وول ستريت جورنال - سوزان أوليفر ترجمة - نورهان عباس

الباحثون يستخدمونه في صنع بطاريات أكثر أمانا ويمكن إعادة شحنها بشكل أسرع



يمكن أن يعطي الذكاء الاصطناعي بعض القوة الإضافية إلى السيارات الكهربائية، وذلك من خلال تسريع التحسينات التي تتم على تكنولوجيا البطاريات.

وخلال الوقت الحالي، يقترب الباحثون من ابتكار نوع جديد من البطاريات، التي تتميز بالخواص المحسنة التي يتمناها بشدة مهندسو ومسوقو السيارات الكهربائية، وهذه البطاريات ستكون أكثر أمانًا، كما سيتمكن المستخدم من إعادة شحنها بشكل أسرع وأكثر استدامة مقارنة ببطاريات أيون الليثيوم المستخدمة الآن.

وفي غضون خمس سنوات من الآن، كما يقول الخبراء، ستصل السيارات الكهربائية أو المركبات الكهربائية إلى التكافؤ في الأسعار مع السيارات التقليدية ذات محركات الاحتراق، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي.

وتشكل البطارية 25 ٪ من التكلفة الإجمالية للمركبة الكهربائية، ونصف تكلفة البطارية عبارة عن مواد. وباستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للباحثين في مجال البطاريات تسريع استكشاف واختبار عالم واسع من تركيبات المواد الجديدة، التي يمكن أن تدخل في صناعة البطارية.

والنتيجة المتوقعة لذلك هي تقدم العلماء في مجالات البحث والتطوير المتصلة بصناعة السيارات الكهربائية بوتيرة غير مسبوقة من قبل. فالاكتشافات التي كان من الممكن أن تستغرق سنوات لتحقيقها أصبحت ممكنة الآن في غضون بضع أسابيع فقط.

ويقول جورج كرابتري، مدير المركز المشترك لأبحاث تخزين الطاقة في معمل أرجون لأبحاث البطاريات، الذي أنشأته وزارة الطاقة الأمريكية في جامعة شيكاغو: «من الناحية التاريخية، عملنا على الحدس البشري والخبرة، وإجراء تغييرات صغيرة في الأشياء التي نجحت في تطوير صناعة السيارات الكهربائية خلال الفترة الماضية». وأضاف: «تعمل تقنيات التعلم الآلي الآن على تسريع عملية اكتشاف المواد الجديدة في صناعة السيارات الكهربائية بأعداد كبيرة.»

ويسمح الذكاء الاصطناعي للباحثين على وجه الخصوص بتحديد النقطة المثالية بين أوقات الشحن الأسرع والعمر المتوقع للبطارية.

وتقول دانييل كوري، مديرة قسم أدوات التحكم في الجيل التالي من السيارات داخل مجموعة جنرال موتورز الهندسية: «إن توفير ميزتي الشحن القوي للسيارات الكهربائية وإطالة عمر بطاريات السيارات في الوقت ذاته لن يكون ممكنًا بدون استخدام الذكاء الاصطناعي».

ولفهم التغييرات التي تطرأ على صناعة السيارات الكهربائية، من المفيد النظر في كيفية عمل البطاريات الحالية، أو «بطاريات الليثيوم أيون»، وهي نوع بطارية يخزن الكثير من الطاقة في حزمة صغيرة، وأدى إلى ثورة في الإلكترونيات الاستهلاكية والسيارات الكهربائية خلال العقود الأخيرة.

وتحتوي بطاريات ليثيوم أيون على ثلاثة مكونات أساسية، لكن كل منها يتكون من مواد متعددة. هذا يخلق عالمًا غير محدود تقريبًا من المواد البديلة المحتملة عندما يريد العلماء العمل على تحسين السعر أو السلامة أو الأداء.

وقبل الذكاء الاصطناعي، كان العلماء يبحثون عن مواد جديدة يتم باستخدام التحليل الإحصائي التقليدي، والذي كان محدودًا بقدرة الحوسبة، وقدرة الباحث نفسه على جمع المعلومات من البيانات.

ولكن بعد استخدام الذكاء الاصطناعي أو «التعلم الآلي: تغير كل ذلك، حيث تعمل أجهزة الكمبيوتر السريعة المدربة على التعرف على أنماط معينة، وتنقيح كميات هائلة من البيانات المخزنة في السحابة الرقمية، والاستفادة من قواعد بيانات المواد، ونتائج التجارب وسنوات من البيانات العلمية السابقة، وذلك لعمل بحث عالي الدقة لتحديد الخواص الكيميائية للبطارية المحسنة، والتي من المحتمل أن تتفوق في الأداء أو تفشل حسب معطيات التجربة.

وفي مختبر الأبحاث التابع لشركة آي بي أم في مدينة ألمادين بولاية كاليفورنيا، يستخدم العلماء الذكاء الاصطناعي لتسريع تطوير بطارية ليثيوم أيون سريعة الشحن وخالية من المعادن الثقيلة. بدلاً من استخدام النيكل والكوبالت، وهما غاليا الثمن، ومحدودان ويصعب إعادة تدويرهما.

