هناك حالة إنسانية لافتة فيما يتعلق بالبارزين من أمريكا اللاتينية، إنهم يحصدون محبة الناس بصورة مجانية، لا يدفعون الكثير لكي يكونوا محبوبين، وذلك ببساطة لأنهم يقدمون الكثير، وهي حالة لا تختص باتجاه أو مجال دون آخر، فهناك بارزون في الأدب مثل الشاعر التشيلي بابلو نيرودا، والأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وكلاهما حاز نوبل، ومن الأرجنتين خورخي بورخيس، الذي يعتبر من أبرز كتَّاب القرن العشرين.
وفي النضال السياسي، يبرز الأشهر جيفارا، الذي قدّم تجربة ملهمة لكثير من شباب العالم حين نضاله الثوري، وفي الفن يظل أسطورة الريغي بوب مارلي الجامايكي حاضرا في الذائقة العالمية، أما في كرة القدم ففيها منتهى السحر الكروي، الذي أبهر عشاق اللعبة الشعبية الأولى، حيث تتعدد الأسماء بدءا من الأسطورة البرازيلي بيليه، ومعه ومن بعده أجيال لطالما أمتعت الناس حول العالم، غير أن الساحر الأرجنتيني الراحل دييجو أرماندو مارادونا كان عبقريا واكتمل فيه سحر الكرة وفنونها.
كلنا شاهد مراسم جنازة هذا النجم الأسطورة، ولعلها مشاهد مذهلة ونحن نرى كل تلك الحشود، التي ألقت النظرة الأخيرة على جثمانه، ووقفت رغم ظروف كورونا في حشد مهيب تابعه الملايين حول العالم، وهنا تقفز في الذهن العديد من الأسئلة حول قيمة الإنسان حين تفتقده الملايين على هذا النحو الهائل، بالتأكيد هو لا يعرف كل أولئك الأرجنتينيين، الذين تدفقت دموعهم كحبات مطر خريفي، ومعهم كثيرون على ذات الحال الباكي في أنحاء الدنيا.
مارادونا لم يكن أكثر من لاعب كرة قدم، فهو ليس حكيما أوقف نزيف الإنسانية في أمريكا الجنوبية أو أفريقيا أو جنوب شرق آسيا، ولم يكن فيلسوفا يمنح الناس الحكمة، أو أديبا مثل نيرودا وماركيز وبورخيس، ويحصل على أرفع الجوائز تقديرا لكتاباته الإبداعية الفائقة، وليس عالما يمنح الناس علاجا أو لقاحا، أو حتى قاد جهدا إنسانيا خلال الحروب أو المجاعات أو الكوارث الإنسانية.
كل الذي فعله هذا الأسطورة أن كتب الشعر والرواية والفلسفة ومنح الناس السلام والأمل خلال متاعبهم من خلال سحر قدمه اليسرى، التي فعلت ما قد يفوق ما يقدمه كاتب أو شاعر أو مناضل في أحراش الأمازون.. ليس هناك أكثر من أن جعل كل الأرجنتين تفوز بكأس العالم عام 1986م وتنتصر على إنجلترا، التي كسبت حرب الفوكلاند قبل ذلك بسنوات قليلة، وجعل كل مواطن من بني شعبه يشعر بأنه استرد كرامته، فحين خسر الجند في ميدان القتال كسب مارادونا في ميدان الكرة وأمام مرأى كل العالم.
حين لعب في إسبانيا قدم السهل الممتنع ليمتع الإسبان وكل محب لكرة القدم، قبل أن ينتقل إلى إيطاليا ويلعب في نادٍ مغمور ويجعله يفوز بالدوري مرتين، ويحصد مع ذلك محبة كل الإيطاليين وعشاق المستديرة في العالم، إذن بقدميه كتب أروع ملاحم الإنسانية والسفارة الرياضية، التي عززت من حضور كرة القدم وجعلتها مناسبة وفرصة لسلام العالم واللعب النظيف ليلتقي الجميع في تلك الإنسانية الرفيعة والبريئة.
لقد أبكى مارادونا العالم من الفرح وهو حي، وأبكاهم وهو ميت، وهي حالة من الكاريزما والأثر القوي والفاعل، الذي لا يُشترى بثمن، إنها قيمة العطاء والبذل، التي تجعل كل معطاء ومبدع يقدم تجربته بهذا الوضوح، الذي يجعل حب الناس له ينمو وينبت كعشب أخضر حتى في صحارى الإنسانية، فهذا الراحل العالمي لم يختلف عليه أحد أيّا كانت جنسيته أو عرقه أو دينه، وتلك هبة ومنحة تحتاج للتوقف عندها، فقد رحل الرجل وترك أحد أعظم الدروس الإنسانية في المحبة والسلام.
