د. فيصل أحمد الناصر

تتسارع التغييرات والأحداث ذات الوتيرة العالية والسريعة جداً من حولنا، ومما يغذي هذا التسارع التطور المستمر في مجالات التكنولوجيا وتقنية المعلومات، التي ما فتئت العقول المبدعة حول العالم عن ابتكار كل ما هو جديد مفاجئين العالم بين الفينة والأخرى باختراعات وتطبيقات وأنظمة متطورة تذهل العقول، وتغير نهج العمل وسير الحياة لدى المؤسسات والمنشآت وحتى على مستوى الأفراد. لكن هذه التغييرات قد تكون عوامل هدم للمؤسسات والمنشآت، التي تتأخر في اللحاق بالركب ومواكبة هذه التطورات السريعة والمتلاحقة وتجعلها جزءا من الماضي؛ لأن قطار التطور لا يتوقف وحاجات ورغبات المتسوقين تتغير تباعا كذلك، وينطبق هذا حتى على الأفراد؛ لأنهم جزء من المحيط، الذي يعيشون فيه. ومن هنا يظهر لنا مفهوم مهم وهو «إدارة التغيير» سواء على مستوى الأفراد أو المنظمات (المؤسسات أو الشركات)، الذي يمكن تعريفه باختصار بأنه عبارة عن نهج لانتقال المنظمة من مرحلة راهنة إلى مرحلة منشودة أفضل مما سبق بهدف مواكبة التغييرات المحيطة. ويتطلب ذلك تطبيق إستراتيجيات حديثة في العمل، والإبداع في حل المشكلات، والاستعانة بالخبرات المختصة في المجالات العلمية والعملية المختلفة مصحوبة بالتنسيق الفعال للجهود والعمل ضمن فرق منظمة لتحقيق الأهداف المختلفة. للتغيير عوامل عدة، خارجية (تكنولوجية، ثقافية، اجتماعية، اقتصادية) أو عوامل داخلية متعددة، ومنها ما ينتج عن إعادة الهيكلة الوظيفية في المنظمة أو استحداث أنظمة عمليات جديدة أو تطبيق مهارات لتطوير وزيادة الإنتاج أو تغيير في سياسات التعاملات مع الزبائن والعملاء والموردين، وغير ذلك تبعاً لظروف المنظمة وواقعها الداخلي.

ومن خلال المشاريع المختلفة، التي أشرفت عليها أود أن أشارك بعضا من التساؤلات في مفهوم إدارة التغيير، التي تكون إجابتها من وجهة نظري مفتاحا مهما لعملية التغييرالناجح، ولكن يهمل الكثيرون تحضير الإجابات الكاملة عنها:

1- ما هي الأمور أو العمليات التي تحتاج إلى التغيير في المنظمة أو المؤسسة ولماذا؟

2- ما هي الموارد، التي نحتاجها لعمل التغيير؟ (أنظمة، ميزانية، خطط عمليات،....إلخ)

3- كيف سنقوم بإيصال مفهوم التغيير الجديد للموظفين أو الأفراد؟

4- ما هي الآثار والمخاطر المترتبة عن التغيير، التي تمس الموظفين أو سير العمليات؟

5- ما هي الآثار والنتائج، التي قد يكون لها تأثير على الموردين والعملاء؟

ونظرا لأهمية الموضوع، فقد ظهرت عدة نماذج لإدارة التغيير يختلف كل منها عن الآخر في عدة أمور، وكذلك حسب طبيعة المشروع أو العمليات، التي تحتاج للتغيير. ومن هذه النماذج المشهورة نموذج كوتر، نموذج لوينز، نموذج الاستمرارية، نموذج ماكينزي، ونموذج أدكار. وهناك دراسات عالمية توضح أن الشركات، التي تتبنى مفهوم إدارة التغيير بكل تفاصيله وتعتبره جزءا لا يتجزأ من بيئة عملها تكون شركات ناجحة في مشاريعها، وعلى اختلاف اهتمام الشركات بأهمية هذا الموضوع يختلف تصنيفها ونتائجها بالتأكيد.