حسام أبو العلا - القاهرة

النهضة تدعم رئيس الحكومة المشيشي ضد الرئيس قيس سعيد

يبذل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية جهودا كبيرة لإسقاط تونس في فخ الفوضى، إذ دعت حركة النهضة الإخوانية أنصارها للنزول إلى الشارع دعما لرئيس الحكومة التونسية هشام المشيشى في مواجهة الرئيس التونسي قيس سعيد.

وأصدرت كتل برلمانية عريضة توقيعات جديدة لسحب الثقة من رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي لتستره على أعمال العنف والشغب التي وقعت في تونس مؤخرا، وتعد هذه المرة الثانية التي يتم فيها جمع توقيعات ضد الغنوشى لسحب الثقة منه.

وأكد النائب التونسي منجي الرحوي أنه تم فعلا الشروع في إعداد عريضة لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي. موضحا أنه خلافا للسابق يتم إعداد العريضة بطريقة لا تترك مجالا للتجاذب السياسي أو ركوب على الحدث.

سحب الثقة

كانت كتل برلمانية تونسية مؤثرة في المشهد السياسي شرعت في إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان، تمهيدا لعزله بعد التصويت على ذلك في جلسة عامة، وذلك بعد اتساع دائرة الغضب منه، بسبب فشله في تسيير البرلمان وتسببه في احتقان الأجواء بداخله، إلى جانب دخوله في صراع على الصلاحيات مع رئيس الدولة قيس سعيد، تسبب في أزمة سياسية بالبلاد.

ووقع أكثر من 70 نائبا على لائحة سحب الثقة من الغنوشي من كتل الإصلاح الوطني والتيار وحركة الشعب إضافة إلى كتلة الحزب الدستوري الحر، ونواب مستقلين.

وقال النائب عن حركة الشعب بدر الدين القمودي: إن عريضة سحب الثقة من الغنوشي لم يتم إيداعها بعد في مكتب الضبط بالبرلمان ويتم العمل عليها بشكل سري لإنجاحها، لكنها تسير في الاتجاه الصحيح، مشيرا إلى أن هناك تفاوضا مع كتلة «قلب تونس» للانضمام لهذه المبادرة وذلك لضمان أكبر عدد من الأصوات تمكن هذه المرة من إزاحة الغنوشي في الجلسة العامة بالأغلبية.

وفي الفترة الأخيرة، ارتفعت الأصوات داخل البرلمان، المحذّرة من تداعيات استمرار بقاء الغنوشي في منصبه على الأداء البرلماني وعلى مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد.

وبحسب الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان في تونس، فإنه يجوز للنواب سحب الثقة من رئيس البرلمان أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة من نواب البرلمان بناء على طلب كتابي معلّل يقدم إلى مكتب البرلمان من ثلث الأعضاء على الأقل (73 توقيعا)، ويعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت بسحب الثقة من عدمه، في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه لمكتب الضبط.

وسبق أن واجه الغنوشي خطر الإبعاد من منصبه في يوليو الماضي، عندما تقدمت 4 كتل نيابية بلائحة لسحب الثقة منه، أسقطها البرلمان في جلسة عامة، بعد تصويت 97 عضوا بـ «نعم» بينما عارض اللائحة 16 نائبا، فيما اعتبرت 18 ورقة ملغاة، إذ يعود الفضل في بقاء الغنوشي على رأس البرلمان إلى حليفه حزب «قلب تونس».

الغنوشي يتحدى

وتجاهل راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية ورئيس البرلمان التونسى المظاهرات المطالبة برحيله والغضب الواضح ضده وضد حركته بالشارع التونسي، وخرج يتحدى الجميع ويؤكد أنه متمسك بالسلطة مهما حدث.

وزعم الغنوشى في تصريحات نقلها موقع موزاييك التونسي، أن تونس تعيش وضعا انتقاليا قد يُسهل مهمة جُنوح البعض إلى ممارسات تحاول من خلالها تَرذيل هذه المؤسسة الجوهرية في المشروع الديمقراطي وهي البرلمان، لكننا نبقى مُلتزمين بالنظام الداخلي للمجلس الذي نعمل على تعديله حتى نُوقف أو نحد من بعض السلوكيات الغريبة والمتَّسمة بالعنف أحيانا.

وتابع الغنوشي: هناك قوى في مجتمعنا لم تقبل بعد بالديمقراطية في معناها الجوهري التعددي، ولم تغادر موقعها الرافض لأن تكون النهضة تحكم أو تشارك في الحكم، ويغيب عن هؤلاء أن الديمقراطية لا تكون ما لم يتبادل المتنافسون الاعتراف.

