شيخة العامودي

قبل نهاية كل عام أُحب أن أقلب أحداث صفحاته تقليبا يطاله التأمل والتحليل؛ لأضيف على العام الجديد إضافة مطعمة بالخبرات التي يجب أن أُكثر منها وأخرى أحرص على التخلي عنها أو أطورها وأحسنها.

قلبت عامي الذي بقت أيام قليلة ليخلع حلته ويسلمها للعام الجديد بعد أن يجردها من رقمها الذي تغزل فيه العالم لشكله اللطيف 2020 ويبقى وصفه وصفته إلى أن يُعنون بعنوان جديد.

وضب العام حقائبه وساعدته في التوضيب، لم أجد كثيرا من الالتقاطات أو الأماكن والنزهات غابت تذاكر السفر وقائمة الهدايا غابت مظاريف العيديات وفساتين الأفراح تلاشت بطاقات الدعوات الورقية المزخرفة بألوان وأشكال، حتى برامج هواتفنا التي كانت تشاركنا «أجمل لحظات العام» اقتصرت على التقاطات قليلة في بعضها لم اتبين الوجوه في الوهلة الأولى فالمتشابه تطابق بسبب الكمامات.

سيمضي عام وقد اجتمعت فيه كل أطياف الفكر والتأملات وطرقت كل الأبواب ونحن بين تباعد وحجر وتقارب حذر، بين انتظار كيف سيؤول الحال وإلى أين ستسير الأحوال، عام غريب تعلم البشر فيه شيئا جديدا، وأثبت قدرته على التعايش وانتصر رغم تضحيات كثير وقيد كبير على مخططات هذا الفيروس العجيب.

سيمضي هذا الفيروس -بمشيئة الله- ثم بتسخيره للقاح منهزما يرفع راية منقوش عليها «عظيم هذا الإنسان»، سيبقى ذكرى مخلدة ستسمى سنته وأحداثها بسنة الجائحة وستسير مواكب الحياة، وما بين سطورها أيام مرت من أعمارنا واقتطفت من رزناماتنا ستبقى اسما يمر ودروسا تخلد: درس تعلمنا منه أن الكمامة تشبه قليلا تحكمنا بما نقيده من منطوقنا وهو تقييد ينفع ولا يضر.

تعلمنا أن نظافة اليد حق وواجب لتسلم البشرية، وركن يشهد لك بالإنسانية،تعلمنا أن إعطاء الناس حيزهم من الخصوصية كالتباعد تماما يشملك أولا بالوقاية، تعلمنا أن الإنسان يستطيع أن يتكيف مع وضعه ويخلق من تكييفه جودة للحياة إذا أراد، تعلمنا أن التبذير يقنن بكل بساطة، والذكاء يكون في خلق نمط يناسبنا ننأى به عن التقليد،

علمتنا أن نتأمل ما يسبغه المضمون ونمتن إن كان رسمه جميلا.

علمتنا أن هناك أشياء جميلة افتقدناها كنا نترك قيمتها العظيمة وننساها ونتناساها عندما تحتلنا مشاعر الغضب، فنعزف عن نيل عطاياها، تأملت إحساس المصافحة وما تسقينا إياه من رسالة محددة واضحة الكلمات عميقة المعاني، عندما يشد أحدنا كفنا بحب عظيم أو شوق كبير أو شكر جزيل.

كل الدروس التي استنتجتها من خلاصة الفيروس، جعلتني أكتب للعام رسالة شكر وعرفان، فهو ببساطة نادى بأساسيات الإسلام من قاعدة «غسل البراجم» إلى «الطهور شطر الإيمان».

أتمنى لنا عاما جديدا مكللا بالصحة والأمن والرضا، عاما قد لا يكون شكل رقمه متتطابق جميل لكن أحداثه بالمسرات والآمال ستتابع كأرقامه بتناغم فريد.

ALAmoudiSheika @