اتكأت على عكازي مقتربا من كرسيي وجلست بحذر في بستان أخضر يسر الناظرين، يحيطه سياج منيع وحصان جافل يتراكض في أرجائه وأنا أتأمل طويلا في منظر لطالما كان حلما في خيالي، كم كان مؤرقا انتظاره وكم كان مفرحا التفكير به، استغرقني شبابي كله لأعيش لحظتي المنشودة وعوائق ما كنت لأتجاوزها لولا رحمة ربي، منها ما أسقطني ومنها ما أدخلني في عزلة فترة زمنية ليست بالقليلة، وها أنا الآن لا أستطيع أن أفرق بين الشجرة البعيدة التي تهزها الرياح في بستاني الحلم وبين القادم من بعيد يمشي، خطواتي فيه أصبحت معدودة ومتقاربة، إني أدخل في جدال عميق مع نفسي: (لماذا الآن؟) كنت أريد ذلك كله وأنا في عنفوان رغبتي به، قد خبت تلك الرغبة ولم يعد لها نفس البريق في عيني، لكنها تحققت بجهد لا يقدر بثمن.
من الجيد أن تربي نفسك على الرضا والقبول فيما ليس لك استطاعة على تحمله وحصل، وأن ترشدها إلى حيث تستكين وتطمئن، فإذا اطمأنت هدأت فلا تعود تتشبث بما يحزنها ولا تستميت لأجل شيء قط. من المفيد كذلك أن تتلطف بها أشد اللطف وترأف بها من عقابك لها وتدلها إلى طريق السلام والنور ثم تنأى بها عن ضجيج الحياة وثقلها ما استطعت إلى ذلك مقدرة وسبيلا.
كانت سلطانة على عرش الجمال، تتراقص الألحان بحديثها العذب لتخلب لب كل من يصغي إليها، ذلك الوقار وهالة الضياء حولها لا يمكن أن يتجاوزها عابر، عدا عينيها التي تخفي ما يخالف ظاهرها! قد أسرت إلي بأنها بقيت في رجائه أعواما ونازعتها الظروف عليه حتى بنى اليأس أسوارا في قلبها منه، ثم عاشت بعالم آخر لا وجود له فيه، ليعود بعد سنين معتذرا ! (لماذا الآن؟) لم تعد أملي، ولا أظنني أرغب مجددا في خوض حرب تخلصت من أسلحتها منذ زمن، أدركت أنني كثيرة وأنت ضئيل لا يمكنك استيعابي، في حضرة الشمس تتلاشى الشموع.
لتعلم يا صديقي، أشياء قليلة حقيقية وقيمة خير لك من أشياء وافرة ومزيفة، أن تراعي القيمة والجوهر الخالص وتبتعد عن التناسخ وأن تفتح نوافذ روحك على ما يسرك رؤيته وألا تنتمي إلى ما لست منه في شيء، لهو أجدى أن تكون في رضا وراحة بال. تلك هي الدروب التي تستحق العناء.
إن الحكمة والإدراك والانتصار والفهم، جميعهم ما أنت عليه بعد أن تغلبت على حيرتك وتوجسك واستفهامك: (لماذا الآن؟).
ليس بالضرورة أن يكون الفوات والتأخير سيئا، لعلها فقط المسافة التي يستغرقها شخص أو موقف للوصول إليك: ليشكل نقطة التحول السعيدة في أيامك ويأخذ بيدك من تراكم الإحباطات ثم يعيد الأمل بداخلك حتى تواصل تحقيق أحلامك مهما اختلف عليك الزمن، وفعليا هو الوقت الذي تحتاجه لتغيير نفسك.
عندما نلتقي بأشخاص يرادفون المعاني السامية، صحبة وزملاء وأخوة أنجبتهم لنا الحياة، نسأل أنفسنا (لماذا الآن وليس بالأمس عرفناكم؟) أين كنا عنكم وأين كنتم عنا ! طيب سجاياكم، سرور حديثكم وحسن رفقتكم ! يجعلنا نصبح في سباق مع الزمن لنحظى بأطول وقت ممكن معكم ونتحين الفرص للقياكم، الحياة بكم أجمل..
لا تسهرن إذا ما الرزق ضاق ونم،
في ظل عيش رقيق ناعم البال
فبين غفوة عين وانتباهتها !
