د. شلاش الضبعان

ندرك أن المرض النفسي ليس عيبا، وأنه كالمرض العضوي، يصيب الله به من يشاء، ولكننا أيضا ندرك أنه من العيب أن يترك المرضى النفسيون في الشوارع ليعيشوا في حالة مؤلمة من الحاجة والإذلال، وقد تؤدي بهم الحال إلى ارتكاب ما لا تُحمد عقباه، فالمريض النفسي إنسان له حقوق واحترام وواجب تقدير المعاناة التي يمر بها، ولذلك لا بد من القيام بحقه ليس من أهله فقط، بل من المجتمع بأكمله، أفرادا ومؤسسات، وهذا ما حثنا عليه ديننا الحنيف وقيمنا الأصيلة.

ترك المريض النفسي في الشوارع -كما هو الحال في شوارع مدننا- مخاطره كبيرة، فكم قُتل إنسان كان يؤمل -ويؤمل عليه- الكثير على يد مريض نفسي يعيش في الشوارع بلا رقيب ويتصرف بلا إدراك، ولا يدري المقتول فيما قُتل، والقاتل لا يدري ولا شك فيما قتل!

وكم عاش من حول أهل المريض النفسي في مخاوف مع قريبهم، فهؤلاء الأقارب لهم أطفال ونساء من حقهم أن يخافوا عليهم.

أعتقد أن على كل فرد من أفراد المجتمع ومؤسساته سواء الحكومية أو الخاصة أو الخيرية دورا يجب أن يقوم به تجاه هذا المريض حتى تمر المعاناة.

والدور الأول يقع على البيت، وأعانهم الله فهم يعانون الكثير في السيطرة على مريضهم، ومع ذلك لا بد أن يقوموا بدورهم ويحتسبوا الأجر من الله، والإدراك أن نتائج عدم السيطرة لا يمكن أن تقارن بصعوبات السيطرة.

أيضا نتمنى من وزارة الصحة، وهي التي تبذل جهودا مشكورة في سبيل الأسوياء، ألا تترك المرضى حقيقة، سواءً بزيادة الأسرة في مستشفيات الصحة النفسية، أو توفير وتأهيل الكوادر المتخصصة في التعامل معهم، وتقديم الرعاية اللازمة لهؤلاء المرضى حتى في بيوتهم.

كما نتمنى من القطاع الخيري، التوسع في المؤسسات التي تهتم بالمرضى النفسيين، ودعمها من رجال العطاء وما أكثرهم في هذا الوطن، فهذا من الخير العظيم والنفع المتعدي.

المعاناة واضحة، وكم أزهقت من أرواح، ولذلك دعواتنا لكل مريض نفسي بالشفاء، ولأهله بالإعانة، ولكل مؤسسة من مؤسسات الوطن بأن تقوم بدورها المؤمل.

shlash2020 @