إن تلاقح الثقافات أمر ليس فقط مطلوبا منا حضاريا بل نحن مأمورون بفعله شرعا وليس أدل على ذلك من قوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” وفي هذا التوجيه الرباني دلالة واضحة وصريحة لا تحتمل أي تأويل يخرجها عن سياقها على ضرورة التعرف على بعضنا البعض كبشر والاستفادة من تجارب بعضنا البعض ولكن مشكلة غالبية المجتمعات الإسلامية أن الكثير من أفرادها وقعوا ضحية نقيضين، أحدهما يتلخص في وصف غلاة المتدينين منهم للغرب بأنهم كفار ويجب على أفراد مجتمعاتهم عدم الاطلاع على ثقافة هؤلاء الكفار ولا حتى على سبل تطويرهم لها خوفا من التأثير السلبي حال معرفة تلك الأمور على معتقداتهم الدينية، بينما النقيض الآخر يرى في ثقافة الغرب ثقافة مثلى يجب استنساخها كما هي ويجب اتباعها وتطبيق أوجه تلك الثقافة كاملة في غياب أي محاولة جادة منهم للتفريق بين الصالح منها والطالح.
وعند تحليل هذين المسارين نجد أن كليهما أسوأ من الآخر وذلك لأن كليهما يرتكز على بعد عقلاني وبعد وجداني وفوق ذلك بعد عقدي يسودها جميعا الاختلاف في الفهم والتأويل ورغم هذا الاختلاف البين والواضح بينهما إلا أنهما اتفقا من حيث يعلمان أو لا يعلمان على توظيف هذه القناعات المتباينة لخدمة مصالحهم وتوجهاتهم، ورغم هذا الاتفاق الخالي من التنسيق المتبادل بينهما إلا أن الفشل التام كان حليف كل منهما، فمثلا أصحاب الفكر المنفتح جدا سقط توجههم بل وعاداه الناس وذلك لعدم قدرتهم أولا على تسويق نظريتهم التي كانت ترمي في جلها لاستنساخ ثقافة الغرب كما هي، وثانيا لرفض غالبية أفراد المجتمعات المسلمة تبني هذا الطرح نتيجة مناقضته التامة لكل مفاهيمهم الدينية والدنيوية المترسخة في أذهانهم مما أجهض مساعي هذا الطرف وعرقل تحقيقه لأي هدف من أهدافه، أما الطرف الآخر المتمثل في أصحاب الفكر المتشدد دينيا والذين عملت توجهاتهم الفكرية والعقائدية المتزمتة على جعل مجتمعاتهم مجتمعات متقوقعة ومنغلقة على نفسها نابذة لأي فكرة تراها دخيلة عليها دون أدنى اكتراث منها بمعرفة مدى أهميتها أو مدى نفعها لها ولأبنائها، فدفع أيضا هذا التطرف الفكري والسلوكي غالبية المسلمين إلى نبذ هذا الإفراط في التخوف جملة وتفصيلا وعدم التجاوب المطلق معه ومع كل من يدندن حوله ويحذر من عدم القبول به، الأمر الذي جعل المحصلة النهائية لمساعي كلا الطرفين الخيبة والخسران ليس فقط لخروجها الواضح عن طبيعة ثقافة غالبية أفراد مجتمعاتها وإنما وهذا هو الأهم لأن توجهات كلا الطرفين كانت سببا رئيسيا في حرمان الكثير من المجتمعات المسلمة من الثقة في نفسها أولا ثم من إيمانها بقدرتها على اللحاق بركب الحضارة والعلم ثانيا، وفي هذا الفشل الذريع للتوجهين دلالة جلية على قصور كليهما عن فهم ومعرفة كيفية تطبيق الآية الربانية الوارد ذكرها أعلاه والتي تحث في ثناياها على ضرورة التعارف الإيجابي (وأشدد على مفردة الإيجابي) بين الثقافات والشعوب وأخذ الدروس والعبر من خبرات بعضهم البعض.
وهذا التحليل المشار إليه آنفا يوحي بتجاهلنا لأمر في غاية الأهمية يكمن في تعريفه الجامع لنا كأمة وسط تتبع قاعدة: “لا إفراط ولا تفريط” والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: “وجعلناكم أمة وسطا” وهذا الاستشهاد الرباني فيه أولا نبذ واضح لا لبس فيه للمغالاة في اختيار أي طرف ننحاز إليه ونتبع نهجه خاصة إذا ما اتصف نهجه بالغلو فيما يدعو إليه ويتبناه، وكذلك فيه ثانيا حث على الوسطية والاعتدال في كافة مناهجنا التي نتبناها وندعو إليها ومن الثابت في عقيدتنا كمسلمين أن ديننا الحنيف نحن المسلمين حبب إلينا وأباح لنا اقتباس أي أمر نراه مناسبا لنا في أي ثقافة مغايرة لثقافتنا شريطة ألا يفرط هذا الاقتباس في ثوابتنا ومسلماتنا كمسلمين وهذا الأمر يجعلنا نخلص أخيرا إلى ضرورة إدراك أهمية الاستشهاد بالحكمة القائلة: “خير الأمور أوسطها” وضرورة توظيفها في جميع توجهاتنا ومناهجنا لأن في اعتمادها فكرا وممارسة ترجيح كبير لجلب الخير لنا أيا كان نوعه أو صفته كما أن في اتباعها أيضا وسيلة ناجعة جدا لدفع الشر عنا أيا كان فاعله أو المتسبب فيه.
