محمد عبدالعزيز الصفيان

خلال الفترة الماضية سمعنا وقرأنا وشاهدنا الكثير من الخلافات والقضايا الاجتماعية، التي وصلت إلى أروقة المحاكم، والتي أصبحت حديث المجتمع حول أسبابها ومدى تطورها وتأثيرها على ترابط العلاقات الاجتماعية، التي بدأت تشهد فتورا غريبا.

الكل يتساءل، ويحاول معرفة الأسباب والظواهر، التي أدت إلى هذه الخلافات، التي تحولت فعلا إلى أزمة حقيقية لكن المتتبع لهذه الظاهرة وفصولها وحيثياتها سيصل إلى سبب رئيسي وجوهري، وهو انعدام أو غياب «الضمير» الإنساني، الضمير والأخلاق هما وجهان لعملة واحدة، فقدان الضمير يعني فقدان الأخلاق وانعدام الوازع الديني للإنسان، وبهذا يتحول الإنسان إلى شخص بلا مشاعر وبلا إنسانية، وهنا قد يقوم بفعل أي شيء لتحقيق مكاسبه الشخصية حتى إن كانت على حساب الآخرين مهما كان حجم الضرر، الذي سيصيبهم، لأنه باختصار ينطلق في تصرفاته من مفهوم «المصلحة» والغاية تبرر الوسيلة بسبب انعدام الضمير، وهو الذي يحرك كل إنسان ويكون بمثابة المحرك الرئيسي والمتحكم في تصرفاته، التي قد تقوده لفعل الصواب أو الخطأ.

مع الأسف الشديد نعيش أزمة انعدام الضمير الإنساني في بعض المجتمعات، التي بدأت تدرك خطورة هذا الأمر وتحاول جاهدة الوصول لأسبابه لكن السبب الرئيسي في هذا هو عدم الإدراك بأهمية الضمير ومحاسبة النفس ومراعاة الأخلاق في الحياة اليومية، وهي التي تميز الشخص الحسن عن الشخص السيئ. ومن هنا يأتي مفهوم الضمير الحي، الذي يعتبر المعيار الحقيقي للتمييز بين الخير والشر، الحق والباطل، والفيصل بين الفضيلة والرذيلة، وهو الرقيب على سلوكياتنا وتصرفاتنا، التي توجهنا لطريق الخير.

ولذلك نرى أصحاب الضمائر الحية يدركون قيمة المصلحة العامة ويقدمونها على المصلحة الخاصة من أجل الوطن والمجتمع واتباعاً لتعاليم ديننا الحنيف، الذي أوصانا بالفضائل، ولكن على الطرف الآخر نرى أصحاب الضمائر الميتة كيف تحولوا إلى وحوش بشرية بلا إنسانية، لا يشعرون بالألم وأوجاع الآخرين، وكيف استغلوا طيبتهم لتحقيق أغراضهم ومصالحهم الشخصية. فعندما يموت الضمير يموت الإحساس وتنفقد الأخلاق، ويموت الإنسان في نظر المجتمع.

باختصار الضمير هو بذرة زرعها الله عز وجل فى قلوب البشرية؛ لنكون بشر صالحين نميز بين طريقي الحق والباطل.

@alsyfean