شيخة العامودي تكتب:

الأمثال العربية تعجبني سواء كانت بالفصحى أو العامية لأنها غالبا تصدر عن موقف عنون التجربة في الحال بعبارات حملت مشاعر وشعورا ووصفته بكلمات قليلة تحمل مدلولات كثيرة وكلما عاش البشر نفس الموقف واستعاروا المثل كان ذلك مؤشرا على مصداقيته.

من الأمثلة الجميلة ذات المؤشر المعرفي العالي «فولة وانقسمت نصفين» وهو مثل يدل على مصادفتك لنموذجين تشابها من ناحية أو عدة زوايا قد يكون الشبه شكليا، أو في الصوت أو في الأسلوب أو في الفكر وأحيانا يجمع شيئين أو ثلاثة.

واختيار الفول لصوغ التشبيه يرجح نظريتي التأملية في تحليل البشر تقول:

نحن في الحياة كأشجار مثمرة راسخة جذورها ممتدة من آلاف السنين لنا أغصان وأوراق، الأغصان كثيرة متفرعة متمسكة بقوة في الجيد لا تفصل إلا بجهد عظيم كالقيم، الأخلاق، سمو الروح، الوطنية، الانتماء، الموهبة وفطرة الحواس.

الأوراق: كل طارئ بما يلحق هذه الكلمة من معان يدخل إلى حياتك أو يلامس طباعك من تغير أو تطور يسايرك، من حلم يسكنك، أو هدف يستضيفه مقصدك، من أشياء توقعتها وأصبحت أشياء، من عارض أصابك بنجاحات وآخر بخيبات، من أمور حققتها وأخرى فنت رغم المحاولات، الأصدقاء ومن صاحبك كل ذلك طارئ ينبت على غصنك تصادف أيها في مفترق الحياة قد تعبر على ذاك الطارئ مرور الكرام، قد يرسخ فيك وقد يسايرك، في تلك الأمور أنت وحدك من تقيم تلك الأوراق وتضع درجات إنجازاتك تصحح ما تشاء وتلغي ما تشاء وتكتب ملاحظات، تحسن، تقصي، تضيف على ما تشاء، وتسقط ما تشاء.

وفي البشر ما تتمسك به تجعله ساكنا لا يغادرك إلى أن يهرم محتواه فيسقط ذاته، أو يغادر عن الحياة بتذكرة ذهاب تترحم عليه بحب وحزن ووفاء.

بعض من سكنك من البشر تحدد أنت أيبقى على حاله أو يثمر فإن أثمر أصبح بينكم نسب بذرته ستسقط ستنمو أخرى أخذت شيئا من ملامحك، فكرك، قناعاتك، بصيرتك، إيجابيتك لتستمر دورة الحياة نؤثر ونتأثر نختار ونختار، أحيانا تتداخل المكونات فنصبح ثنائيا مقسوما نحمل ملامح بعض بالقناعات، بالأفكار، بالصفات فنكون كتلك «الفولة»، وأحيانا هناك من يتخير أن يكون نسخة أمرها ما حاول الإنسان فيها أن يقلد إنسانا شكلا بمبضع جراح فيلغي نفسه في الأشباه أو ينسخ غيره ويلصق به أفكاره متحايلا على الحقوق بالادعاء دون وجل، هنا يفسد الثمر مهما كان شبيها في المكونات وهذا يحدث فقط في البشر ولا يخضع له الشجر أو ما يسقطه من ثمر.

ALAmoudiSheika@