهر بأنهم يعيشون مع بعض ولا يعانون من طلاق أو هجر أو فقدان، فالمقصود بالتفكك النفسي هو ابتعاد نفسي أو شعور أفراد الأسرة بابتعادهم عن بعض نفسيا، فهو يمثل جروحا صغيرة تكبر مع مرور الزمن، ومن أسباب التفكك النفسي عدم فهم الآباء والأمهات للفروق الفردية بين أبنائهم وبالتالي يتم تفضيل ابن على ابن آخر مما يولد الحقد والكره بينه وبين الآخر مما يسبب قطع العلاقة بينهما في المستقبل، ومما قد يتسبب بانحراف الابن بالحاضر فالأسر التي لا تهتم وجدانيا بأبنائها يبحث عمن يهتم به ويشاركه خارج أسرته مما يعرضه للانحراف، وهذه بداية الطريق للدخول في عالم الجريمة وبعد وقوع المراهق يتفاجأ والداه من فعلته ويبحثان عن الأسباب مع شعورهما بأنهما وفرا له كل ما يحتاجه إذن لماذا انخرط في عالم الجريمة؟ أو لماذا قطع علاقته مع إخوته؟ هنا يأتي الجواب على تساؤلاتهما بأن بحثهما وسعيهما للماديات وتوفير الكماليات جعلهما يهملان النفسيات، وهنا لا بد أن تعي الأسر أن لغة الطفل هي التعميم، يبني على مواقف سابقة أو تفضيل إخوته عليه في موقف ما يرسخ في ذهنه ويتغذى مع التقدم في السن مما يسبب الغل والحقد على إخوته، في حين يفترض أن يكون أفراد الأسرة كأفراد الجيش يدينون لبعضهم بالولاء، هنا يدينون لبعضهم بالحقد والبغض، التفضيل بين الأبناء سماه النبي عليه الصلاة والسلام بالجور.

وفي الأخير أدعو الآباء والأمهات إلى مراعاة أبنائهم وعدم التفضيل بينهم على الوجه الظاهر أو مقارنة ابن بآخر (فكل ميسر لما خلق له) محاولة الوالدين لصنع نماذج مكررة من أبنائهم تعني إجهاض إبداع أولادهم، وبالأخير لا توفروا لأبنائكم ما حرمتم منه في صغركم، بل وفروا لهم ما تتطلبه هواياتهم وإن لم تستطيعوا فبينوا لهم دعمكم لهم.

@mohammed_alawam