وعن صدور وثيقة جديدة لسحب الثقة منه بعد انقضاء فترة الشهور الستة منذ التصويت الأخير، قال رئيس البرلمان: ينسى الناس أن الأزمات وعدم الاستقرار هي من طبيعة الفترات الانتقالية التي كثيرا ما تتميز بالخروج من أزمة والدخول في أخرى ولنا في التاريخ البشري البعيد والقريب أمثلة عديدة على ذلك، وعلى ما اتسمت به تلك الفترات من حروب أهلية وانقلابات وتمزّقات للأوطان، من هذا المنطلق وبالمقارنة يمكن اعتبار المثل التونسي حالة نجاح ولعله النجاح الوحيد في المنطقة وفى سياق ثورات الربيع العربي، والتكاليف من أجل الحرية يمكن اعتبارها بسيطة بالمقارنة مع ما تكبدته الثورات التي قامت في المنطقة وتعثّرت وذهب ريحها. لكن دعاة الثورة المضادة وأصحابها يلجؤون دائما إلى تهويل الأمور والمناداة بالويل والثُّبور.

وتابع: لقد سبق أن قلت إنني تم انتخابي من أغلبية زملائي. الجميع يعلم أن الهدف من تكرار هذه المحاولات التي أصبحت لا تخلو من عبثيّة، هو سياسي بامتياز ويرمي إلى ترذيل المؤسسة البرلمانية وتوتِير الأجواء ومنع تحقيق الاستقرار.

خلاف سياسي

على صعيد متصل، ينتظر 11 وزيرا في تونس مباشرة مهامهم منذ نحو شهر، بينما يحتدم الخلاف السياسي بين الرئيس التونسي قيس سعيّد من جهة، والبرلمان ورئيس الحكومة هشام المشيشي من جهة أخرى.

وتنتهج تونس منذ ثورة 2011 نظاما سياسيا هجينا بين البرلماني والرئاسي ما ساهم في تعميق الخلافات بين رأسي السلطة في ما يتعلق بالصلاحيات الدستورية.

وأعلن رئيس الحكومة الذي كلفه سعيّد بتشكيل حكومة ليست حزبية في 16 يناير الماضي تعديلًا شمل 11 وزيرا بطلب من أحزاب الحزام السياسي، وهي الأحزاب الداعمة لحكومته. وجاء التعديل وسط أزمة صحية والبلاد تسجل عشرات الوفيات يوميا بسبب فيروس كورونا.

وسعى المشيشي عبر التعديل للخروج من عزلته السياسية ودعم غالبيته في البرلمان المؤلفة أساسا من حزب «النهضة» الإخواني وحليفه «قلب تونس» الليبرالي وكلاهما يخوضان صراعا سياسيا حادا مع سعيّد.

ونال وزراء المشيشي في 27 يناير ثقة البرلمان بالرغم من تحفظ سعيّد الذي ينتقد المسار «غير الدستوري» في التعديل ويتحدث كذلك عن شبهات بالفساد وتضارب المصالح تحوم حول بعض الوزراء.

ومنذ مصادقة البرلمان على التعديل، لم يرسل سعيد دعوة رسمية للوزراء لأداء اليمين في قصر قرطاج ولم يصدر المرسوم الرئاسي لتعيينهم في مناصبهم.

ونشرت منظمة «أنا يقظ» غير الحكومية والمتخصصة في ملفات الفساد، تقريرا استقصائيا بيّنت فيه أن وزير الصحة المقترح الهادي خيري تحوم حوله شبهات بالفساد في ملف قضائي تورط فيه شقيقه في قضية قتل مواطن في 2019، وأنه وظف علاقاته للتأثير في مسار القضية.

أما وزير الطاقة المقترح سفيان بن تونس المقرب من حزب «قلب تونس»، فقد قام، وفق المنظمة، بعملية وساطة في التوقيع على عقد أداء خدمات استشارية وترتيب لقاءات مع سياسيين أمريكيين لدعم الحملة الانتخابية الرئاسية لرئيس الحزب نبيل القروي.

بينما هناك شبهات بتضارب في المصالح بحق الوزير المقترح للتشغيل يوسف فنيرة عندما كان يشغل منصبا في تلك الوزارة، وقد قامت شركة خاصة يملكها أقاربه بتقديم خدمات للوزارة ولم يتم الأعلام بذلك.

أمام رفض سعيّد الوزراء وتشبثه بموقفه إزاء حكومة المشيشي، قام رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل بدور الوساطة لحلحلة الخلاف، لكن لم تظهر بوادر انفراج للأزمة.