أحمد عبدالرحمن سنكي

كثيراً ما طالعتني لافتة «الأكثر مبيعاً» في أماكن عدة. أنا بالتأكيد هنا لا أقصد محال الأطعمة أو ما شابه، بل أقصد في المكتبات وأرفف المطارات، وكثيراً ما كانت تثير لدي الكثير من الأسئلة والاستهجان!!

شهد العالم وشهدنا على أنفسنا بأننا الأمة، التي لا تقرأ. منذ الصغر وأنا أرى والدي يجلس في مكتبته المتواضعة داخل المنزل عطفاً على الكتب المتفرقة في كل حجرة يجلس فيها. لم أكن أعلم كيف نحن أمة لا تقرأ وأبي هذا القارئ النهم؟

سألته يوماً لماذا لا نأخذ العلم من المحدثين والمعلمين، فهو طريق سهل وأقل عناءً؟ فأجاب بسؤال مازال يرن في أذني حتى اللحظة! قال: من أين أخذ هؤلاء علمهم، وما هي مصادرهم؟ فكانت إجابتي بسيطة: من الكتب.

فقال: إذاً أنا لا أريد أن يفكر أحدٌ عني أو يبحث، وسوف أرِد من مواردهم. كان سؤاله نقطة تحول مفصلية في حياتي. كان يقول لي: اقرأ كل ما تقع عليه عينك حتى لو كانت قصاصة صحيفة ملقاة على الرصيف. أسلوبه جعلني مَنْ يختار، ماذا يقرأ ولماذا اقرأ، وهذا ما يعيدنا إلى مبتدأ الحديث عن الكتب الأكثر مبيعاً، التي أراها تحريضاً غير مباشر على دفع الناس لقراءة شيء بعينه دون الآخر!

لماذا تقرأ الناس عني وتفكر، وحتى تقرر ماذا يجب أن اقرأ؟

لا تسلم عقلك لأحد، وإن كنت أعتقد أن مثل هذه اللافتات لا تُعنى سوى بالجانب المادي فقط. قد يختلف معي كثير من الناس، ولكن يظل الأمر وجهة نظر قابلة للصواب والخطأ. القراءة ثقافة قبل أن تكون هواية، فمهما كان الكتاب الذي بين يديك مملاً ولا يرقى إلى المستوى، فهو يظل مجهوداً وفكراً ومشقة لشخص حارب لكي يرى هذا العمل النور. ليس من الفطنة أن أطلق الأحكام جزافا وأصنفه بين الأقل والأكثر مبيعاً أو قراءة.

أخيراً تذكر أنه لا يوجد كتاب جيد وكتاب سيئ، بل يوجد اختيار جيد، واختيار سيئ.

@A_SINKY