من الأمور الإيجابية أن أصبح هناك يوم في العام نحتفل فيه ولو على سبيل المجاز، وكما يُقال: من بعيد بلغتنا العربية العظيمة. لغة القرآن الكريم، ولغة أهل الجنة، ولغة أمة الإسلام، والعرب. الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام هو موعد هذه المناسبة، التي أتمنى أن تكون هناك فعاليات، ومظاهر احتفال تليق بها في قادم الأيام، تنظمها وتشرف عليها الجهات الثقافية، والأندية الأدبية في طول البلاد، وعرضها.
وأزعم بأن كل منا له قصة، وربما قصص مع هذه اللغة العظيمة. قصتي مع اللغة العربية تعد باختصار قصة اكتشاف حقيقي، حيث أدركت بعد السنوات الثلاث الأولى في المدرسة الابتدائية أن لدي مهارة أن أقول أي عبارة بشكلين مختلفين، الشكل الأول باللهجة المحكية، وهي عربية بكل تأكيد، والشكل الثاني باللغة العربية الفصحى، لغة المدرسة، ولغة الأستاذ. أعتقد أن أعظم نجاح حققته الخطة الدراسية للثلاث السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية أن أوصلت طالبا مثلي إلى هذا الفهم. أي استيعاب أن لديه مهارتين في الكلام والكتابة والاستيعاب، أو الفهم. السنوات الثلاث اللاحقة من المرحلة الابتدائية كانت البداية الحقيقية لمعرفة أقسام الكلام، وعناصر الجمل، ومعنى الإعراب. وما إلى ذلك مما يمكن أن يسمى بقواعد اللغة العربية، وأذكر في هذه المرحلة أستاذ اللغة العربية مدرس وطني أي لم يكن من المدرسين الأشقاء العرب، الذين اعتدنا عليهم في مادة الرياضيات، والعلوم، والتربية الرياضية، وغيرها من المواد. الأستاذ محمد مدرس اللغة العربية وعلى مدى ثلاث سنوات رسخ لدينا الأساسيات، بفكرة بسيطة وهي أنه كان يراجع معنا المنهج بطريقة محببة كل حصة، واعتاد على ربط كل درس جديد بموضوع الدروس السابقة له، بمعنى أنه كان ينشّط ذاكرة طلابه الصغار في كل حصة باستعراض مفردات المنهج. في المرحلة المتوسطة، كان مدرس اللغة العربية من الأشقاء المصريين، وكان ذا صوت رخيم، ولكنه لم يك ذَا حظ كبير في تقريب اللغة للطلاب ولا في تقريب الطلاب للغة. يضاف إلى ذلك أن منهج المرحلة المتوسطة بعيد عن الاحتياج الطبيعي للطلاب ومكتوب بأسلوب صعب. المرحلة الثانوية كان أستاذ اللغة العربية أحد الأشقاء الفلسطينيين، وكان الرجل محبا للغة، وشخصية يغلب عليها حب الأدب، والشعر، والقصة، والرواية، فنقلنا إلى ضفة أخرى من ضفاف اللغة، وسهّل لنا اكتشاف جمال، وحلاوة وقدرة اللغة العربية على القيام بكل الوظائف الاتصالية الإنسانية بقدرة عالية.
ومن الجميل في الأسلوب التعليمي السعودي، أن اللغة العربية هي واللغة الإنجليزية متطلب في الدراسة الجامعية بمعدل مقرر واحد من اللغتين لكل طالب جامعي متخصص في غير اللغات، مادة اللغة العربية كانت مادة حاضرة اسماً، لضعف المنهج وعموميته، ولعدم اهتمام مدرسيها خاصة أنهم يعرفون أنهم يحاضرون في طلبة من أقسام أخرى مثل الهندسة، والطب والعلوم الإدارية. مادة اللغة الإنجليزية في الحياة الجامعية كانت متطلبا واحدا وهزيلا في محتواه، درسته مع أستاذ من جنسية أفريقية غير عربية، ومنذ اليوم الأول ركز تعامله مع عدد محدود من الطلاب في الشعبة يجيدون الحديث باللغة الإنجليزية، وكان يكتب في كل حصة جملة باللغة الإنجليزية، ويسأل الطلاب أن يترجموها له والبقية من الحضور، الجمل التي كان يقترحها الرجل من نوع: أنا مسكين وقادم من بلاد فقيرة. أو أنا احتاج مساعدة في المطار للمساعدة في وزن العفش وتحفيظ الرسوم. بعبارة أخرى الرجل جاء ليطلب المساعدة والتكسب من طلبة الجامعة، الذين يفترض أنه جاء ليعلمهم اللغة!!!