وتقول شركة آي بي أم إنها اكتشفت طريقة لاستخدام مادة أساسها اليود، ويمكن الحصول عليها من المحاليل الملحية الموجودة في المياه المالحة، مما يجعل هذه البطارية أرخص بكثير مقارنة بتركيبات أيون الليثيوم التي يتم الاعتماد عليها الآن.

وهناك مجموعة أخرى حديثة من المواد الممكن استخدامها في صناعة منحل الكهرباء، وهي مادة داخل البطارية تساعد في توليد التيار الكهربائي. ويحتوي منحل الكهرباء على حوالي 20000 مركب محتمل. وقد يستغرق استخدام الأساليب الحسابية التقليدية لفحص هؤلاء المواد المرشحة خمس سنوات، بينما تقوم تقنيات التعلم الآلي بتقييمها في تسعة أيام فقط.

ويقول جيف ويلسر، مدير المختبر في ألمادين: أصبح الذكاء الاصطناعي الآن أكثر أهمية بكثير، حيث نقوم بتعديل المذيبات والإلكتروليتات للحصول على البطارية بشكل أفضل من حيث السعة ودورة الحياة، كما يتوافر لدينا المزيد من الوقت لتحسينها.

بالإضافة إلى المساعدة في أبحاث المواد، يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في تقليل الوقت المستغرق لاختبار البطاريات التجريبية.

وفي الماضي، كان تحسين التصميمات الجديدة لخلية البطارية عملية غالبًا ما تستغرق سنوات من شحن البطاريات وتفريغها آلاف المرات. ولكن الآن، تتيح قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات التي جمعها العلماء بسرعة أثناء اختبار البطارية، وإجراء تنبؤات حول الأداء بشكل أسرع، مما يقلل من عدد الاختبارات التي يجب إجراؤها.

وفي شركة باناسونيك، التي تصنع بطاريات لسيارات شركتي تسلا وفورد، يقول كينسكو ناكورا، المدير العام لمركز تكنولوجيا الطاقة التابع للشركة، إن التعلم الآلي قد قلل بشكل كبير من عدد المرات التي يجب فيها شحن البطاريات وتفريغها أثناء اختبارها للتصاميم الجديدة. ويضيف ناكورا: ما كان يتطلب في السابق حوالي ثلاث سنوات من الدراسة، تم تقليصه إلى ستة أشهر تقريبًا في أسرع الحالات.

وفي نفس الإطار، يستخدم الباحثون في ستور دوت، وهي شركة لتصنيع البطاريات ومقرها إسرائيل، الذكاء الاصطناعي لإنشاء بطارية تقلل من أوقات إعادة شحن السيارة الكهربائية، وهي عملية يمكن أن تستغرق ساعات، اعتمادًا على الظروف وطراز السيارة.

وخلال العام الماضي، عرضت الشركة، التي تضم من بين شركائها شركات بريتس بتروليوم ودايلمر إيه جي وسامسنوج وتي دي العالمية، بطارية للمركبات ذات العجلتين يتم إعادة شحنها في خمس دقائق فقط. وتأمل الشركة في عرض البطارية في سيارة كهربائية ذات أربع عجلات في عام 2022.

وفي الفترة الحالية، يقوم فريق من الباحثين من جامعة ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعهد أبحاث تويوتا بتطبيق الذكاء الاصطناعي لتحديد أفضل طريقة لشحن بطارية السيارة الكهربائية في 10 دقائق فقط، مما يزيد من عمر البطارية. بينما كانت الطريقة التقليدية تتطلب 500 يوم من الشحن والتفريغ، ولكن باستخدام خوارزمية مدربة حددوا أفضل بروتوكولات الشحن من بين 224 مرشحًا في 16 يومًا فقط.

ويقول ويليام تشوياه، الأستاذ المشارك لعلوم وهندسة المواد بجامعة ستانفورد والمؤلف المشارك للبحث الذي تم نشره هذا العام في مجلة نيتشر:يتعلق دور الذكاء الاصطناعي في عملنا بتسريع دورة البحث والتطوير، حتى نتمكن من الابتكار بشكل أسرع وأسرع.

وفي جامعة كارنيجي ميلون، مكّن برنامج التعلم الآلي روبوتًا يُدعى أوتو من اكتشاف إلكتروليت جديد قائم على الماء يعمل بجهد أعلى من المعيار الحالي. وصنع أوتو مزيجًا جديدًا من الماء وأربعة أملاح يعمل في 7 دقائق فقط، واختبر المزيج لاستقرار الجهد وأرسل النتائج إلى الحواسيب السحابية بسرعة فائقة.

وفي غضون 40 ساعة، وجد أوتو، باستخدام الذكاء الاصطناعي، وصفة لإلكتروليت، الذي كان أحد أفضل التقنيات الحديثو، حسبما يقول فينكات فيسواناثان، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية في جامعة كارنيجي ميلون والمؤلف المشارك للدراسة، والتي يتم نشرها هذا الشهر في مجلة ساينس.

ويؤكد فيسواناثان أن العثور على نفس الوصفة باستخدام منهجية معيارية كان سيستغرق سنوات لولا استخدام الذكاء الاصطناعي.