يوسف الحربي

«نتطلّع لمسرح سعودي تستقبله مسارح العالم» بهذه العبارة البسيطة والعميقة في الوقت نفسه، تحدّث الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية سلطان البازعي، وإنه لشغف كبير أن يكون لنا «المسرح المدرسة أو النموذج» الذي من خلاله نقدّم ثقافتنا للعالم بالأداء والإخراج والتصميم والتميّز نصًا وأداءً، فنًّا وتفاعلًا قادرًا على اختراق حواجز التعبير بالتصوّر والرؤى بالمشاهد، وبالجمع المتوازي مع بقية الفنون، وبالإيمان الحقيقي، أن المسرح ليس فقط المَشاهد التي تجتمع على القصة، بل هو عمل متكامل جدًا، ومتطلّع جدًا لمراحل الفن وتكويناته الأساسية، ومسار التطور التي تماهت مع نضج الإنسانية في تثاقفها.

لقد كان أمرًا جليًا أن تجربة العودة مع الاحتفاظ بالاحترازات الصحية بالملتقى المسرحي للمونودراما والديودراما في ثقافة الدمام رفعت من معنويات المسرحيين، وبعد الحديث من رئيس الهيئة ورئيس مبادرة المسرح عبدالعزيز السماعيل الذي أكد الخطوات الثابتة، والروح بين كل الفنون في الجمعية، وعن «تميّزها بالمواهب ودعمها بالنشاط المكثّف والمستمر، وهو ما جعلها بيتًا ثقافيًا للجميع».

وعلى ذلك فإن الحديث عن النهضة الفنية والثقافية دون الدعم المعنوي والفكري والتواصل الإبداعي الذي يجمع المسؤولين والمنظمين المثقفين والمتابعين والهواة يعتبر ناقصًا ومحدود التأثير المنتظر منه.

إن معنى أن يكون لنا مسرح تستقبله مسارح العالم، يعني أن تكون لنا قدرة على محاكاة العالم بلغة الفن التي يفهمها دون حواجز، وبلغة الجمال التي تعكس خصوصية الانتماء والهوية، وكل ذلك يكون بالكثير من العمل والتعاون والتجريب والجرأة القادرة على المواكبة حتى يتمكّن من الاقتباس، ويراعي الخصوصية الثقافية والتراث التعبيري دون المساس بالقيم الاجتماعية والثقافية التي تميّز المملكة.

إن الفنون هي التعاون المستمر والنشاط الطامح للأفضل بكل القدرات والمواهب والأفكار والمبادرات والدعم التنظيمي؛ لأن الإنجاز الفني ليس مجرد تقليد، بل هو تفرّد يستطيع التماهي مع فكرة الاطلاع والتطلّع وهو التمشي القادر على فهم المسارات التي مرّ بها المسرح في العالم، ونقاش نقاط البحث في التصورات العالمية القادرة على استيعاب القصص المحلية وتجريبها وتحويلها إلى أفكار ونصوص ومسرحيات بما من شأنه أن يقدّم رؤى جديدة للمسرح.

أن نكون في مسارح العالم يعني عملًا واثقًا وتعاونًا ثريًا، وورش تدريب، وتبادل خبرات عالمية، لجان فرز، وقراءة، واقتباسًا ومحاكاة للثقافة الوطنية، وتمازجًا مع الموروث الأدبي والشعبي، وفتح باب المنافسة بين المواهب، حتى يكون المسرح السعودي قادرًا على جمع الفنون معًا من أجل مسرح له خصوصيات عالمية في التوضيب والترتيب والمحتوى في الفهم والتفاعل، وهي الخطوات التي تسعى لتثبيتها كل الفرق المسرحية والجمعيات والمؤسسات الثقافية من خلال المسابقات والملتقيات والمشاركات والأنشطة.

yousifalharbi@