عبدالرحمن المرشد

تفعيل الرقابة الذاتية لدى الإنسان عامل مهم، يستطيع من خلاله -بإذن الله- التغلب على الصعوبات ومواجهة المشاكل بكل اقتدار وثبات، وهو يعني إعطاء الحرية ولكن بعد أن يخضع الفرد للعديد من التجارب الحياتية والكثير من النصائح والتوجيهات التي تجعله قادرا على اتخاذ القرار السليم.

من الأمور الجميلة في الصحافة ـ وأتحدث الصحافة تحديدا ـ دون التلفزيون والإذاعة، أنها عودتنا على الرقابة الذاتية، حيث تجد الصحفي عندما يكتب يعرف الخطوط الحمراء ولا يتجاوزها.. يعلم المحاذير ولا يقترب منها قدر المستطاع، ولذلك تجد الرقيب الصحفي مرتاحا.. وهذا ما نريد أن نغرسه في أبنائنا.

طلابنا يعيشون هذه الفترة نمطا تعليميا مختلفا لم يتعودوا عليه في السابق، حيث لا أسوار ولا فصول ولا موجهين ولا ذهاب للمدرسة ولا متابعة داخل الفصل وغيرها من أنماط التعليم المختلفة، ولذلك فهم يعيشون تحديا حقيقيا مع الذات.. هل ينتصرون عليه أم يهزمهم، ربما يقول البعض إن الوالدين يقومون بعملية المتابعة وهذا أمر جيد لا نريد أن يتوقف، ولكن يفترض من الأهل أن يحركوا ـ الرقابة الذاتية ـ للطالب والطالبة، بمعنى أن تكون المبادرة منه لا انتظار أحد أن يوقظه من سباته في الصباح الباكر وبالتحديد طلبة المرحلة المتوسطة والثانوية؛ لأن أغلبهم يعتمد على والديه في هذا الأمر، وهذه مشكلة كبيرة مع انشغال الأهل وارتباطهم ـ من سيوقظ الطالب ـ ولكن في حالة اعتماده على نفسه وتفعيل الرقابة الذاتية الداخلية واستشعاره للمسئولية سنجد وضعاً مختلفاً وطلبة يمكن الاعتماد عليهم بدون التدخل المباشر، ويمكن للوالدين المتابعة عن بعد مع شكر الطالب أو الطالبة على يقظتهم واهتمامهم.

أعتقد عندما نستطيع أن نحقق هذا الموضوع في أبنائنا، ونغرس في أعماقهم أهمية اعتمادهم على أنفسهم، وتأديتهم الفروض المدرسية بشكل كامل من متابعة وحضور فإننا غرسنا بذرة يانعة نستطيع الاعتماد عليها في المستقبل -بإذن الله- وسيحقق هؤلاء لأنفسهم ووطنهم كل نجاح وتميز.

الرقابة الذاتية لا تعني إطلاق الحبل تماماً، ولكن يمكن أن نعطيهم الثقة ونتابع من بعيد وإذا وجدنا تهاوناً تدخلنا حتى يعتدل المسار، ولنا أن نتخيل عندما يستيقظ الطالب أو الطالبة من تلقاء نفسه ويلتزم بالحضور والمشاركة وتأدية كافة الفروض المدرسية بدون أن يقف على رأسه أحد.. أعتقد أننا حققنا نجاحا مهما.

almarshad_1@