«إن أكبر خطأ نرتكبه بحق الصحافة المحلية حين نخلط بين الصحافة الورقية والمؤسسات الصحفية دون أن نفرق بينهما؛ فالأولى منتج واحد من الصناعة الصحفية ومثلها الصحف الرقمية بينما المؤسسات هي مصنع لمنتج صحفي أو أكثر قد يكون ورقيا أو رقميا وقد يجمع بينهما». هذا الاقتباس القصير والمعبر إحدى أهم الحقائق التي وردت في مقالة نشرت الأسبوع الماضي للأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة ورئيس هيئة الصحافيين في السعودية، يردُّ فيها على الدكتور عبدالعزيز خوجه وزير الإعلام السابق الذي طالب بإغلاق المؤسسات الصحافية لأنها اهترأت وانتهت بحسب وصفه خلال حوار في برنامج السطر الأوسط في قناة ام بي سي، أذيع مؤخرا.
وفي حين أسجل تأييدي ودعمي لهذه النقطة المهمة في مقالة المالك، فإني لا أخفي عدم فهمي لفكرة مشروع المؤسسات المساهمة التي تضم سينما وتلفزيونا وإذاعة إلخ..، التي اقترحها معالي الوزير السابق بديلاً عن المؤسسات الصحافية، واستطرد في سياق تبريره لانتفاء الحاجة لوجود المؤسسات الصحافية اليوم قائلاً: «أي شخص اليوم يستطيع أن يصنع عالمه الخاص ويضع الأخبار والإشاعات التي يريدها وآراءه التي تعجب متابعيه!!. المؤسسات الصحفية اهترأت ومفروض تنتهي وتعلن وفاتها». وفي رأيي أن ما طرحه معالي الوزير السابق تسطيح لدور الإعلام وعدم فهم لدوره في المجتمعات، إلا إذا كنا نعتقد بأن دور الإعلام مجرد نقل وتغطية لحدث ما، فهذا الدور يمكن لوسائل الإعلام الاجتماعي أن تؤديه، لكن وسائل الإعلام والمؤسسات الصحافية يتجاوز دورها نقل الحدث إلى صناعة الخبر ابتداء ثم تحليل ما وراء الحدث وفهم أبعاده، وهي مهام لا يمكن لصحافة المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي أن تؤديها.
المؤسسات الصحفية لا تعني الورق بل تعني كل مؤسسة تعتمد في منتجاتها على مهنة الصحافة، مثل وكالات الأنباء العالمية والقنوات التلفزيونية والإذاعية، ولو قررت كل المؤسسات الصحافية في العالم أن تتوقف ليوم واحد فقط! فما المحتوى الإعلامي الذي سيتفاعل معه مستخدمو تويتر أو فيسبوك! إن نسبة القراءة على المواقع الإخبارية التابعة للمؤسسات الصحافية في أميركا ارتفع 50 % خلال جائحة كورونا بحسب استطلاعات نشرتها وسائل إعلام أميركية، وأن 45 % من المستخدمين لفيسبوك يقرأون أخبار الجائحة على موقع الخدمة الإخبارية في فيسبوك التي تعتمد على أخبار المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء.
وفيما يخص حديث خوجه بأنه ليس من مسؤوليات وزارة الإعلام والجهات الحكومية تقديم الدعم للمؤسسات الصحافية، أشير هنا إلى أن هيئة المنافسة وحماية المستهلك في استراليا، وهي جهة تشريعية تقابل دور وزارات الإعلام، استشعرت مسؤوليتها في خلق بيئة يزدهر فيها الإعلام ومؤسساته الصحافية، وهي تقود هذه الأيام مبادرة حكومية بدعم من وزارة الخزانة لسن ميثاق الأخبار الرامي إلى إجبار قوقل على دفع ضريبة للمؤسسات الصحافية كقيمة للمحتوى الإخباري الذي يظهر على منصاتها ويتفاعل معه المستخدمون، ولعل الكل سمع يوم الجمعة الماضي عن تهديد قوقل بحجب خدماتها عن الاستراليين احتجاجاً على التقدم في إقرار التنيظم الجديد.
