علي سعيد القحطاني

من خلال معايشتي للتعليم الأسترالي لمدة 11 شهرا، من خلال مشاركتي في البرنامج النوعي للتطوير المهني الذي قدمته وزارة التعليم والمسمى بناء القادة من أجل التغيير من خلال المعايشة في المدارس «خبرات»، خرجتُ بقراءة متأنية وعميقة عن التعليم في تلك الدولة، والتي باتت خلال سنوات قليلة جاذبة للتعليم العالي، بعد النهضة المتميزة والتصنيف المتقدم الذي حققته في مجال التعليم بصورة عامة.

فالتعليم العام في استراليا ينقسم إلى مرحلتين فقط هما «الابتدائية» ويندرج تحتها صفوف التعليم المبكر وصفوف الابتدائي من الصف الأول وحتى السادس والمرحلة الثانية هي «الثانوية»،، ويندرج تحتها ستة صفوف وهي ما تقابل في نظامنا التعليمي المرحلتين «المتوسطة والثانوية».

ويمتلك التعليم الأسترالي العديد من المميزات التي صنعت له الفارق وجعلته يتقدم، ففي المدارس الابتدائية يتم تعليمهم بناء على احتياجاتهم وليس عمرهم، فالطالب يكون في الصف بناء على عمره، ولكن يتم تعليمه ما يحتاجه من المعرفة، فقد يكون الطالب متأخرا عن زملائه بمعنى أن مستواه أقل، فيتعلم ما يحتاجه، والعكس صحيح إذا كان متفوقاً أو يملك قدرات أعلى فيتم تعليمه ما يرفع من مستواه أكثر وأكثر.

كما أنه يتم دمج كل صفين مع بعضهما البعض بحيث يضم الصف طلاب «الأول والثاني»، وعندما ينجح طلاب الصف الثاني يتم نقلهم إلى صف آخر مُعد لطلاب الصف الثالث والرابع ويبقى في هذا الصف سنتين، كما يظل طلاب الصف الأول في ذات الفصل مع انتقالهم للصف الثاني وينضم معهم الطلاب الجدد (طلاب الصف الأول)، وهذا يساعد الطلاب على البقاء مع معلم لفترة أطول تُتيح للمعلم فهم قدراتهم والتعامل معهم.

وفي المرحلة الثانوية تستمر وتيرة التعليم كما هي حسب القاعدة الرئيسية وهي «احتياجات الطالب»، كما أنه لا وجود للاختبارات في التعليم الأسترالي طوال سنوات الدراسة ما عدا السنة الأخيرة في المرحلة الثانوية، ويكون بمثابة اختبار شامل ليس في كل المواد وإنما مواد معينة تحدد مدى قبول الطلاب في الجامعات، وهو أشبه باختبار قياس القدرات لدينا.

ومن جهة إستراتيجيات التدريس فإن المرحلة الابتدائية تعتمد التعليم القائم على اللعب، والاكتشاف وحل المشكلات كإستراتيجيات أساسية، أما في المرحلة الثانوية فتم اعتماد إستراتيجيات حل المشكلات والتدريس القائم على المشاريع كإستراتيجيات أساسية في هذه المرحلة.

ومن أجمل المميزات في العملية التعليمية بأستراليا أن اليوم الدراسي لا يتعطل بغياب معلم أو معلمة، فالمعلم موقع على تعهدات تلزمه بإبلاغ إدارة المدرسة عن اليوم الذي يريد الغياب فيه قبل الغياب بيوم على الأقل، فتقوم بعدها إدارة المدرسة بمخاطبة الإدارة التعليمية في الولاية عبر نظام إلكتروني، يتم من خلاله توجيه معلم بديل للمعلم الغائب، حيث يأتي المعلم البديل إشعار بالتوجه غداً إلى المدرسة «سين» مثلاً الصف «صاد» الحصة كذا وموضوع الدرس كذا، حسب خطة المدرسة، ويأتي المعلم البديل ويُكمل الشرح حسب الخطة، ويتم مكافأة المعلم البديل بالجزء المستقطع من راتب المعلم الغائب.

كما تتميز المدارس الأسترالية بعلاقات مميزة مع المجتمع المحلي حيث يأتي كبار السن ويقومون بأعمال تطوعية داخل المدارس مثل مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة او تقديم خدمات أخرى، وعندما تحدثنا معهم يؤكدون أنهم يساهمون في بناء المجتمع من خلال هذه الخدمات بدلاً من الجلوس في البيت.

@Ali21216