ترجمة: إسلام فرج

الاتفاقية التي صاغتها موسكو تحقق لها العديد من المكاسب

قال موقع «آسيا تايمز»: إن خطة موسكو لإنهاء الحرب الأذربيجانية الأرمينية في ناغورني كاراباخ تضع روسيا بقوة في مقعد القيادة بمنطقة جنوب القوقاز الإستراتيجية بعد الحرب.

وبحسب مقال لـ «ريتشارد جيراغوسيان»، بعد 40 يومًا من القتال العنيف، توقفت الحرب الأخيرة في ناغورني كاراباخ ببيان مفاجئ من رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، يعلن فيه قبوله اتفاقية جديدة يتنازل فيها فعليًا عن أراضٍ لأذربيجان. ووصف في بيانه الاعتراف بأنه قبول مؤلم بشكل لا يوصف.

ونوّه الكاتب بأن اتفاق وقف الحرب، الذي حافظ على بقايا الأراضي التي تسيطر عليها أرمينيا في كاراباخ وأنقذت السكان الأرمن من تقدم القوات الأذربيجانية، لا يثير سوى المزيد من التساؤلات حول وضع وأمن هذا الجيب.

الخطة الروسية

وتابع جيراغوسيان يقول: الخطة التي صاغتها روسيا، والتي وقّعها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، متعددة الأوجه.

وأردف: وفقًا لبنود الاتفاقية نشرت قوة حفظ سلام روسية قوامها 2000 جندي على الفور في كاراباخ، وإنشاء محيط لحماية والدفاع عن ممر لاتشين الحيوي، وهو شريان الحياة الذي يربط ناغورني كاراباخ بأرمينيا، مقابل قيام الأخيرة بسحب قواتها من مناطق أذربيجان الواقعة خارج حدود ناغورني كاراباخ.

وتابع: في انسحاب مرحلي، يجب أن يتبع فك الارتباط الأولي هذا عودة منطقتي كيلبجار وأغدام بحلول 20 نوفمبر، مع انسحاب أرمني آخر من منطقة لاتشين بحلول 1 ديسمبر.

ومضى يقول: بحلول ذلك الوقت، يتعيّن على قوات حفظ السلام الروسية ضمان استخدام وسيطرة الأرمن على ممر بعرض 5 كيلو مترات عبر لاتشين، وأضاف: في محاولة على ما يبدو للمساواة، تم النص أيضًا على ممر مشابه ولكنه أكثر غموضًا، لربط أذربيجان بأرضها المعزولة ناختشيفان، الذي يقع على حدود أرمينيا وإيران وتركيا.

النتائج المحتملة

وأشار الكاتب إلى أن النقطة الأخيرة من الاتفاقية تعتبر واحدة من أهم النتائج المحتملة، حيث إن طبيعة مثل هذا الارتباط الأذربيجاني عبر الأراضي الأرمنية لا تزال غير واضحة وغير محددة، مما يثير أسئلة يحتمل أن تكون خطرة حول السيادة والمكانة القانونية وأعمال الشرطة، وشدد على أن مصدر القلق الإضافي ينبع مما لم ينص عليه الاتفاق أو يؤكده.

وتابع: على سبيل المثال، لا يوجد وضوح بشأن وضع الأجزاء المتبقية من ناغورني كاراباخ، مع تجاهل المفاوضات السابقة، وبالتالي هناك حاجة واضحة لإجراء مفاوضات مباشرة والمزيد من الاتفاقات حول العديد من الآثار والقضايا الأخرى.

وأردف: ينبغي أن تشمل هذه الدبلوماسية القادمة جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الممثلون المنتخبون ديمقراطيًا من ناغورني كاراباخ، خلاف ذلك، فإن أي استبعاد إضافي لكاراباخ لن يؤدي إلا إلى تقويض استمرارية واستدامة هذا الاتفاق.

قبول الاتفاقية

ومضى الكاتب يقول: على الرغم من أنه يبدو أن جميع الأطراف قد قبلت الاتفاقية التي صاغتها روسيا تحت درجات متفاوتة من الإكراه أو الانزعاج، لم يكن هناك خيار كبير ولا بديل بالنسبة للزعماء المنتخبين ديمقراطيًا في أرمينيا وناغورني كاراباخ.

