فور استقالة الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس - بنز عملاقة الصناعة الألمانية، اغتنمت الفرصة منافستها BMW العملاقة الأخرى، وأطلقت إعلانا شهيرا، ظهر فيه الرئيس التنفيذي السابق وهو يتحرر أخيرا من ولائه لشركته السابقة (مرسيدس) ليقتني بفرح السيارة التي ابتسم شغفا لقيادتها، وبالطبع كانت من BMW.
هذا الإعلان فيه الكثير من الروح الودية وحس الظرافة، وهي ليست المرة الأولى، فلطالما اتسمت إعلانات عملاقي صناعة السيارات الألمانية بذلك طوال عقود من المنافسة القوية، مع التزام دائم بالإتقان العالي لتحقيق الهدف الإعلاني بذكاء وبراعة. فمثلا عندما كانت BMW تحتفل بمئويتها عام 2016م أطلقت مرسيدس إعلانا تقول فيه «شكرا على 100 عام من المنافسة لقد كانت الـ 30 عاما الأخيرة حقا مملة».
هذه الروح العالية في التنافس الراقي بين الشركات الألمانية ليست وليدة أخلاقيات فردية لدى رؤساء تلك الشركات، وإنما هي نتاج مدرسة إدارية عريقة وراسخة الأساس وناجحة بكل المقاييس، وأعني بذلك مدرسة الإدارة الألمانية، تلك المدرسة الموجهة بالمنتج، فهي لا تضع على رأس أولوياتها قيمة السهم أو حجم الإيرادات كما في الإدارة الأمريكية، ولا الحصة السوقية كما في المدرسة اليابانية، بل يسبق تلك الأولويات لدى الإدارة الألمانية دقة الإنتاج وجودة المنتج بكل ما لذلك من معنى كالفضاء الشاسع للابتكار والسقف العالي للدقة والإتقان، والصرامة في متابعة خطوط الإنتاج بكل مكوناتها البشرية والتقنية منذ الخطوة الأولى.
يحترم الألمان التخصصية، وتعتبر الأساس في تركيزهم الكبير على التراتبية الهرمية المتسمة بالبيروقراطية - وألمانيا بالمناسبة هي معقل البيروقراطية، وموطن العالم الألماني ماكس فيبر (Max Weber) مؤسس النظرية البيروقراطية في الإدارة، فالتراتبية في الإدارة الألمانية تستند على تقاطع وتكامل الأدوار بشكل أساسي، مما حدا بالمحللين لإطلاق مصطلح (برج إيفل الألماني) على أسلوب الإدارة الألمانية.
تقوم الإدارة الألمانية على التوافق والإجماع بين أطراف عملية الإنتاج ككل، تلك العملية التي تبرز فيها مجموعات الإنتاج المكونة من أفراد متخصصين بدرجة عالية، فالموظف الألماني يلمس أهمية دوره في العملية الإنتاجية، كما أن الرؤساء التنفيذيين يدركون هذه الأهمية، بحيث لا يقتصر دورهم على التقارير المالية وبيانات السوق فحسب، بل يأخذ الاهتمام بخطوط الإنتاج من وقت الإدارات العليا الألمانية قدرا أكبر مما هو لدى نظيرتها الأمريكية التي تضع التقارير المالية على رأس أجنداتها.
إن توصيف الوظائف في الإدارة الألمانية من أكثر المهام الإدارية دقة وتعقيدا، ويرتكز على التخصصية العالية، لذا فعملية توظيف الموارد البشرية صارمة جدا وتخضع لمعايير تقييم عالية وأنظمة قياس دقيقة، بما يضمن أعلى قدر من الكفاءة في توزيع الكوادر خلال منظومة العمل الألمانية.
أثبتت مدرسة الإدارة الألمانية تفوقها بتسيد المنتجات الألمانية وبكل ثبات لقمة الصناعات ذات الدقة والجودة العالية، الأمر الذي يعرفه الألمان ويشعرون حياله بالثقة والولاء لثقافتهم الصناعية بنزعة قومية أحيانا أوجدت بين المتنافسين توافقا تلاحميا لخدمة ثقافتهم الإنتاجية، وهو ما قد يفسر تلك المسحة الودية والروح المرحة في إعلانات العملاقين الألمانيين، والتي لم يجدها كثير من زوار ألمانيا لدى الشعب الألماني!
