د. سليمان محمد العطني

الابتعاث لدراسة كرة القدم ومعايشتها في البلاد الأوروبية وخاصة ببلد مثل إسبانيا المتطورة في أكاديميات كرة القدم حدث كبير ومهم في الرياضة السعودية، لأن جدلية الموهبة والتميز للاعبي كرة القدم لدينا دون أن تصقل بالتدريب والعلم في خطط مدارس كرة القدم العالمية تجعلنا ندور في حلقة مفرغة لا نعرف أين مصدر الخلل، ولا أين يكمن سر الفشل للمنتخبات والفرق المحلية في مواجهة فرق شرق آسيا، وكذلك عدم مجاراتهم في الخطط التطويرية سيشكل هذا المشروع لبنة قوية ورافدا مهما لكرة القدم السعودية سواء حالف اللاعبين الحظ في البقاء في أوروبا أو رجعوا بعد التأهيل للعب في منافسات الدوري المحلي.

المشروع فكرته أن يتم ابتعاث 40 شابا للتدريب والتعليم وكانت البداية باختيار21 منهم، وتم تدشين المشروع في مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرياضية في مدينة جدة على أن يتم إلحاقهم في أكاديمية خاصة من خلالها يستطيعون اللعب مع الفرق الأوروبية بمختلف مستوياتها بمعدل مباراة أسبوعيا و40 مباراة بالموسم الواحد، ولم يكتف البرنامج بهذا القدر من تأمين خطة البناء البدني والغذائي المناسب لتكوين قوة بدنية تساعدهم على التحمل والاستجابة لتنوع الخطط وقوتها، بل ذهب للبناء الفكري من خلال معلمين متخصصين، فاللغة تجعل بمقدورهم الحديث مباشرة مع المجتمع الجديد المحيط بهم وهذا مهم جدا في إعطاء الكثير من الراحة والقدرة على التخاطب مع المجتمع الرياضي المحيط بهم دون الحاجة لوسيط يستطيعون فتح آفاق معرفية وثقافية تمكنهم من البناء العقلي وبذلك تكتمل الشروط اللازمة للنجاح.

العينة المختارة من قبل برنامج التطوير رأت أن تكون من مواليد 1999-2000 م على أن يأتي بعد ذلك عينات أخرى يتم اختيارها لاحقا، كما تم الاتفاق مع شركة تسويق خاصة لتقديم الدعم اللازم للمبتعثين من أجل انضمامهم لفرق أوروبية قبل أن يعودوا للدوري السعودي إن لم يحالفهم الحظ في ذلك.

خطوة مميزة وفكر راق يخطط لمستقبل جميل ومشرق بعيدا عن اجتهادات الأندية ودهاليز كرة القدم المحلية التي تهتم بالبطولة الكبرى، وتركت البناء من القاعدة فضعفت المخرجات كثيرا وأصبحت سوق الانتقالات مجالا لضخ مبالغ مالية كبيرة جدا ومبالغ فيها أحيانا بشكل غير معقول، فالفكر الأوروبي مميز في البناء، ومن يذهب إليها بكل تأكيد سيعود بفائدة وفكر مختلف، هنا نبارك خطوة البناء السليم والقدرة على تقديم الحلول الابتكارية، فشكرا لوزارة الرياضة وللقائمين على برنامج الابتعاث بحجم حب الوطن الكبير.