وأشار إلى أن السيطرة الأذربيجانية على مدينة شوشي الإستراتيجية، ثاني أكبر مدينة في كاراباخ، كانت نقطة تحول محورية؛ لأنه مع خسارة أرمن كاراباخ للمدينة، أصبح حجم الكارثة واضحًا.

وأضاف: بالانسحاب إلى عاصمة كاراباخ ستيباناكيرت، توصل القادة في كاراباخ وأرمينيا إلى إدراك مؤلم أنه من أجل إنقاذ المدنيين الباقين، وإنقاذ ما تبقى منها، لم يكن هناك بديل سوى قبول شروط الاتفاقية التي فرضتها وطالبت بها موسكو.

ومضى يقول: تتبع معظم النزاعات المسلحة وكل الحروب تقريبًا وتيرتها الخاصة، حيث تقع في دائرة من القوة المستمرة وتوقف القتال، ومثل حرائق الغابات، فإن مثل هذه الاشتباكات تملي شدتها وتحدد وتيرتها قبل أن تشتعل في النهاية، ولا تختلف الحرب الدائرة في ناغورني كاراباخ، ويبدو الآن أنها تستعد للوصول إلى نهاية شاملة نهائية.

هجوم أذربيجان

وأردف: منذ شن هجوم عسكري واسع النطاق من قبل أذربيجان في 27 سبتمبر، اندلع الصراع الذي لم يتم حله حول ناغورنو كاراباخ إلى حرب مفاجئة، وأضاف: مع القتال اليومي الذي اتسم بهجوم كاسح للقوات الأذربيجانية، انهزم المدافعون الأرمن.

وتابع: بفضل المساعدة العسكرية التركية المباشرة والدعم العملياتي، توسع الهجوم الأذربيجاني بسرعة إلى حرب شاملة حققت بسرعة مكاسب كبيرة في الأراضي.

وأردف: عسكريًا، كانت هذه الحرب مختلفة بشكل كبير عن الاشتباكات المتقطعة في العقود الثلاثة الماضية، مع هجوم كان حاسمًا من عدة جوانب، ولفت إلى أن أول هذه الجوانب هو الدعم العسكري التركي والمشاركة المباشرة للقوات الأذربيجانية، مما ساعد على الاستيلاء على مساحة شاسعة من الأراضي إلى الجنوب ومنطقة أقل في شمال وشرق ناغورني كاراباخ.

وأردف: في الوقت نفسه، عانت القوات الأرمينية في كاراباخ من خسائر فادحة في المعدات، نتيجة الاستهداف الدقيق من قبل الطائرات بدون طيار التركية والإسرائيلية التي طغت على شبكة دفاعها الجوي القديمة.

التدخل التركي

وتابع: إلى جانب الضغط غير المتوقع من التدخل التركي، كان العامل الثاني الذي لا يقل أهمية، والذي جعل هذه الحرب حاسمة للغاية هو رد روسيا.

وأضاف: يمثل الإعلان المفاجئ عن اتفاق سلام مدعوم من روسيا بشأن ناغورني كاراباخ انتصارًا حقيقيًا لموسكو لعدة أسباب، وأولها: أن شروط هذه الاتفاقية الجديدة تمنح روسيا أهم أهدافها وهو وجود عسكري مهيمن على الأرض.

وأضاف: أما المكسب الثاني لروسيا فينبع من نفوذها المعزز على الحكومة الأرمينية، وأوضح أن النفوذ الروسي المعزز لن يؤدي إلى إبقاء أرمينيا في فلك موسكو فحسب، بل سيحد أيضًا بشكل كبير من خيارات أرمينيا وتوجهها في السعي إلى علاقات أوثق مع الغرب.

وتابع: في هذا السياق، قد تدفع موسكو باتجاه المزيد من إخضاع أرمينيا، حيث تتعرض يريفان لخطر رهن استقلالها والتنازل عن السيادة لروسيا.

ووفقًا للكاتب، فإن ثالث المكاسب أن اتفاقية ناغورني كاراباخ كانت مبادرة روسية فردية إلى حد كبير، مما يعني أنه لم يتم متابعتها من خلال إطار أو غطاء مجموعة «مينسك» التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تشترك في رئاستها الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.