وول ستريت جورنال- ويليام بوسطن ترجمة- نورهان عباس

البيانات المختلطة في أوروبا تظهر أن انتعاش قطاع السيارات لا يزال هشا

برلين - ارتفعت مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا الشهر الماضي للمرة الأولى هذا العام، في إشارة إلى أن قطاع صناعة السيارات العالمي بدأ في الخروج ببطء من أسوأ ركود يمر بها منذ عقود.

لكن حتى مع عودة المستهلكين إلى الوكلاء في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، من المرجح أن يستغرق التعافي الكامل عدة سنوات لتصحيح التراجع الحاد الناجم عن عمليات الإغلاق في وقت سابق من هذا العام، حسب تأكيد المحللين السوقيين.

وكانت الصين، التي تعد أكبر سوق للسيارات في العالم من حيث المبيعات، أول من تعرضت لتفشي وباء «كوفيد- 19»، وأول من شهدت عودة قطاع السيارات إلى النمو هذا الصيف، وسرعان ما تبعتها الولايات المتحدة. والآن، يبدو أن أوروبا تتجه نحو النمو من جديد أيضًا.

وصرحت الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات، يوم الجمعة الماضي، أن تسجيلات السيارات الجديدة، والتي تعد مؤشرا للمبيعات، بلغت 1.3 مليون سيارة، بزيادة قدرها 1.1 ٪ عن العام السابق، مقارنة بزيادة قدرها 6.2 ٪ بالشهر في الولايات المتحدة.

وخلال شهر سبتمبر، ارتفعت المبيعات في شركة فولكس فاجن إيه جي، والتي تشمل أودي، وبورش، وسيات، وسكودا، بنسبة 14 ٪، مما يجعلها أسرع صانع سيارات نمواً في المنطقة. وكانت أودي هي الشركة المصنعة للسيارات الأفضل أداءً في أوروبا الشهر الماضي، حيث سجلت زيادة في المبيعات بنسبة 48 ٪. وارتفعت مبيعات فيات كريسلر إن في الأوروبية بنسبة 14 ٪، وزادت مبيعات تويوتا موتور بنسبة 9 ٪ تقريبًا.

وعلى مدار ربع العام الماضي بأكمله، ظلت مبيعات السيارات الجديدة الأوروبية منخفضة بنحو 6 ٪ في الأشهر الثلاثة حتى 30 سبتمبر، وفقًا لبيانات القطاع. ويقارن ذلك بانخفاض قدره 9.6 ٪ في الولايات المتحدة وزيادة بنسبة 7.9 ٪ في الصين، وهي المرة الأولى التي تنمو فيها مبيعات السيارات الجديدة في الصين على أساس ربع سنوي منذ عامين.

على الجانب الآخر، استفاد صانعو السيارات مثل شركات جنرال موتورز وفورد موتور وفولكس فاجن ودايملر إيه جي من زيادة الطلب في الصين، مما ساعد على تعويض الأسواق المحلية المتدهورة في بلدانهم.

وذكرت دايملر، يوم الجمعة الماضي، أن أرباحها قبل الفوائد والضرائب في الأشهر الثلاثة حتى 30 سبتمبر ارتفعت إلى 3.07 مليار يورو - ما يعادل 3.6 مليار دولار - متجاوزة تقديرات السوق بحوالي 2 مليار يورو، وذلك بعد الخسارة التي تقدر بـ 1.7 مليار يورو، والتي حققتها في الربع الثاني. وعزت الشركة زيادة الأرباح إلى تحسن الأسواق وخفض التكاليف، قائلة إنها ستعدل توقعاتها للعام بأكمله، عندما تنشر الأرباح النهائية في 23 أكتوبر الجاري.

وكانت معدلات عودة الطلب إلى أوروبا متفاوتة، حيث تسبب ظهور إصابات فيروس «كوفيد- 19» مجددًا في فرنسا وإسبانيا إلى إحباط أي انتعاش في تلك البلدان، بينما سجلت ألمانيا وإيطاليا، حيث ظلت الإصابات ضعيفة الشهر الماضي، نموًا قويًا في مبيعات السيارات الجديدة.

وتظهر بيانات الرابطة الأوروبية أن العديد من صانعي السيارات، بما في ذلك بعض العلامات التجارية للسيارات الفاخرة، استمرت في التراجع خلال الشهر الماضي.

وكان منافسو تويوتا اليابانيون مثل ميتسوبيتشي ومازدا موتور أضعف أداء في أوروبا خلال شهر سبتمبر، حيث انخفضت مبيعات ميتسوبيتشي بنسبة 25 ٪ ومازدا 23 ٪ على التوالي، كما عانى صانعو السيارات الفاخرة الأوروبية مثل جاكوار لاند روفر وبي إم دبليو ومرسيدس بنز من انخفاض حاد في المبيعات.

وسلطت مجموعة بي أس إيه الفرنسية الضوء على هشاشة الانتعاش، حيث تضم علامتي بيجو وسيتروين التجاريتين للسيارات. وعلى مدار السنوات الماضية كانت بي إس أيه إحدى شركات صناعة السيارات الأسرع نموًا في العالم، ولكنها عانت من انخفاض مبيعاتها بنسبة 14 ٪ خلال الشهر الماضي.

وقال محللون إن الطلب الذي توقف في أعقاب عمليات الإغلاق كان أحد محركات الطلب العالمي على السيارات الجديدة حاليًا. لكن بعض المحللين لاحظوا وجود حدوث انتعاش في السوق بفضل العادات الجديدة التي اكتسبها المستهلكون خلال فترة انتشار الوباء، فعلى سبيل المثال أصبح الأشخاص حول العالم ممن كانوا يعتمدون على وسائل النقل العام ومشاركة السيارات يشترون الآن السيارات لتجنب الازدحام في رحلاتهم.

وقال ارندت اللينجهورست، محلل السيارات في بيرنشتاين للأبحاث: «تتغير أنماط حياة الناس، وبات التنقل الفردي - بعيدًا عن الازدحام - أكثر تفضيلًا من أي وقت مضى».

وفي إطار متصل، أدت عدم قدرة العالم على التنبؤ بمسار الفيروس في الأسابيع والأشهر المقبل إلى عدم وجود حالة من التفاؤل طويلة الأمد.

وتتوقع مجموعة جلوبال داتا، وهي مجموعة بحثية، أن تنخفض مبيعات السيارات العالمية هذا العام بنسبة 16 ٪ مقارنة بعام 2019. وتتوقع أيضًا أن تنتعش مبيعات السيارات العالمية العام المقبل، لكنها لن تعود إلى مستويات الطلب قبل انتشار الوباء حتى عام 2023، وحتى ذلك الحين فسيناريو نمو الطلب في سوق السيارات العالمية سيكون محفوفًا بالمخاطر.

ختامًا، قال كالوم ماكراي، محلل السيارات في جلوبال داتا، في بيان: «معدلات الطلب وإنتاج السيارات الآن في مرحلة التعافي، لكن الأسس الاقتصادية لسوق السيارات العالمي تضررت بشكل جذري».