خالد الشنيبر

أطلقت المملكة في الأسبوع الماضي أكبر إستراتيجية مختصة في تطوير رأس المال البشري في القطاع السياحي المحلي، وتضم الإستراتيجية 20 برنامجا تسعى من خلالها لتوفير مليون فرصة وظيفية خلال العشر سنوات المقبلة، وتأتي تلك الإستراتيجية تماشياً مع رؤية المملكة في تطوير القطاع السياحي وتعزيز مكانته في خلق الفرص الوظيفية والمساهمة في رفع الناتج المحلي.

في الوقت الحالي، نجد أن قطاع السياحة على مستوى العالم يعاني من شلل تام بسبب الأثر الاقتصادي لجائحة فيروس الكورونا، ويحتاج هذا القطاع لوقت ليس بالسهل ليبدأ مرحلة التعافي، التي لن تبدأ إلا بعد أن تتم السيطرة على الفيروس وتتجه الدول في رفع حظر السفر بصورة أوسع وأكثر أماناً، ولذلك نجد أن المنشآت، التي تعمل في هذا القطاع بشتى أحجامها أمام تحديات كبيرة قد تعيق من استمرارها وقدرتها على البقاء.

بحسب المعلن عن إحصائيات قطاع السياحة نجد أن هناك ما يقارب 600 ألف وظيفة في هذا القطاع بالمملكة، وتصل نسبة المشتغلين السعوديين ما يقارب 24%؜ في هذا القطاع الحيوي، ومن هذا المنطلق تعمل وزارة السياحة على تطوير رأس المال البشري السعودي في هذا القطاع من خلال خلق برامج تعاونية مع مختلف الجهات المحلية والعالمية لسد الفجوة بين الوضع الحالي والمستقبلي.

كوجهة نظر شخصية أرى أهمية لدعم منشآت قطاع السياحة وبشكل غير مسبوق، فنحن ما زلنا في بدايات تطوير هذا القطاع، الذي يعتبر ذراعا مهمة في تحقيق مستهدفات العديد من المشاريع السياحية والثقافية، التي تعمل عليها المملكة خلال السنوات المقبلة، وأهم مسارات الدعم التي أرى أهمية التركيز عليها هي إعادة النظر في العديد من الرسوم والأعباء المالية على جميع المنشآت العاملة في هذا القطاع، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، ويشمل ذلك أيضاً تطوير العنصر البشري من خلال التركيز على البرامج التدريبية، التي تساهم في خلق بنية تحتية بشرية محترفة وبشكل مستدام، إضافة إلى تشجيع جذب الاستثمارات العالمية المختصة في هذا القطاع، وذلك من خلال برامج «استثنائية وتحفيزية» لمدة محددة مما يساهم ذلك في الاستفادة من خبراتهم العريقة ونقلها بشكل سلس لاقتصاد المملكة.

يعتبر هذا القطاع من أهم القطاعات، التي تُعرف بالقطاعات «كثيفة العمالة»، والتي نجد من خلالها قاعدة وظيفية عريضة ومستجدة، ويعتبر القطاع من القطاعات الأكثر أثراً في تبادل التراكم المعرفي بسبب كثرة الاحتكاك مع الخبرات الوافدة والجنسيات المختلفة، وأيضاً يعتبر من أكثر القطاعات توليداً للعديد من أنواع الفرص الوظيفية سواء كانت تقليدية أو مرنة، ولذلك من المهم أن تكون إستراتيجية التوظيف في هذا القطاع تعتمد بالأساس على الاحتكاك مع الخبرات الأجنبية بشكل كبير قبل أن نتجه لتوطينه بشكل غير منظم.

مع التوسع الجغرافي الكبير لمناطق المملكة نجد أن في كل منطقة إدارية ميزا تنافسية مختلفة، وهذا الأمر يعزز من تطوير قطاع السياحة بأنواعه، ولذلك أرى أهمية لوجود برامج تدريب وتأسيس تخصصية ومناطقية للعنصر البشري في مختلف المناطق مع مراعاة الميزة التنافسية في المنطقة، وأثر ذلك سنجده في ارتفاع التراكم المعرفي لرأس المال البشري المحلي وبشكل كبير، وهنا يكمن دور لجان التوطين في إمارات المناطق لتنسيق تلك البرامج مع صندوق الموارد البشرية، الذي بدوره سيكون الداعم الأول في تحفيز توظيف الكفاءات المحلية من الجنسين في هذا القطاع.

ختاماً: هناك عمل كبير ننتظره من وزارة السياحة، ولدينا المقومات العديدة لتأسيس نماذج مميزة في شتى أنواعها كالسياحة الدينية والعلاجية والبيئية والترفيهية والثقافية وغيرها، وحتى تصل الوزارة لمستهدفاتها من المهم التركيز على المسارات المناطقية.

Khaled_Bn_Moh @