من المهم التفريق بين الصحف كمنصات ورقية وبين المؤسسات الصحافية كبيت لمهنة الصحافة «صاحبة الجلالة». فالورق منصة طبيعي أن تتغير مع تغير حاجة الناس وتبدل نمط حياته لكن الصحافة مهنة راسخة لا تموت، وستبقى اليوم وغدا المصدر الموثوق الأول لمنتج استهلاكي يومي اسمه الخبر، وهو منتج يحتاجه الناس كحاجتهم للخبز.
woahmed1@
وفي حين أسجل تأييدي ودعمي لهذه النقطة المهمة في مقالة المالك، فإني لا أخفي عدم فهمي لفكرة مشروع المؤسسات المساهمة التي تضم سينما وتلفزيونا وإذاعة إلخ..، التي اقترحها معالي الوزير السابق بديلاً عن المؤسسات الصحافية، واستطرد في سياق تبريره لانتفاء الحاجة لوجود المؤسسات الصحافية اليوم قائلاً: «أي شخص اليوم يستطيع أن يصنع عالمه الخاص ويضع الأخبار والإشاعات التي يريدها وآراءه التي تعجب متابعيه!!. المؤسسات الصحفية اهترأت ومفروض تنتهي وتعلن وفاتها». وفي رأيي أن ما طرحه معالي الوزير السابق تسطيح لدور الإعلام وعدم فهم لدوره في المجتمعات، إلا إذا كنا نعتقد بأن دور الإعلام مجرد نقل وتغطية لحدث ما، فهذا الدور يمكن لوسائل الإعلام الاجتماعي أن تؤديه، لكن وسائل الإعلام والمؤسسات الصحافية يتجاوز دورها نقل الحدث إلى صناعة الخبر ابتداء ثم تحليل ما وراء الحدث وفهم أبعاده، وهي مهام لا يمكن لصحافة المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي أن تؤديها.
المؤسسات الصحفية لا تعني الورق بل تعني كل مؤسسة تعتمد في منتجاتها على مهنة الصحافة، مثل وكالات الأنباء العالمية والقنوات التلفزيونية والإذاعية، ولو قررت كل المؤسسات الصحافية في العالم أن تتوقف ليوم واحد فقط! فما المحتوى الإعلامي الذي سيتفاعل معه مستخدمو تويتر أو فيسبوك! إن نسبة القراءة على المواقع الإخبارية التابعة للمؤسسات الصحافية في أميركا ارتفع 50 % خلال جائحة كورونا بحسب استطلاعات نشرتها وسائل إعلام أميركية، وأن 45 % من المستخدمين لفيسبوك يقرأون أخبار الجائحة على موقع الخدمة الإخبارية في فيسبوك التي تعتمد على أخبار المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء.
وفيما يخص حديث خوجه بأنه ليس من مسؤوليات وزارة الإعلام والجهات الحكومية تقديم الدعم للمؤسسات الصحافية، أشير هنا إلى أن هيئة المنافسة وحماية المستهلك في استراليا، وهي جهة تشريعية تقابل دور وزارات الإعلام، استشعرت مسؤوليتها في خلق بيئة يزدهر فيها الإعلام ومؤسساته الصحافية، وهي تقود هذه الأيام مبادرة حكومية بدعم من وزارة الخزانة لسن ميثاق الأخبار الرامي إلى إجبار قوقل على دفع ضريبة للمؤسسات الصحافية كقيمة للمحتوى الإخباري الذي يظهر على منصاتها ويتفاعل معه المستخدمون، ولعل الكل سمع يوم الجمعة الماضي عن تهديد قوقل بحجب خدماتها عن الاستراليين احتجاجاً على التقدم في إقرار التنيظم الجديد.
من المهم التفريق بين الصحف كمنصات ورقية وبين المؤسسات الصحافية كبيت لمهنة الصحافة «صاحبة الجلالة». فالورق منصة طبيعي أن تتغير مع تغير حاجة الناس وتبدل نمط حياته لكن الصحافة مهنة راسخة لا تموت، وستبقى اليوم وغدا المصدر الموثوق الأول لمنتج استهلاكي يومي اسمه الخبر، وهو منتج يحتاجه الناس كحاجتهم للخبز.
woahmed1@