هناء مكي

تتحضر قمة العشرين للانعقاد يوم السبت إذ تعقد بين يومي 21 و22 نوفمبر الجاري، في المملكة العربية السعودية، لتأخذ المملكة بزعامة أكبر تجمع اقتصادي عالمي لأكثر الدول المؤثرة فيه، وفي أحلك وأصعب الأوقات التي يمر بها العالم، وهو ما يضفي على القمة أهمية مضاعفة، ويترقب توصياتها الجميع.

فإن لم يعيق الوباء العالمي تأجيلها عن موعدها المقرر فهو بالطبع سيعيق أشياء كثيرة منها البروتوكولات المعمول بها وجدوى تواجد رؤساء الدول الاقتصادية وجها لوجه لمناقشات أكثر جدية وإلزامية، فتواجدهم على أرض المملكة كان سيخلق المزيد من التعاونيات الثنائية، التي تعود على الاقتصادات الأحادية بفائدة مرجوة. وكذلك أثرت على تغيير عناوين قضايا النقاش ليكون هذا الوباء، الذي أخضع العالم لمدة عام تقريباً هو القضية الأساسية لتأثيراته ليست الصحية وحسب، بل الاقتصادية والاجتماعية والتفاعلية والسياسية.

الظروف الحالية غيّرت الكثير من الإعدادات للقمة، هنا فقط نستطيع أن نكتشف أن التكنولوجيا وفنون التقنيات لا يمكن أن تكون بديلا عن العلاقات الفيزيائية-الجسدية، التي تضيف مردودا يعول عليه في إبرام التفاهمات الثنائية. وبعيدا عن الوباء، فإن أوضاع العلاقات التجارية في الآونة الأخيرة كانت باهتة وتستحق عناء إعادة إنعاشها، والاقتصاد المحلي في غالبية الدول الأعضاء بالقمة تعرضت لتذبذب حتى قبيل انتشار جائحة كوفيد-19، كانت القمة وتواجد الزعماء فيها سيكون له دور أكثر تفاعلية.

وبحسب المنظمين للقمة، فإن دول قمة العشرين قد ساهمت بأكثر من 21 مليار دولار وضعتها لمكافحة الوباء، وإيجاد العلاجات وإنتاج لقاحات وتوزيعها، وعليه كل مَنْ يتساءل عن جدوى انعقاد القمة في ظروف «مصابة بالوباء» في كل مناخاتها وقطاعاتها ومناحيها مجازا، والعالم بأكمله يسعى إلى التخلص من الفيروس أولا ومن ثم النظر في قضايا الاقتصاد!!

فإن دول القمة أكثر الدول تضررا، فهي تعتمد على التجارة الخارجية لمواردها، وقد تكبدت خسائر كبيرة، فهي معنية أكثر من غيرها على إيجاد مخرج لهذه الأزمة. هذه القمة هي إحدى الفعاليات المعنية للخروج من أزمة الجائحة.

على كل حال، القمة قائمة ومن المقرر أن تركز على ثلاثة محاور رئيسية هي: تمكين الإنسان بتهيئة الظروف، التي تساعده على العيش الكريم ومنها يتم النظر في قضايا الفقر وعمل المرأة والشباب، والثانية هي كيفية الحفاظ على كوكب الأرض عبر تعزيز الجهود المجتمعية من خلال توفير الأمن الغذائي والمناخي والبيئي، ويبدو أننا استشعرنا أهمية هذا المحور خلال هذا العام بالذات بعد انتشار الجائحة. وثالث المحاور يتمثل في تبني مخططات وإستراتيجيات وتقنيات وآفاق مستقبلية ومبتكرة وجريئة للدخول إلى مراحل أكثر عصرية وتطورا تساعد على تسهيل الحياة وتجاوز الأزمات وتنمية الاقتصاد.

بيد أن أكثر المناقشات آنية هو البحث حول كيفية إنعاش الاقتصاد في ظل ظروف الوباء العالمي، والسبل الكفيلة بالتعامل معه كأزمة عالمية، والسيطرة على تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي السياسية، ووفقا للمنظمين للقمة فقد تم وضع قرابة 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد ولإدارة المخاطرة.

إنها فرصة لإيجاد سبل للتعافي من تبعات أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد الراكد، والأهم أن يكون هذا العلاج مستداما بحيث يمكن أن يكون الحل والعلاج متاحا في حال استجد انتشار الوباء بمثل ما حصل هذا العام. والأكثر أهمية إيجاد مخارج لأي أزمة مستقبلية يمكنها أن تؤثر على الاقتصاد بإيجاد بدائل حتى إن كانت وقتية.

لذا تبقى هذه القمة من الأهمية لإيجاد حلول آنية وعلى المدى المتوسط والبعيد لمكافحة الجائحة. ومن ثم النظر في إعادة جدولة الأساسيات للمساهمة في إنعاش الاقتصاد وتحريكه واحتساب تبعاته والتقليل منه، ومعالجة ما يترتب عليه من أضرار على التجارة الدولية من جهة والاقتصاد العالمي من جهة أخرى، وعلى القطاعات الأكثر تضررا وأكثر تأثيرا في الأفراد.

@hana_maki00