فيصل الخريجي

ما زالت مستهدفات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 تصحح المسار الاقتصادي الوطني بصورة تدعو للفخر، وتعزز قيم المصالح الوطنية، ومبادئ طبيعة المال، فالمال يبحث عن موطنه، الذي يتحلى بسمات الأمان والقوة والاستقرار وضخامة البنية التحتية، والجغرافيا المتميزة، والمساحة القارية، وأعداد المستهلكين المليونية، السعودية تعد أكبر دول الشرق الأوسط مساحة، وتقع تحديدًا في الجنوب الغربي من قارة آسيا، وتشكل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية إذ تبلغ مساحتها حوالي مليوني كيلو متر مربع، ويتجاوز عدد سكانها الثلاثة والثلاثين مليون نسمة، نحن نتحدث عن سوق ثري وجاذب، فكان لزاما على الذي يستفيد منه أن يفيده أيضًا بالانتقال بمقره الإقليمي إلى داخل أراضي المملكة؛ حيث أعلنت المملكة العربية السعودية إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة ابتداءً من مطلع عام 2024. ما لم تقم بنقل مقرها الإقليمي إلى داخل المملكة وتعد هذه الخطوة الواثقة والجريئة تمكينا للاقتصاد الوطني من خلال استقطاب الشركات والاستثمارات العالمية لأراضي المملكة، وخلق الفرص الوظيفية وتبادل الخبرات المعرفية للشباب السعودي، وتعزيز نمو القطاعات الناشئة، والحد من التسرب الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنفاق وضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية، التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها وفق رؤية المملكة وبمحتوى محلي مناسب. وفي المقابل سوف تستفيد الشركات العالمية من قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، والإجراءات والاستثناءات المخصصة للشركات الأجنبية على أراضيها، وسوف يتسنى لها تفّهُم طبيعة وحجم احتياجات السوق السعودي عن قرب، ومن المؤشرات التي تؤكد سلامة قرار حكومة المملكة هو إعلان 24 شركة عالمية نقل مقراتها الإقليمية إلى مدينة الرياض. فخورون برؤية الوطن، التي تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، وتغلّب مصالح الوطن والمواطنين على جميع الاعتبارات الأخرى، وتزيل الواقع غير العادل وغير المنطقي في استفادة الشركات العالمية من مشاريع المملكة العربية السعودية الضخمة لتقوم هي بدورها بفتح مقارها الإقليمية في بلدان لا تمارس فيها نشاطا يستحق الذكر.

falkhereiji @