واس ـ الرياض

دور غير مسبوق لإنقاذ اقتصاد العالم.. والتخفيف من تداعيات «كورونا»

تستمد استضافة المملكة لقمة قادة مجموعة العشرين، أهميتها، من الدور المحوري الذي لعبته السعودية، في مواجهة التحديات، التي واكبت فترة الرئاسة، ووضع لبنات أساسية وبرامج متنوعة لتحقيق الاستقرار العالمي.

وحققت المملكة إنجازات غير مسبوقة، في تاريخ مجموعة العشرين، وهو ما عكس ثقل المملكة وبراعة إدارتها، على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة مع مواءمة برامجها وأهدافها مع رؤية 2030، واتساق الخطط التنموية للرؤية مع أهداف المجموعة، وهو ما برز جليا من خلال مخرجات المجموعة، التي هدفت إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ووضع لبنات للتنمية المستدامة، فضلا عن تعزيز حركة التجارة والاستثمار، بالإضافة إلى تمكين المرأة.

وعززت المملكة التعاون مع شركائها الدول الأعضاء لتحقيق أهداف المجموعة، وإيجاد توافق دولي حول القضايا الاقتصادية المطروحة، وهو ما يسهم، خلال القمة، في معالجة الملفات الاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة أن المملكة تمثل رقما مهما في أكبر تجمع اقتصادي وهو ما يمنحها قدرة على التأثير في نشاط الاقتصاد العالمي.

كما قادت المملكة العديد من المبادرات، التي أسهمت في مواجهة جائحة «كورونا»، والحد من آثارها السلبية لتسريع عملية التعافي عبر تخصيص دول «العشرين»، أكثر من 21 مليار دولار لدعم النظم الصحية والبحث عن لقاح آمن، ما يعزز دور المملكة الاقتصادي والصحي والإنساني.

توحيد جهود التعاون والتضامن لتجاوز الأزمات الدولية

بيَّن وزير المالية محمد الجدعان أن قمة قادة دول مجموعة العشرين (G20)، المقرر عقدها تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، تهدف إلى المضي قُدمًا على خطى روح التعاون والتضامن، خصوصًا في ظل أزمة عالمية تعصف بالاقتصاد والصحة العالميين، مشيرًا إلى نجاح القمة الاستثنائية لقادة المجموعة، التي عقدت في تاريخ 26 مارس الماضي، التي وحدت جهود الأعضاء بهدف وضع استجابة فورية وفعالة ومنسقة لمجابهة جائحة كوفيد 19. وقال بمناسبة رئاسة واستضافة المملكة قمة قادة مجموعة العشرين (G20): «نفخر في المملكة برئاسة وتنظيم قمة قادة دول مجموعة العشرين هذا العام خلال هذه الفترة الصعبة، التي يمر بها العالم أجمع بسبب جائحة كوفيد 19»، متناولًا النتائج الملموسة التي تمخضت عن القمة الاستثنائية المتمثلة في قيام دول مجموعة العشرين بالتعهد بمبلغ يربو على 21 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية في النظام الصحي العالمي، وذلك بهدف دعم إنتاج وتوزيع اللقاحات والأدوات التشخيصية والعلاجية اللازمة لمكافحة الجائحة، وكذلك قيام دول المجموعة بضخ ما يزيد على 11 تريليون دولار ضمن حزمة تحفيزية لدعم الاقتصاد العالمي.

وبيَّن الجدعان أن رئاسة المملكة لمجموعة العشرين أطلقت المبادرة التاريخية لتعليق مدفوعات خدمة الدين، التي أتاحت للدول الأكثر فقرًا في هذه الفترة الحرجة، تأجيل سداد 14 مليار دولار أمريكي من الديون المستحقة عليها هذا العام والاستفادة من هذه المبالغ لتوظيفها في مواجهة الجائحة، مفيدًا بأن دول المجموعة تدرك أهمية استمرار التعاون الدولي لدعم الدول الأكثر فقرًا، إذ تسعى مجموعة العشرين مع المنظمات الدولية لإنجاح هذه الجهود، حيث تعمل بنوك التنمية متعددة الأطراف على تقديم 75 مليار دولار خلال الفترة من أبريل إلى ديسمبر 2020م للدول المستحقة للاستفادة من المبادرة التاريخية، وذلك كجزء من التزامها بتقديم مبلغ 230 مليار دولار للدول الناشئة والنامية لدعمها في التصدي للتحديات الناشئة من الجائحة.

