عبدالله إبراهيم العزمان

أصبح العمل من المنزل أمرا حتميا مع ظاهرة كوفيد 19، وصار شائعا أن تجد عددا كبيرا من الموظفين يعملون عن بعد، وظهرت الحاجة إلى علوم تتعلق بإدارة فرق العمل الافتراضية وكيفية السعي إلى تفعيل إنتاجية الأفراد الذين يعملون من منازلهم.

فعندما يعمل الأفراد عن بعد يكونون بأمس الحاجة إلى المزيد من الثقة، ولذا يتحتم على القائد أن يقوم ببث روح الثقة بين أعضاء الفريق عبر تحديد أهداف العمل مسبقا، ليتمكن أعضاء الفريق من معرفة خريطة الطريق بوضوح، ومن ذلك أيضا أن يقوم بمشاركتهم بكل ما يستجد من أمور تتعلق بتطورات العمل وبنسبة الإنجاز ويواصل التحدث معهم بكل صدق وشفافية، كما ينبغي عيه أن يهتم بالرد على استفساراتهم، ويسهم في إزالة كافة العوائق التي تعترض طريق أدائهم، فليس من الطبيعي مثلا أن يطلب من الموظف أن يواصل عمله عن بعد دون التأكد من توافر عدد من الخدمات اللوجستية المعينة على إنجازه للمهام المطلوبة منه، وتتمثل هذه الخدمات بتوافر جهاز كمبيوتر وخدمة إنترنت مناسبة السرعة على أقل تقدير.

ولكون العمل عن بعد يقلل وبشكل كبير رؤية ردود أفعال الموظفين، تبرز هنا أهمية الإنصات لهم وفهم ردود أفعالهم قبل الحكم على تصرفاتهم وممارساتهم، وفي المقابل يحتاج أعضاء فريق العمل لأن يكونوا أكثر مسئولية عن ذي قبل وأكثر مبادرة وتواصلا مع زملائهم من جهة، ومع قائد الفريق من جهة أخرى للخروج بأفضل النتائج والممارسات الإيجابية، فالمسئولية هنا لا تقع على قائد الفريق وحده ولا على فرد دون آخر بل على المجموعة بشكل كامل، وبذلك يصبح دور كل عضو من أعضاء الفريق مطلوبا وبشكل أكبر عن ذي قبل، لسد الفجوة الحاصلة من جراء التباعد أو صعوبة التواصل أو تقصير البعض أو عدم مبالاة البعض الآخر، لأنه يعتقد أن الموظف ينبغي أن يكون أكثر إنتاجية في حال كونه ينجز أعماله عن بعد، حيث وجدت دراسة نشرتها الـ بي بي سي أن العمل من المنزل يوما واحدا في الأسبوع عزز الإنتاج بنسبة 13٪.

وعلى قائد الفريق أن يقوم بتنظيم التواصل مع أعضاء فريقه، فمن ذلك أن يقوم بعقد عدد من جلسات النقاش المثرية بين فترة وأخرى عبر برامج الاتصال المختلفة والتي تدعم عقد الاجتماعات عن بعد، لمتابعة مراحل الإنجاز والتعاون المثمر لتلافي بعض المعوقات التي قد تطرأ على سير العمل، وكلما كانت الجلسة مختصرة وغير مطولة كانت أدعى للتفاعل والمشاركة بشكل أكبر، كما ينبغي للقائد أن يحرص من خلال هذه الجلسات على إضفاء روح التفاعل بين أفراد الفريق بحيث يقوم بتحفيز الجميع على المشاركة، ويكون ذلك إما عن طريق البث الحي بالصوت والصورة، أو بالصوت فقط، أو عن طريق التعليق بالكتابة عبر منصة المشاركة، ويقوم قائد الفريق خلال هذا الوقت بالتعليق على النقاط والمدخلات المطروحة، وتشجيع المشاركات والتعقيب عليها، ويكلف عددا من أفراد الفريق بمهام صغيرة تتعلق بإرسال الدعوات ومتابعة الحضور وتدوين المشاركات والتوصيات وتهيئة المنصة الإلكترونية، ولإضفاء مزيد من التفاعل يفضل أن يقوم باستخدام العروض التقدمية عن طريق مشاركة سطح المكتب من جهاز الكمبيوتر مع أعضاء الفريق مما يجعل المشاركين أكثر تفاعلا، وأكثر تركيزا على محاور اللقاء، كما يستطيع أن يكلف عددا من المشاركين بالتعاون لإنجاز مهمة أو عمل مشترك مع إعطائهم وقتا للتشاور ومن ثم عرض ما لديهم من مقترحات.

تجربة العمل عن بعد ستصبح حقيقة واقعة حتى بعد زوال هذه الجائحة، ونأمل أن نستفيد منها في بناء منصات أعمال قوية تسهم وبشكل كبير في تحسين بيئة العمل عن بعد وتجعلها أكثر متعة وفاعلية.

قال طرفة بن العبد:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار ما لم تزود

@azmani21