بندر الورثان، إسلام فرج، وكالات - عواصم

حفل الكابيتول.. مراسم محاطة بإجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة

يتابع الملايين حول العالم، اليوم، إجراءات تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في ظرف استثنائي، تحكمه تشديدات أمنية غير مسبوقة وانتشار وباء كورونا، مما يحد من عدد الحضور وفرض قيود إضافية.

وبرغم وجود تقارير تشير إلى رغبة عند بعض المسؤولين لإجراء هذا الحفل في منطقة داخلية مغلقة؛ مما يسهل المهمة الأمنية ويفرض قواعد التباعد الجسدي، إلا أن هذا التوجه لا يلقى تأييدا.

وبحسب مطلعين، لا يزال المسؤولون في الإدارة المقبلة يمضون قدما في إقامة مراسم الحفل في المنطقة الخارجية للساحة الغربية من الكونجرس، وهو الأمر المتعارف عليه منذ عقود.

وسيكون تنصيب بايدن اليوم استثنائيا من نواح عدة، أبرزها: أنه من المستبعد أن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاضرا لاستقبال بايدن في البيت الأبيض، كما هي التقاليد والعادات المتبعة، وهو ما لم يحدث منذ 152 عاما عندما رفض الرئيس الأمريكي السابق أندرو جونسون حضور تنصيب خلفه في حينها يولسيس غرانت.

جو بايدن وكامالا هاريس (رويترز)


أداء القسم

وأوضحت الأستاذ المشارك ومدير كلية الدراسات العليا للإدارة السياسية في جامعة جورج واشنطن، د. لارا براون، أبرز الجوانب الرئيسية المرتبطة بالتنصيب الرئاسي الأمريكي، حيث أكدت خلال إيجاز صحفي نظمه مركز الإعلام الدولي في وزارة الخارجية الأمريكية وشاركت فيه «اليوم»، أن نائب الرئيس المنتخب يؤدي اليمين أولا، والسبب في ذلك هو أنه في حالة حدوث طارئ ما، يتولى نائب الرئيس منصب الرئاسة، ولن تكون هناك مشكلة في عدم وجود رئيس سابق في المنصب.

وقالت براون: إن تاريخ التنصيب الرئاسي يذهب فقط إلى فكرة أداء الرئيس لليمين، وعندما يؤدي ذلك الرئيس اليمين، عندما يكررون ما يرد في ذلك النص، فهذا هو المحور الأهم وما يمكن تفسيره بأنه تأكيد من قبل الرئيس المنتخب على «تنفيذ مهام مكتب رئيس الولايات المتحدة بكل أمانة، وكذلك على إرادتهم في ذلك قدر المستطاع، والتعهد بالحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه»، فهذا هو واقع القسم الذي يتطلبه الموقف والموثق في الدستور الأمريكي، ضمن المادة الثانية.

وأضافت براون: إن هذه اللحظة فقط هي ما تقرر أن الرئيس المنتخب قد أصبح فيها بالفعل رئيسًا، وأن الرئيس السابق لم يعد الآن كذلك، وهذا امتداد لتقليد طويل من قيام الرؤساء بأداء القسم، والذي بالرغم من أدائهم إياه في أماكن مختلفة، فإن الحالة هي أن جميع أصحاب المناصب الفيدرالية المعينين أو المنتخبين، أو في الواقع، موظفي الحكومة، يقومون بأداء اليمين لحماية دستور الولايات المتحدة والدفاع عنه. إذن هذا عمومًا ما تتحد فيه الدولة، وتؤكد أن الدستور هو وثيقتها الحاكمة، وهو ما يدين له كل مواطن أمريكي بالولاء وليس لأي شخص أو جهة سياسية.

أعضاء فرقة عسكرية يتدربون بالقرب من الكابيتول هيل قبل الحفل (رويترز)


انتشار استثنائي

ويشهد حفل التنصيب انتشارا أمنيا بشكل استثنائي، حيث يشارك حوالي 25 ألفا من الحرس الوطني في تغطية مداخل العاصمة ومخارجها في استنفار غير مسبوق، وقد يرتفع عددهم إلى أكثر من ذلك وفقا للحاجات الأمنية والتقارير الاستخباراتية بعد الأحداث الدامية على أبواب الكونجرس في 6 يناير.

وقال القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي كريستوفر ميلر: إن مكتب التحقيقات الاتحادي يساعد الجيش الأمريكي في إجراء تدقيق في أكثر من 25 ألف جندي من الحرس الوطني يتم نشرهم للمساعدة في حماية مبنى الكونجرس الأمريكي (الكابيتول) خلال تنصيب الرئيس المنتخب.

وبحسب جون نيكسون، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»: فإنه لا أحد يريد المجازفة بأي قدر من الناحية الأمنية، ليس فقط بالنسبة للإدارة المقبلة بل لكل من سيتواجد في حفل التنصيب، خاصة أنه غير اعتيادي بكل الأحوال، وبسبب تفشي فيروس كورونا، حيث سيكون هناك الكثير من القيود حول عدد المشاركين وأماكن جلوسهم.

ووفقا لـ «نيكسون»: إنه وبعد ما جرى من اقتحام الكونجرس لا تريد السلطات أن يكون هناك أي مفاجآت لم يستعدوا لها.