@sukinameshekhis
وفي النضال السياسي، يبرز الأشهر جيفارا، الذي قدّم تجربة ملهمة لكثير من شباب العالم حين نضاله الثوري، وفي الفن يظل أسطورة الريغي بوب مارلي الجامايكي حاضرا في الذائقة العالمية، أما في كرة القدم ففيها منتهى السحر الكروي، الذي أبهر عشاق اللعبة الشعبية الأولى، حيث تتعدد الأسماء بدءا من الأسطورة البرازيلي بيليه، ومعه ومن بعده أجيال لطالما أمتعت الناس حول العالم، غير أن الساحر الأرجنتيني الراحل دييجو أرماندو مارادونا كان عبقريا واكتمل فيه سحر الكرة وفنونها.
كلنا شاهد مراسم جنازة هذا النجم الأسطورة، ولعلها مشاهد مذهلة ونحن نرى كل تلك الحشود، التي ألقت النظرة الأخيرة على جثمانه، ووقفت رغم ظروف كورونا في حشد مهيب تابعه الملايين حول العالم، وهنا تقفز في الذهن العديد من الأسئلة حول قيمة الإنسان حين تفتقده الملايين على هذا النحو الهائل، بالتأكيد هو لا يعرف كل أولئك الأرجنتينيين، الذين تدفقت دموعهم كحبات مطر خريفي، ومعهم كثيرون على ذات الحال الباكي في أنحاء الدنيا.
مارادونا لم يكن أكثر من لاعب كرة قدم، فهو ليس حكيما أوقف نزيف الإنسانية في أمريكا الجنوبية أو أفريقيا أو جنوب شرق آسيا، ولم يكن فيلسوفا يمنح الناس الحكمة، أو أديبا مثل نيرودا وماركيز وبورخيس، ويحصل على أرفع الجوائز تقديرا لكتاباته الإبداعية الفائقة، وليس عالما يمنح الناس علاجا أو لقاحا، أو حتى قاد جهدا إنسانيا خلال الحروب أو المجاعات أو الكوارث الإنسانية.
كل الذي فعله هذا الأسطورة أن كتب الشعر والرواية والفلسفة ومنح الناس السلام والأمل خلال متاعبهم من خلال سحر قدمه اليسرى، التي فعلت ما قد يفوق ما يقدمه كاتب أو شاعر أو مناضل في أحراش الأمازون.. ليس هناك أكثر من أن جعل كل الأرجنتين تفوز بكأس العالم عام 1986م وتنتصر على إنجلترا، التي كسبت حرب الفوكلاند قبل ذلك بسنوات قليلة، وجعل كل مواطن من بني شعبه يشعر بأنه استرد كرامته، فحين خسر الجند في ميدان القتال كسب مارادونا في ميدان الكرة وأمام مرأى كل العالم.
حين لعب في إسبانيا قدم السهل الممتنع ليمتع الإسبان وكل محب لكرة القدم، قبل أن ينتقل إلى إيطاليا ويلعب في نادٍ مغمور ويجعله يفوز بالدوري مرتين، ويحصد مع ذلك محبة كل الإيطاليين وعشاق المستديرة في العالم، إذن بقدميه كتب أروع ملاحم الإنسانية والسفارة الرياضية، التي عززت من حضور كرة القدم وجعلتها مناسبة وفرصة لسلام العالم واللعب النظيف ليلتقي الجميع في تلك الإنسانية الرفيعة والبريئة.
لقد أبكى مارادونا العالم من الفرح وهو حي، وأبكاهم وهو ميت، وهي حالة من الكاريزما والأثر القوي والفاعل، الذي لا يُشترى بثمن، إنها قيمة العطاء والبذل، التي تجعل كل معطاء ومبدع يقدم تجربته بهذا الوضوح، الذي يجعل حب الناس له ينمو وينبت كعشب أخضر حتى في صحارى الإنسانية، فهذا الراحل العالمي لم يختلف عليه أحد أيّا كانت جنسيته أو عرقه أو دينه، وتلك هبة ومنحة تحتاج للتوقف عندها، فقد رحل الرجل وترك أحد أعظم الدروس الإنسانية في المحبة والسلام.
@sukinameshekhis