محمد العوام

البعض يروج لهذه الفكرة بأنه يمكنه أن يعيش وحيداً ولا يحتاج لأحد، وكأن لديه ضمان عدم تقلب الحال وتبدل الأحوال، بل البعض يمارس ويورث هذه الفكرة لأبنائه، فينشأ أبناؤه قاطعين للرحم، بل لا يعرفون أرحامهم ويكتفون بذاتهم أو بصداقاتهم.

هذا نوع، وهناك نوع آخر يصل من أرحامه الميسور منهم أو الغني منهم دون الفقير حتى يتكسب من ورائهم المال أو الجاه أو المنصب أو العلاقات الاجتماعية، التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ويتكبر على الفقير منهم، ولا يسأل عنهم ولا يتفقد أحوالهم.

كذلك البعض يعتقد أن المنازل إذا كانت قريبة تكفي لصلة الرحم، صلة الرحم تكون بقرب القلوب لا بقرب البيوت، وتقرب القلوب بسؤال عن أحوالها وأحوال أصحابها والوقوف مع فقيرها هكذا تقرب القلوب، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ويعني هذا الحديث عن أن نصل الفقير والغني الكبير والصغير دون تمييز، بل ديننا أمرنا أن نصل أرحامنا وإن هم قاطعونا، البعض يجد في هذا جرحا لكبريائه ومكانته الاجتماعية كيف نصل مَنْ قطعنا وابتعد عنا، وهذا لا بد أن يعلم نحن نصل مَنْ قطعنا وابتعد ليس حباً فيه، بل تقرباً لله عز وجل، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (ليس شيءٌ أُطِيعَ اللهُ تعالى فيه أعجلَ ثوابًا من صلَةِ الرحِمِ، وليس شيءٌ أعجلَ عقابًا من البغْيِ وقطيعةِ الرحم ِ، واليمينِ الفاجرةِ تدعُ الديار بلاقع).

وفي الأخير صلة الرحم صفة إن وجدت في الإنسان طالت في عمره، وباركت له في رزقه.

فالجواب على مقولة: هل الإنسان يكتفي بذاته نقول لا، فالإنسان كائن اجتماعي لا يمكن أن يعيش حياته لوحده تاركاً لصلة رحمه ومعتمداً على منصبه أو الجاه، فالمنصب والجاه والمال هذه كلها تذهب ويبقى لديك رحمك وأهلك، فإن أحسنت إليهم ووصلتهم بقي لك مالك وجاهك ومنصبك. وفي الأخير اختم مقالي بكلام سيد البشر رسولنا الكريم: (صلةُ الرحمِ، وحسنُ الخلقِ، وحسنُ الجوارِ تعمِّرُ الديارَ وتزيدُ في الأعمارِ).

@Mohammed_alawam