وحول أهمية استشراف المستقبل ودعم التعافي من الجائحة على المدى الطويل، قال: «ستحرص قمة قادة دول مجموعة العشرين القادمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين على تعزيز سبل التعاون الدولي لدعم مرحلة التعافي الاقتصادي العالمي ووضع أسس متينة لمرحلة نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل»، معربًا عن تفاؤله بما ستحققه هذه القمة من مخرجات بناءة تصب في صالح المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي. وفي ختام تصريحه، قال: «إنّنا في المملكة على أتم الثقة من أننا في ظل القيادة الرشيدة -أيدها الله-، ومن خلال عملنا الدؤوب مع الدول الأعضاء ومع شركاء مجموعة العشرين حول العالم سنتمكن من تجاوز هذه الأزمة العالمية والخروج منها باقتصاد عالمي أكثر متانة لمواجهة أي صدمات مستقبلية بإذن الله تعالى». يشار إلى أن المملكة العربية السعودية تتولى هذا العام 2020م رئاسة مجموعة العشرين، التي ستختم باستضافة قمة قادة مجموعة العشرين افتراضيًا برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله-، وستعقد على مدى يومين في الفترة من 21 إلى 22 نوفمبر. وتعد مجموعة العشرين المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي الدولي وتضم قادة من جميع القارات ويمثلون دولًا متقدمة ونامية، وتمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين مجتمعة، حوالي 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية. ويجتمع ممثلو دول المجموعة لمناقشة القضايا المالية والاجتماعية والاقتصادية.

إعادة الازدهار للاقتصاد العالمي

قدم نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لـ شركة «سابك»، رئيس مجموعة الأعمال «B20» يوسف البنيان شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، نظير توجيهاتهما وحرصهما على نجاح اجتماعات قمة مجموعة الأعمال السعودية، متمنياً التوفيق والسداد للقيادة الحكيمة خلال اجتماعات قمة مجموعة العشرين، التي تستضيفها المملكة الشهر الحالي. وقال البنيان، إن استضافة المملكة للقمة تعد الحدث الأبرز على مستوى العالم، بوصفها أهم منتدى رئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، إذ تمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين مجتمعةً حوالي 80% من الناتج المحلي العالمي، و75% من حجم التجارة العالمية، و70% من سكان العالم، وسيجتمع ممثلو دول المجموعة لمناقشة القضايا المالية والاجتماعية والاقتصادية. وأضاف: «نشهد في هذه الأيام تحركات وتحضيرات ولقاءات مكثفة تقودها الرياض لعقد قمة استثنائية في ظروف غير معتادة تتزامن مع أزمة جائحة كورونا، التي أدت تداعياتها إلى إيجاد تحديات صحية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة على مستوى العالم، هذا الوضع الاستثنائي وضع قطاعي الأعمال السعودي والعالمي أمام تحدياتٍ كبيرة، ما تطلب معها ضرورة طرح حلول وأفكار مبتكرة تسهم في إنجاح القمة ومن ثم تسهم في عودة الازدهار للاقتصاد العالمي، فرئاسة المملكة لمجموعة العشرين جاءت في وقت العالم فيه في أمس الحاجة إلى اتباع نهج الحكمة والشمولية، من أجل توجيه الاقتصاد العالمي إلى معالجة الظواهر السلبية، التي أحدثتها جائحة كورونا». وعدّ قمة مجموعة الأعمال السعودية، التي عقدت أول مرة في المنطقة نهاية الشهر الماضي واحدة من أهم الاحداث، التي تسبق اجتماع قادة دول العشرين، فهي الممثل الرسمي لمجتمع الأعمال للمجموعة، ومن هذا المنطلق فهي تمثل مجتمع الأعمال الدولي في الدول الأعضاء على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية، حيث تركز دور مجموعة الأعمال حول تعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص وتقديم توصيات سياسية محددة تمثل مصالح مجتمع الأعمال العالمي. وبيَّن رئيس مجموعة تواصل الأعمال أن المجموعة عملت على إعداد وتقديم 25 توصية سياسية إلى رئاسة مجموعة العشرين، ليتم إدراجها في البيان الختامي لقادة مجموعة العشرين، التي سيرأسها خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- في 21-22 من هذا الشهر، وتم تقديم التوصيات السياسية رسمياً إلى مجموعة العشرين خلال القمة الافتراضية لمجموعة الأعمال السعودية، التي أقيمت يومي 26 و27 أكتوبر 2020، تحت شعار التحول من أجل النمو الشامل. وأفاد بأن مجموعة الأعمال السعودية نجحت في مساعيها لتكون الأكثر شمولاً على الإطلاق، حيث منحت مجموعة الأعمال السعودية صوتاً لجميع الشركاء من أجل إثراء نتائج جهودها، كما أسهمت في منح فرصة حقيقة للشركات والقادة السعوديين للعمل بشكل وثيق مع نظرائهم على مستوى العالم من أجل صياغة حلول لتحديات المستقبل، إذ شكّلت المجموعة خلال فترة تمثيلها لمجتمع الأعمال (6) فرق عمل لتقديم توصيات بسياسات ذات صلة بمجتمع الأعمال والمجتمع ككل: وهي فريق التحوّل الرقمي، والطاقة والاستدامة والمناخ، والتمويل والبنية التحتية، ومستقبل العمل والتعليم، والنزاهة والامتثال، والتجارة والاستثمار، إضافة الى مجلس سيدات الأعمال، مفيداً بأن عدد أعضاء الفرق مجتمعة بلغ 676 عضواً شكّل السعوديون ما نسبته 29% من مجموع الأعضاء، كما شكل مجتمع الأعمال السعودي ما نسبته 26% من أعضاء المجموعة ممن كانت لهم بصمة مميزة في رسم الطريق لقرارات وتوصيات المجموعة لهذا العام، متطلعًا إلى ضمان مشاركة فعالة لمجتمع الأعمال السعودي خلال الرئاسات القادمة في إيطاليا والهند وما بعدهما.