أما المشاركة الجماهيرية فلن تكون بالملايين ولا بمئات الآلاف المعتادة بل ستكون محددة ومقيدة للغاية بسبب فيروس كورونا وهو استثناء إضافي على مشهد التنصيب، ما سيفرض استخدام التكنولوجيا والفعاليات الافتراضية بديلا.

تقاليد وأعراف

ووفقا لمصادر مطلعة، فإن الرئيس المنتخب أيا كان شكل الحفل سيحلف القسم ويلقي خطابه الرئاسي الذي سيرسم ملامح سياسته، وهذه كلها تقاليد وأعراف متداولة منذ عشرات السنين ولن تتغير في هذا العام أيضا وفقا لما يؤكده مسؤولون.

ويشارك بمراسم التنصيب في البيت الأبيض عدد ضخم من نجوم ومشاهير هوليوود.

وستؤدي المغنية الشهيرة ليدى جاجا، النشيد الوطنى الأمريكى «The Star Spangled Banner»، بينما يؤدي جو بايدن وكاميلا هاريس اليمين في الجبهة الغربية لمبنى الكابيتول الأمريكي، في الحادية عشرة والنصف صباحا بالتوقيت الشرقي، وعقب الانتهاء من مراسم حلف اليمين ستؤدي المغنية والممثلة جينيفر لوبيز فقرة موسيقية.

ومن بين النجوم المشاركين في حفل التنصيب أيضا، المغني الشهير جون ليجند وفو فايترز وبروس سبرينجستين، حيث سيقدمون عددا من الفقرات الغنائية عن بعد، كما ستقدم النجمتان إيفا لونجوريا وكيري واشنطن مقاطع من الحدث على الهواء مباشرة.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، سيستضيف النجم توم هانكس عرضا تليفزيونيا خاصا مدته 90 دقيقة للاحتفال بتنصيب بايدن.

ومن بين الفنانين الآخرين المشاركين المغني جاستن تيمبرليك وجون بون جوفي وديمي لوفاتو وآنت كليمونز.

وعلى الرغم من الانتشار الواسع لوباء كورونا في الولايات الأمريكية، الذي فرض إقامة معظم الأحداث والفعاليات الكبرى على الإنترنت، إلا أنه كان علامة على عودة هوليوود وحرصها على احتضان الرئيس الجديد بعد 4 سنوات من ابتعاد العديد من الأسماء الكبيرة عن تنصيب الرئيس دونالد ترامب، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة في هوليوود.

وستشمل فعاليات يوم التنصيب وضع الرئيس المنتخب ونائبته أكاليل الزهور في مقبرة أرلينجتون الوطنية مع حضور الرؤساء السابقين باراك أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون والسيدات الأول السابقات.

وستتم تغطية الحفل على شبكات تليفزيونية أمريكية ومجموعة من وسائل البث الرقمي، بالإضافة إلى نقل الفعاليات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

النشيد الأمريكي

وفي 2013، جلس بايدن خلف نجمة البوب بيونسيه، حيث غنت النشيد الأمريكي في حفل تنصيب الرئيس باراك أوباما الثاني، وشارك في الحفل المغنيان جيمس تيلور وكيلي كلاركسون.

أما في حفل تنصيب ترامب عام 2017، فقد عزفت النشيد المغنية جاكي إيفانشو البالغة من العمر 16 عاما، ورفض عدد من كبار فناني هوليوود المشاركة في حفل التنصيب، حتى أن نجمة برودواي، جينيفر هوليدي، قالت: إنها تلقت تهديدات بالقتل قبل أن تنسحب من الحدث.

وتعد جاجا من أبرز المناصرين لبايدن، حيث سبق وأن روجت له خلال حملته الانتخابية ونشرت صورة برفقته عبر حسابها بموقع «تويتر»، وعلقت: هذه صورة لي في ولاية بنسلفانيا عندما كنت أعيش في لانكستر، أنا أحب هذه الولاية، أنا هنا الآن، هذا المكان مليء بالناس الطيبين، ذوي القلوب الطيبة مثل جو بايدن، إنه صديق جيد، إنه الرئيس الذي تحتاجه هذه البلاد ليجمعنا معا مجددا، صوتوا لجو بايدن.

رسالة قوية

ونقلت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن د. جوليا سكابيك (41 عاما)، التي تعيش بالقرب من مبنى الكابيتول «إن النشاط الشرطي الكثيف جعلها تشعر أنها أكثر أمانا»، وبعث برسالة قوية إلى مثيري الشغب المحتملين، فحواها أنه ليس هناك فرصة لكم هنا، لذا لا تكلفوا أنفسكم عناء مجرد المحاولة.

وقالت سكابيك: إن بعض جيرانها قد غادروا المنطقة، بينما قام آخرون بغلق أبواب منازلهم ووضعوا قوالب من الطوب في الساحات الخلفية لمنازلهم، خوفا من أن يقوم مهاجمون محتملون بقذفهم بالحجارة، بعد ما شهدته المنطقة مؤخرا من أعمال التمرد الدموية التي وقعت في مبنى الكابيتول على أيدي متطرفين موالين للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وبتشجيع منه.

في الوقت نفسه، قالت جارتها إدنا بون، التي كانت تقف بجانبها، وهي تعمل أيضا في مجال الرعاية الصحية: إنها تتفهم الحاجة إلى توجيه رسالة قوية، إلا أنها في الوقت نفسه منزعجة بسبب استعراض القوة، حيث إنها لم تستطع أن تغفو في ظل استمرار وصول مركبات القوات ليلا.