وعند تحليل هذين المسارين نجد أن كليهما أسوأ من الآخر وذلك لأن كليهما يرتكز على بعد عقلاني وبعد وجداني وفوق ذلك بعد عقدي يسودها جميعا الاختلاف في الفهم والتأويل ورغم هذا الاختلاف البين والواضح بينهما إلا أنهما اتفقا من حيث يعلمان أو لا يعلمان على توظيف هذه القناعات المتباينة لخدمة مصالحهم وتوجهاتهم، ورغم هذا الاتفاق الخالي من التنسيق المتبادل بينهما إلا أن الفشل التام كان حليف كل منهما، فمثلا أصحاب الفكر المنفتح جدا سقط توجههم بل وعاداه الناس وذلك لعدم قدرتهم أولا على تسويق نظريتهم التي كانت ترمي في جلها لاستنساخ ثقافة الغرب كما هي، وثانيا لرفض غالبية أفراد المجتمعات المسلمة تبني هذا الطرح نتيجة مناقضته التامة لكل مفاهيمهم الدينية والدنيوية المترسخة في أذهانهم مما أجهض مساعي هذا الطرف وعرقل تحقيقه لأي هدف من أهدافه، أما الطرف الآخر المتمثل في أصحاب الفكر المتشدد دينيا والذين عملت توجهاتهم الفكرية والعقائدية المتزمتة على جعل مجتمعاتهم مجتمعات متقوقعة ومنغلقة على نفسها نابذة لأي فكرة تراها دخيلة عليها دون أدنى اكتراث منها بمعرفة مدى أهميتها أو مدى نفعها لها ولأبنائها، فدفع أيضا هذا التطرف الفكري والسلوكي غالبية المسلمين إلى نبذ هذا الإفراط في التخوف جملة وتفصيلا وعدم التجاوب المطلق معه ومع كل من يدندن حوله ويحذر من عدم القبول به، الأمر الذي جعل المحصلة النهائية لمساعي كلا الطرفين الخيبة والخسران ليس فقط لخروجها الواضح عن طبيعة ثقافة غالبية أفراد مجتمعاتها وإنما وهذا هو الأهم لأن توجهات كلا الطرفين كانت سببا رئيسيا في حرمان الكثير من المجتمعات المسلمة من الثقة في نفسها أولا ثم من إيمانها بقدرتها على اللحاق بركب الحضارة والعلم ثانيا، وفي هذا الفشل الذريع للتوجهين دلالة جلية على قصور كليهما عن فهم ومعرفة كيفية تطبيق الآية الربانية الوارد ذكرها أعلاه والتي تحث في ثناياها على ضرورة التعارف الإيجابي (وأشدد على مفردة الإيجابي) بين الثقافات والشعوب وأخذ الدروس والعبر من خبرات بعضهم البعض.
وهذا التحليل المشار إليه آنفا يوحي بتجاهلنا لأمر في غاية الأهمية يكمن في تعريفه الجامع لنا كأمة وسط تتبع قاعدة: “لا إفراط ولا تفريط” والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: “وجعلناكم أمة وسطا” وهذا الاستشهاد الرباني فيه أولا نبذ واضح لا لبس فيه للمغالاة في اختيار أي طرف ننحاز إليه ونتبع نهجه خاصة إذا ما اتصف نهجه بالغلو فيما يدعو إليه ويتبناه، وكذلك فيه ثانيا حث على الوسطية والاعتدال في كافة مناهجنا التي نتبناها وندعو إليها ومن الثابت في عقيدتنا كمسلمين أن ديننا الحنيف نحن المسلمين حبب إلينا وأباح لنا اقتباس أي أمر نراه مناسبا لنا في أي ثقافة مغايرة لثقافتنا شريطة ألا يفرط هذا الاقتباس في ثوابتنا ومسلماتنا كمسلمين وهذا الأمر يجعلنا نخلص أخيرا إلى ضرورة إدراك أهمية الاستشهاد بالحكمة القائلة: “خير الأمور أوسطها” وضرورة توظيفها في جميع توجهاتنا ومناهجنا لأن في اعتمادها فكرا وممارسة ترجيح كبير لجلب الخير لنا أيا كان نوعه أو صفته كما أن في اتباعها أيضا وسيلة ناجعة جدا لدفع الشر عنا أيا كان فاعله أو المتسبب فيه.