يغير الله من حال إلى حال
هذا الرزق الذي يأتي على هيئة بشر، عمل، علم، أماكن، فرص حياتية مختلفة، وأشياء بسيطة في ذاتها، عظيمة في تأثيرها، إنما هي مقادير تسير في أعنتها المكتوبة، لذلك كن مقداما شجاعا، ولا تكن جبانا مترددا ولتجري الرياح كما تجري سفينتك فأنت الريح والبحر والسفن.
Nadia_Al_Otaibi @
من الجيد أن تربي نفسك على الرضا والقبول فيما ليس لك استطاعة على تحمله وحصل، وأن ترشدها إلى حيث تستكين وتطمئن، فإذا اطمأنت هدأت فلا تعود تتشبث بما يحزنها ولا تستميت لأجل شيء قط. من المفيد كذلك أن تتلطف بها أشد اللطف وترأف بها من عقابك لها وتدلها إلى طريق السلام والنور ثم تنأى بها عن ضجيج الحياة وثقلها ما استطعت إلى ذلك مقدرة وسبيلا.
كانت سلطانة على عرش الجمال، تتراقص الألحان بحديثها العذب لتخلب لب كل من يصغي إليها، ذلك الوقار وهالة الضياء حولها لا يمكن أن يتجاوزها عابر، عدا عينيها التي تخفي ما يخالف ظاهرها! قد أسرت إلي بأنها بقيت في رجائه أعواما ونازعتها الظروف عليه حتى بنى اليأس أسوارا في قلبها منه، ثم عاشت بعالم آخر لا وجود له فيه، ليعود بعد سنين معتذرا ! (لماذا الآن؟) لم تعد أملي، ولا أظنني أرغب مجددا في خوض حرب تخلصت من أسلحتها منذ زمن، أدركت أنني كثيرة وأنت ضئيل لا يمكنك استيعابي، في حضرة الشمس تتلاشى الشموع.
لتعلم يا صديقي، أشياء قليلة حقيقية وقيمة خير لك من أشياء وافرة ومزيفة، أن تراعي القيمة والجوهر الخالص وتبتعد عن التناسخ وأن تفتح نوافذ روحك على ما يسرك رؤيته وألا تنتمي إلى ما لست منه في شيء، لهو أجدى أن تكون في رضا وراحة بال. تلك هي الدروب التي تستحق العناء.
إن الحكمة والإدراك والانتصار والفهم، جميعهم ما أنت عليه بعد أن تغلبت على حيرتك وتوجسك واستفهامك: (لماذا الآن؟).
ليس بالضرورة أن يكون الفوات والتأخير سيئا، لعلها فقط المسافة التي يستغرقها شخص أو موقف للوصول إليك: ليشكل نقطة التحول السعيدة في أيامك ويأخذ بيدك من تراكم الإحباطات ثم يعيد الأمل بداخلك حتى تواصل تحقيق أحلامك مهما اختلف عليك الزمن، وفعليا هو الوقت الذي تحتاجه لتغيير نفسك.
عندما نلتقي بأشخاص يرادفون المعاني السامية، صحبة وزملاء وأخوة أنجبتهم لنا الحياة، نسأل أنفسنا (لماذا الآن وليس بالأمس عرفناكم؟) أين كنا عنكم وأين كنتم عنا ! طيب سجاياكم، سرور حديثكم وحسن رفقتكم ! يجعلنا نصبح في سباق مع الزمن لنحظى بأطول وقت ممكن معكم ونتحين الفرص للقياكم، الحياة بكم أجمل..
لا تسهرن إذا ما الرزق ضاق ونم،
في ظل عيش رقيق ناعم البال
فبين غفوة عين وانتباهتها !
يغير الله من حال إلى حال
هذا الرزق الذي يأتي على هيئة بشر، عمل، علم، أماكن، فرص حياتية مختلفة، وأشياء بسيطة في ذاتها، عظيمة في تأثيرها، إنما هي مقادير تسير في أعنتها المكتوبة، لذلك كن مقداما شجاعا، ولا تكن جبانا مترددا ولتجري الرياح كما تجري سفينتك فأنت الريح والبحر والسفن.
Nadia_Al_Otaibi @