ترجمة: إسلام فرج

أصبحت مجرد أنقاض في أرض قاحلة شاسعة

قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية: إن روسيا ترغب في مقايضة اللاجئين السوريين بالمال.

وبحسب مقال لـ «أنشال فوهرا»، كان لروسيا هدفان رئيسيان في سوريا، أولهما الحفاظ على قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط لحماية مصالحها الإقليمية، أما الثاني فهو فوز شركاتها بكعكة مشاريع إعادة الإعمار بعد الحرب كمكافأة عن دعم الديكتاتور السوري بشار الأسد.

وتابعت الكاتبة تقول: لقد حققت موسكو الهدف الأول، لكن الثاني ثبت أنه أكثر صعوبة، ومضت تقول: لا تزال هناك رؤيتان دبلوماسيان لإعادة البناء السوري تتصادمان، وأضافت: يصر الغرب على ربط أموال إعادة الإعمار بعملية سياسية محلية تعتبر مشروعة على نطاق واسع، والإفراج عن آلاف السجناء السياسيين، وضمان السلامة لجميع السوريين.

شروط الإعمار

وأردفت فوهرا: لكن روسيا تريد أن تجعل إعادة الإعمار شرطاً مسبقاً لعودة اللاجئين السوريين، لقد حاولت الترويج لفكرة أن أكثر من 6 ملايين لاجئ في البلاد لن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم إلا إذا كان الغرب على استعداد لدفع الأموال لإعادة بناء سوريا، وتابعت الكاتبة: حاولت روسيا مؤخرا تحقيق رؤيتها لسوريا ما بعد الحرب من خلال المساعدة في تنظيم المؤتمر الدولي الأول لعودة اللاجئين في دمشق، لكنها فشلت فشلا ذريعا.

ومضت الكاتبة تقول: تصور روسيا قادة المتمردين السابقين الذين انضموا إلى الفيلق الخامس على أنهم ضمانة لسلامة اللاجئين عند العودة، لكن الفكرة مليئة بالتحديات.

وأردفت: منذ أن وعد اتفاق المصالحة في درعا بالسلام لجميع أطراف الحرب، يهاجم النظام والمعارضة بعضهما البعض بلا هوادة، وشهدت المنطقة العديد من الاغتيالات، وهناك الكثير من الدماء بين المتمردين السابقين المدعومين من روسيا والجيش السوري تعوق الوصول إلى أي حل وسط يمكن أن يؤكد للاجئين أنهم قد يهربون من الاعتقالات العشوائية والاختفاء القسري والتعذيب إذا قرروا العودة.

ونقلت عن أبو ماهر، المتمرد السابق، قوله: يحاول الروس إقناع بشار وقادتنا بمناقشة أمن اللاجئين، لكن لا أحد يجب أن يثق في نوايا النظام الذي يريد قتل الجميع.

صورة أرشيفية تجمع بين الرئيسين الروسي بوتين والسوري بشار (رويترز)


مخابرات النظام

ومضت الكاتبة فوهرا تقول: في عام 2019، قال تقرير لـ «هيومان رايتس ووتش»: إن أفرع المخابرات السورية استمرت في الاعتقال التعسفي والإخفاء والتحرش بالناس الذين عادوا إلى درعا.

وأردفت: أثرت هذه القصص على صورة روسيا كشرطي موثوق به في سوريا وعمقت خوف المواطنين من النظام الذي يتهمونه بارتكاب جرائم حرب ممنهجة، بما في ذلك الآن القبض على من اعتقدوا أنهم آمنون وعادوا.

وأضافت: لم تنجح الهيمنة الروسية المفترضة على الأسد ولا الفرقة العسكرية الموازية المكونة من مقاتلين سابقين في تغيير طريقة عمل النظام، وأشارت إلى أنه تم إطلاع الأردن وحلفائه في الغرب على الوضع على الأرض من قبل نشطاء حقوقيين في سوريا والأردن ولبنان.

ونقلت عن درويش، أحد هؤلاء الناشطين السوريين، قوله: إنه تلقى تهديدات بالقتل لكونه مواليا للغرب، بينما تم اعتقال واختفاء اثنين من زملائه، وأوضح أنه دفع لمهرب 1500 دولار وهرب إلى لبنان قبل عامين فقط، ثم نجح في إحضار أسرته الشهر الماضي.

وتابعت: على الرغم من تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، وارتفاع نسبة الفقر بين اللاجئين بنسبة 90٪ في الأشهر الأخيرة إلا أن الوضع أفضل من التواجد في سوريا، هنا على الأقل الجيش لن يهددني ويخفيني.

النخبة اللبنانية

ولفتت الكاتبة إلى أن النخبة الحاكمة في لبنان، الذي شارك في المؤتمر، صمت آذانها عن قلق اللاجئين من الاعتقالات العشوائية والتجنيد الإجباري في الجيش والحرمان حال العودة إلى سوريا، وأردفت: ترى النخبة اللبنانية أن مساعدة الأمم المتحدة للاجئين السوريين تعمل على إبطاء عودتهم إلى بلادهم، يستضيف لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، وعلى الرغم من حملة الحكومة المباشرة وغير المباشرة لطردهم، عاد حتى الآن 65000 فقط.

وأضافت: قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن وجود اللاجئين كلف بلاده 40 مليار دولار، مقترحا تقديم مساعدات دولية للسوريين داخل سوريا، لتشجيعهم على العودة، ومضت تقول: مثل روسيا، يتوقع لبنان أيضًا الاستفادة من إعادة الإعمار الوشيكة في سوريا، التي من المتوقع أن تكلف حوالي 200 مليار دولار، كان لبنان يروج لمينائه في طرابلس في الشمال، على بعد 20 ميلاً فقط من سوريا، كمركز لوجستي لإعادة إعمار سوريا.

الاستثناء والتعاطف

لكن باستثناء لبنان، ليس هناك من يتعاطف مع روسيا في المنطقة.

ونقلت الكاتبة عن ماريانا بيلينكايا، الصحافية الروسية التي غطت المؤتمر، قولها: توقف المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف في تركيا بعد المؤتمر للتأكد من أنهم لم يتعرضوا للإهانة بعدم دعوة دمشق للأتراك لحضور المؤتمر، ولمناقشة عودة اللاجئين.

ومضت الكاتبة تقول: في سوريا، لا يستطيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السعي للحصول على أي تنازلات من الأسد يمكن أن تقنع الغرب بدعم مؤتمر دولي لعودة اللاجئين، مثل إلغاء التجنيد الإجباري، وإطلاق سراح السجناء، وإتاحة الوصول دون عوائق للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وأضافت: لكن السبب الآخر المهم الذي لا يرغب الكثير من السوريين في العودة إليه هو الأزمة الاقتصادية في سوريا، الناس ليس لديهم ما يكفي من الطعام، ومدنهم دمرت، ومنازلهم مجرد أنقاض في أرض قاحلة شاسعة.