كانت ذكريات امتدت على مدى عقود في رحاب أشرف وأغنى لغة. تعلمنا فيها الكثير وما زلنا نتعلم عن لغة الضاد العظيمة.
@salemalyami
وأزعم بأن كل منا له قصة، وربما قصص مع هذه اللغة العظيمة. قصتي مع اللغة العربية تعد باختصار قصة اكتشاف حقيقي، حيث أدركت بعد السنوات الثلاث الأولى في المدرسة الابتدائية أن لدي مهارة أن أقول أي عبارة بشكلين مختلفين، الشكل الأول باللهجة المحكية، وهي عربية بكل تأكيد، والشكل الثاني باللغة العربية الفصحى، لغة المدرسة، ولغة الأستاذ. أعتقد أن أعظم نجاح حققته الخطة الدراسية للثلاث السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية أن أوصلت طالبا مثلي إلى هذا الفهم. أي استيعاب أن لديه مهارتين في الكلام والكتابة والاستيعاب، أو الفهم. السنوات الثلاث اللاحقة من المرحلة الابتدائية كانت البداية الحقيقية لمعرفة أقسام الكلام، وعناصر الجمل، ومعنى الإعراب. وما إلى ذلك مما يمكن أن يسمى بقواعد اللغة العربية، وأذكر في هذه المرحلة أستاذ اللغة العربية مدرس وطني أي لم يكن من المدرسين الأشقاء العرب، الذين اعتدنا عليهم في مادة الرياضيات، والعلوم، والتربية الرياضية، وغيرها من المواد. الأستاذ محمد مدرس اللغة العربية وعلى مدى ثلاث سنوات رسخ لدينا الأساسيات، بفكرة بسيطة وهي أنه كان يراجع معنا المنهج بطريقة محببة كل حصة، واعتاد على ربط كل درس جديد بموضوع الدروس السابقة له، بمعنى أنه كان ينشّط ذاكرة طلابه الصغار في كل حصة باستعراض مفردات المنهج. في المرحلة المتوسطة، كان مدرس اللغة العربية من الأشقاء المصريين، وكان ذا صوت رخيم، ولكنه لم يك ذَا حظ كبير في تقريب اللغة للطلاب ولا في تقريب الطلاب للغة. يضاف إلى ذلك أن منهج المرحلة المتوسطة بعيد عن الاحتياج الطبيعي للطلاب ومكتوب بأسلوب صعب. المرحلة الثانوية كان أستاذ اللغة العربية أحد الأشقاء الفلسطينيين، وكان الرجل محبا للغة، وشخصية يغلب عليها حب الأدب، والشعر، والقصة، والرواية، فنقلنا إلى ضفة أخرى من ضفاف اللغة، وسهّل لنا اكتشاف جمال، وحلاوة وقدرة اللغة العربية على القيام بكل الوظائف الاتصالية الإنسانية بقدرة عالية.
ومن الجميل في الأسلوب التعليمي السعودي، أن اللغة العربية هي واللغة الإنجليزية متطلب في الدراسة الجامعية بمعدل مقرر واحد من اللغتين لكل طالب جامعي متخصص في غير اللغات، مادة اللغة العربية كانت مادة حاضرة اسماً، لضعف المنهج وعموميته، ولعدم اهتمام مدرسيها خاصة أنهم يعرفون أنهم يحاضرون في طلبة من أقسام أخرى مثل الهندسة، والطب والعلوم الإدارية. مادة اللغة الإنجليزية في الحياة الجامعية كانت متطلبا واحدا وهزيلا في محتواه، درسته مع أستاذ من جنسية أفريقية غير عربية، ومنذ اليوم الأول ركز تعامله مع عدد محدود من الطلاب في الشعبة يجيدون الحديث باللغة الإنجليزية، وكان يكتب في كل حصة جملة باللغة الإنجليزية، ويسأل الطلاب أن يترجموها له والبقية من الحضور، الجمل التي كان يقترحها الرجل من نوع: أنا مسكين وقادم من بلاد فقيرة. أو أنا احتاج مساعدة في المطار للمساعدة في وزن العفش وتحفيظ الرسوم. بعبارة أخرى الرجل جاء ليطلب المساعدة والتكسب من طلبة الجامعة، الذين يفترض أنه جاء ليعلمهم اللغة!!!
كانت ذكريات امتدت على مدى عقود في رحاب أشرف وأغنى لغة. تعلمنا فيها الكثير وما زلنا نتعلم عن لغة الضاد العظيمة.
@salemalyami