عمليات مالية أكثر شمولا وشفافية وسرعة

أكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» د. أحمد الخليفي أن المملكة، حققت العديد من الإنجازات المرتبطة بجدول أعمال تنسيق السياسات وإيجاد الحلول وتطوير المبادرات، التي تمكّن مجموعة العشرين «G20» من تحقيق شعار الرئاسة السعودية هذا العام «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع»، على الرغم من أنّ الأولوية الجماعية الملحّة لاجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية هذا العام كانت التغلب على جائحة كوفيد 19، وآثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية المتداخلة. وأوضح أن الأولوية الأساسية لأعمال التشريعات المالية خلال سنة الرئاسة حُددت بعنوان «تأطير المسائل الإشرافية والتنظيمية لمواكبة العصر الرقمي»، إذ يندرج تحت هذا الهدف عدد من الأولويات الأساسية، أبرزها الاتفاق على خارطة طريق مجموعة العشرين لتعزيز المدفوعات العالمية عبر الحدود، بوصفها خطوة تاريخية للمجموعة تهدف إلى تحسين ترتيبات المدفوعات العالمية عبر الحدود من خلال تسهيل إجراء عمليات مالية أسرع، وأقل كلفة، وأكثر شمولًا وشفافية، ويتضمن ذلك الحوالات المالية الدولية. وفي إطار إبراز إمكانات التقنية في معالجة التحديات المتعلقة بالمهام الإشرافية والتنظيمية في الجهات الرقابية والمؤسسات المالية، بيّن أن المملكة استمرت في بذل جهود حثيثة بصفتها رئيسة مجموعة العشرين لهذا العام، وذلك بتعاونها مع مركز الابتكار التابع لبنك التسويات الدولية للعمل على مبادرة «التسارع التقني لمجموعة العشرين»، بهدف استكشاف حلول للتحديات الإشرافية والتنظيمية من قبل المهتمين بالتقنية المالية في العالم، بما في ذلك تمكين الابتكار وحل المشكلات في ظل الوضع الراهن لجائحة كوفيد 19.

وتحدث محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عن أبرز إنجازات المملكة خلال سنة الرئاسة، وذلك في إطار جهود المجموعة المرتبطة بالشمول المالي، والمتمثلة في برنامج عمل يركز بشكل كامل على سياسات تتعلق بالشمول المالي الرقمي، وتحديدًا لثلاث فئات مهمة في المجتمع، وهي: النساء، والشباب، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مبينًا أن رئاسة المملكة عملت مع دول مجموعة العشرين والمنظمات الدولية ذات العلاقة لمناقشة أفضل السبل لتطوير البنية التحتية الرقمية، إضافة إلى الخروج بالعديد من التقارير والدراسات المدعومة، أبرزها وثيقة المبادئ التوجيهية رفيعة المستوى بشأن الشمول المالي الرقمي للنساء، والشباب، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي توفر مجموعة من خيارات السياسات المميزة، التي تستهدف فجوات الشمول المالي لهذه الفئات وتعزيز الخدمات المالية الرقمية من أجل استخدام ومشاركة فوائد الابتكارات والرقمنة، وتهيئة ظروف مناسبة يمكن فيها لجميع الناس العيش والعمل والازدهار، خصوصًا في ظل جائحة كوفيد 19.

وأفاد الخليفي بأن مجموعة العشرين برئاسة المملكة تمكّنت من حصر التحديات المتبقية، التي تواجه عملية إلغاء مؤشر سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن (الليبور)، والخروج بتقرير من مجلس الاستقرار المالي بشأن المسائل الإشرافية المرتبطة بالتحوّل للمعيار المرجعي لتسهيل عملية التحوّل من مؤشر الليبور إلى مؤشرات بديلة.