د ب أ - بروكسل

تواجه محاولة الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى استجابة مالية مشتركة للركود الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد، معوقات من دولتين مثيرتين للشغب، هما المجر وبولندا، اللتين تقاومان الجهود المبذولة لربط صرف أموال الطوارئ بالالتزام بسيادة القانون، وتعتبران الأمر تدخلا غير قانوني في شؤونهما الداخلية.

ولكن حتى لو تمكنت بروكسل من التوصل إلى حل وسط بشأن هذه المسألة السياسية، سيعاود سؤال مالي عميق الظهور مجددا بشأن حزمة «الجيل القادم للاتحاد الأوروبي»، التي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو (900 مليار دولار) وهو: كيف يمكن التأكد من أن الدول المستفيدة ستنفق الأموال بالشكل الملائم؟

وأوضح الكاتب الإيطالي فرديناندو جيوجليانو في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أن إيطاليا، على سبيل المثال، تكافح من أجل وضع خطة متماسكة لكيفية استخدام حصتها من المنح والقروض المتاحة، وهناك مخاطرة من أن يتم تبديد جزء كبير منها في مشروعات غير مفيدة. وقد قاومت «الدول المقتصدة»، وبينها هولندا والنمسا، إنشاء هذه الأداة المالية المشتركة. وقد تجد هذه الدول قريبا أن رؤيتها كانت مبررة.

وقام الاتحاد الأوروبي بقفزة ثقة أو مغامرة بإنشاء صندوق التعافي من تداعيات كورونا. ومن حيث المبدأ، يتعين على المفوضية الأوروبية التأكد من أن الحكومات ستوجه الأموال نحو المشاريع، التي تخدم أولويات مثل تعزيز الإنتاجية ومكافحة التغير المناخي.

ويرى جيوجليانو أنه من الناحية العملية، ستكافح بروكسل لحرمان الدول الأعضاء من الحصص المخصصة لها إذا استخدمتها بشكل مختلف، نظرا لأن الساسة الوطنيين سوف يعترضون ببساطة ويتهمون «المسؤولين الأوروبيين» بأنهم يجوعون شعوبهم. ويمكن للمفوضية أن تحاول ممارسة ضغوط، لكن سيتعين عليها أن تأمل في أن تفعل حكومات الدول الأعضاء الشيء الصحيح.

وتبرهن إيطاليا بالفعل على كيف يمكن أن تسوء هذه العملية، حيث لا يمكن لشركاء الحكومة الائتلافية، حركة خمس نجوم الشعبوية، والديمقراطيين، الاتفاق على مَنْ سيتولى مسؤولية تخصيص الأموال. ومن المقرر أن تتلقى إيطاليا 209 مليارات يورو في شكل منح وقروض من الاتحاد الأوروبي، ويرى الحزبان أن هذه الأموال تمثل فرصة غير مسبوقة لترسيخ قواعد قوتهما في البلاد من خلال ضخ الأموال في الأماكن الصحيحة.

وفي إطار المساعي لإدارة المصالح المتضاربة، تبحث الحكومة الإيطالية تشكيل فريق عمل يضم ما يصل إلى 300 مسؤول، من عدة وزارات. ولسوء الحظ، لا تعتبر البيروقراطية الإيطالية دائما رمزا للكفاءة، لذلك هناك خطر حقيقي من سوء الإدارة.

ولا يساعد الاتحاد الأوروبي كثيرا. ويؤجل النزاع بشأن سيادة القانون صرف الشريحة الأولى من الأموال حتى فصل الصيف المقبل، على الأقل. ويهدد هذا التأخير بإضعاف التعافي من صدمة وباء كورونا ومضاعفة الضرر الدائم الناجم عنه، حيث يتزايد عدد الشركات التي تتوقف عن العمل، ويفقد المزيد من العاطلين عن العمل مهاراتهم أو يصابوا بالإحباط. ومع ذلك، لن يتم تقديم الخطط الوطنية للتعافي من الوباء إلى بروكسل حتى فصل الربيع، لذلك هناك وقت أمام إيطاليا لتعويض ما فقدته.

وتكمن المشكلة في أن روما فقدت على ما يبدو أي إحساس بالهدف أو الاتجاه، حيث إن وزير المالية الإيطالي، روبرتو جوالتيري، منشغل في مواجهة الأزمة الاقتصادية من خلال الكشف عن سلسلة من حزم الطوارئ لمساعدة المتضررين من عمليات الإغلاق الجديدة. وبالنظر إلى ما هو أبعد من الأزمة المباشرة، فإن أولويات الحكومة لتعزيز الاقتصاد على المدى الطويل ليست واضحة. ويبدو أن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي قد انجرف بعيدا، كما يتضح من تراجع شعبيته.

وفي الوقت الحالي، يحمي الاتحاد الأوروبي إيطاليا من المتاعب، فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتوجيه مشترياته من الأصول لسندات الحكومة الإيطالية، مما ساعد على دفع عوائد البلاد إلى مستويات قياسية منخفضة.