هذا الإعلان فيه الكثير من الروح الودية وحس الظرافة، وهي ليست المرة الأولى، فلطالما اتسمت إعلانات عملاقي صناعة السيارات الألمانية بذلك طوال عقود من المنافسة القوية، مع التزام دائم بالإتقان العالي لتحقيق الهدف الإعلاني بذكاء وبراعة. فمثلا عندما كانت BMW تحتفل بمئويتها عام 2016م أطلقت مرسيدس إعلانا تقول فيه «شكرا على 100 عام من المنافسة لقد كانت الـ 30 عاما الأخيرة حقا مملة».
هذه الروح العالية في التنافس الراقي بين الشركات الألمانية ليست وليدة أخلاقيات فردية لدى رؤساء تلك الشركات، وإنما هي نتاج مدرسة إدارية عريقة وراسخة الأساس وناجحة بكل المقاييس، وأعني بذلك مدرسة الإدارة الألمانية، تلك المدرسة الموجهة بالمنتج، فهي لا تضع على رأس أولوياتها قيمة السهم أو حجم الإيرادات كما في الإدارة الأمريكية، ولا الحصة السوقية كما في المدرسة اليابانية، بل يسبق تلك الأولويات لدى الإدارة الألمانية دقة الإنتاج وجودة المنتج بكل ما لذلك من معنى كالفضاء الشاسع للابتكار والسقف العالي للدقة والإتقان، والصرامة في متابعة خطوط الإنتاج بكل مكوناتها البشرية والتقنية منذ الخطوة الأولى.
يحترم الألمان التخصصية، وتعتبر الأساس في تركيزهم الكبير على التراتبية الهرمية المتسمة بالبيروقراطية - وألمانيا بالمناسبة هي معقل البيروقراطية، وموطن العالم الألماني ماكس فيبر (Max Weber) مؤسس النظرية البيروقراطية في الإدارة، فالتراتبية في الإدارة الألمانية تستند على تقاطع وتكامل الأدوار بشكل أساسي، مما حدا بالمحللين لإطلاق مصطلح (برج إيفل الألماني) على أسلوب الإدارة الألمانية.
تقوم الإدارة الألمانية على التوافق والإجماع بين أطراف عملية الإنتاج ككل، تلك العملية التي تبرز فيها مجموعات الإنتاج المكونة من أفراد متخصصين بدرجة عالية، فالموظف الألماني يلمس أهمية دوره في العملية الإنتاجية، كما أن الرؤساء التنفيذيين يدركون هذه الأهمية، بحيث لا يقتصر دورهم على التقارير المالية وبيانات السوق فحسب، بل يأخذ الاهتمام بخطوط الإنتاج من وقت الإدارات العليا الألمانية قدرا أكبر مما هو لدى نظيرتها الأمريكية التي تضع التقارير المالية على رأس أجنداتها.
إن توصيف الوظائف في الإدارة الألمانية من أكثر المهام الإدارية دقة وتعقيدا، ويرتكز على التخصصية العالية، لذا فعملية توظيف الموارد البشرية صارمة جدا وتخضع لمعايير تقييم عالية وأنظمة قياس دقيقة، بما يضمن أعلى قدر من الكفاءة في توزيع الكوادر خلال منظومة العمل الألمانية.
أثبتت مدرسة الإدارة الألمانية تفوقها بتسيد المنتجات الألمانية وبكل ثبات لقمة الصناعات ذات الدقة والجودة العالية، الأمر الذي يعرفه الألمان ويشعرون حياله بالثقة والولاء لثقافتهم الصناعية بنزعة قومية أحيانا أوجدت بين المتنافسين توافقا تلاحميا لخدمة ثقافتهم الإنتاجية، وهو ما قد يفسر تلك المسحة الودية والروح المرحة في إعلانات العملاقين الألمانيين، والتي لم يجدها كثير من زوار ألمانيا لدى الشعب الألماني!