هناء مكي

كتبت في 2009 حين صُنعت أول سيارة تسير بالكهرباء عن دخولنا عصر الشحن الكهربائي للسيارات، وكيف سيؤثر كل ذلك على النفط والغاز، كانت الأمور حينها تدعو إلى أحلام يقظة كالتي نشاهدها في أفلام الخيال العلمي، لم نكن نعتقد أنها ستكون واقعا في يوم.

إذ كانت السيارة، التي تم تصنيعها معتمدة على بطاريات تخزين التيار الكهربائي يتم شحنها كلما فرغت، فتعتمد تصميمها أساسا على محرك ونظام تحكم يعملان بالكهرباء، وبطارية قوية يمكن إعادة شحنها مع المحافظة على خفض وزنها، وجعل سعرها في متناول المشتري. ولكن تلك المعادلة تحتاج للكثير، فالبطارية لابد أن تكون أقل وزنا وعليه لا بد أن تكون السيارة أصغر حجما، وبالتالي ستكون تكلفة البطاريات باهظة مع إعادة الشحن.

الحقيقة اليوم تكمن في أن مخترع هذه السيارة بات على قائمة أغنى أغنياء العالم هذا العام، هذه الحقيقة تضعنا على أن حلم اليقظة هو واقع، وأن السيارة الكهربائية تغزو الأسواق اليوم، وكفيلها وداعمها الكبير أنها صديقة للبيئة.

انطلق إيلون ماسك أغنى رجل في العالم، المهندس والمخترع الكندي الأمريكي، من فكرة مساعدة المجتمع والكوكب، وساهم في فكرة اختراع السيارة الكهربائية تيسلا ولم يعتمد على بيع هذه السيارة، بل قام بتصنيع أنظمة توليد الطاقة الكهربائية وبيعها على كل من شركة دايملر الألمانية لأنظمة إيف الذكية، وتم إنتاج سيارة مرسيدس-بنز الكهربائية الفئة بي والفئة إيه. كما باعها على الشركة اليابانية تويوتا، التي صنعت بها سيارتها تويوتا راف 4 أي في.

دمج ماسك هوسه وهواياته بالدراسة وصقلها بالممارسة والمغامرة، أكثر ما يميزه في عمله أن استثماراته وأعماله نوعية ومبتكرة، وهو يتماشى مع عصره وينظر إلى المستقبل في إطلاق أعماله، فبدأ أول مشاريعه عام 1995 بنظام التحويل المالي الإلكتروني في وقت كان الاستخدام للنت محدودا للغاية غير أن هذا المشروع، الذي لم يكن الأول ولكنه الأفضل جعله مليونيرا.

غير أن ابتكار نظام «Hyperloop» هي الفكرة التي ستغير كل شيء، والتي جنى منها أموالا طائلة لمستثمرين يؤمنون بأنه قادر على أن يقود المستقبل، ونفذها فعليا عام 2013.

ويعتبرونها اليوم وسيلة النقل الخامسة للبشرية، إنها الثورة الصناعية الخامسة، فهذا النظام يستخدم كل وسائل الثورات الابتكارية الأربع الماضية، وهو ما أشار إليه ماسك بالشجرة إذا لم تكن تعتمد على الجذور لن تنبت لك السيقان والأوراق وبالتالي الثمار، إنها خلاصة الثورات الخمس، التي تعتمد على الكهرباء وقريبا على الطاقة الشمسية.

الهايبرلوب ويسمى مفهوم النقل الفراغي، وهذا المصطلح مأخوذ من فيزياء الفضاء، الذي أولع بها ماسك كثيرا، ولديه العديد من المشاريع والأفكار المتعلقة بالفضاء، فكرة الهايبرلوب تهدف إلى النقل فائق السرعة (تسير بسرعة 1220 كم في الساعة لتفوق سرعة الصوت) ويعتمد على خطوط مغناطيسية لدفع عربات ذات وسائد تسمى بالكبسولات مشابهة للكبسولات الفضائية، وفكرتها داخل أنابيب صنعت من الفولاذ لتتحمل ضغط السرعة، هذه الأنابيب تشبه الأنفاق على أن تكون فارغة تماما من الهواء.

نحن نتجه للثورة الخامسة بكل قوة، متممة لثورات الاتصال والتواصل، التي بلغت ذروتها اليوم، نحن نسير بسرعة في التحولات مشابهة لسرعة الهايبرلوب إذا لم نلحق بها سنتأخر أكثر، وهذا النظام بحد ذاته سيؤدي إلى تغيير الكثير حتى الأسواق وتوازناتها.

@hana_maki00